سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"محمد الناصر" (الوزير السابق ورئيس جمعية «تونيتون») ل "التونسية": أدعو إلى تجاوز التجاذبات السياسية وإرساء عقد اجتماعي جديد ... لايمكن ل «الترويكا» أن تجد الحلول بمفردها...
انضممت لمبادرة قائد السبسي لأنها في خدمة تونس وليست ضدّ أحد... لابدّ من تقاسم المجهود وتقاسم الأعباء ... حاوره: محمد بوغلاب عمل محمد الناصر وزيرا للشؤون الاجتماعية في أزمنة سياسية مختلفة، مرة أولى في حكومة الهادي نويرة(1974-1977) حتى تقديم استقالته نهاية 1977 أسابيع قليلة قبل أحداث 26 جانفي 1978 ، ومرة ثانية في حكومة نويرة ثم في حكومة محمد مزالي حتى تنحيته سنة 1985 بعد تقسيم الوزارة إلى وزارتين ، كان واضحا أن الهدف منه هو التخلص من محمد الناصر ، ثم عيّنه الزعيم بورقيبة رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي وهي الخطة التي شغلها في السنوات الأولى من حكم بن علي . شغل محمد الناصر منصب رئيس البعثة الدائمة لتونس لدى الأممالمتحدة والهيئات الدولية المختصة بجينيف بين سنتي 1991 و1996، وعيّن سنة 2005 منسقا للميثاق العالمي للأمم المتحدةبتونس . انضم لحكومة الغنوشي الثانية بعد الثورة وبقي ضمن التشكيل الحكومي للباجي قائد السبسي . لا أخفي أني لم أكن محايدا في محاورتي للرجل إذ انطلقت من حكم مسبق بأنه رجل دولة نظيف اليد وكريم الخلق، ما فاجأني هو حياء الرجل وخجله وإيثاره التحفظ حين يتعلق الأمر بمن عاصر من رجال السياسة . ولذلك اجتهدت للتوفيق بين رغبتي الصحفية في أن تكون أسئلتي حادّة ورغبتي الإنسانية في أن أحتفظ بعلاقة ودية مع الرجل بعد إنهاء الحوار . هل تؤكد خبر انضمامك لمبادرة الباجي قائد السبسي؟ نعم، لأنها مبادرة منطلقة من محبة للبلاد ورغبة في خدمتها ونحن في حاجة إلى لم الشمل وتوسيع الحوار الوطني والعمل على أن يكون الإنتقال الديمقراطي سليما. ما تسميه أنت لمّ شمل يبدو لآخرين أنه زيادة في التفرقة، كان يمكنكم الانضمام ل«الترويكا» مثلا؟ لا تهدف المبادرة بأي شكل من الأشكال للتفرقة بين «الترويكا» وسائر مكونات الحياة السياسية ، بل على العكس من ذلك الغاية منها تنظيم العمل السياسي والتنقيص من تشتت الأحزاب الذي هو مضر بالحياة السياسية كما بينته انتخابات 23 أكتوبر، وهي ليست ضد «النهضة» أو «الترويكا» بل تهدف إلى تنظيم الحياة السياسية على أساس قواعد متفق عليها بين الجميع ، فيها احترام الطرف المقابل وإن كان مختلفا مادام الرابط بيننا هو مصلحة البلاد. هل اتصل بك سي الباجي؟ نعم هو الذي عرض عليك الانضمام لمبادرته؟ أفضّل عدم الخوض في الجزئيات هل كنت منتميا للتجمع الدستوري الديمقراطي قبل الثورة؟ لا لم أكن منتميا ل «التجمع» والحزب الدستوري (قبل أن يصبح الحزب الإشتراكي الدستوري سنة 1964)؟ تقلدت مناصب بدءا من رئيس شعبة -إذ كنت مؤسس شعبة الطلبة سنة 1954 بمعهد الدراسات العليا - كما ترأست الشعبة الترابية بالجم سنة 1960 قبل أن أرأس بلدية الجم ثم في لجنة التنسيق فاللجنة المركزية وصولا إلى الديوان السياسي. هل أنت فخور بهذه المسيرة الحزبية الطويلة؟ نعم أنا فخور بهذه المسيرة. ألست نادما عليها؟ لا، لأنها أعطت لتونس الكثير. هناك أطراف تعتبر تاريخ دولة الاستقلال تاريخ فساد واستبداد؟ هذا رأي بعض الناس، ربما لهم أسباب تجعلهم يفكرون بهذه الطريقة ، ربما لم يجدوا حظهم في الوقت المناسب، أو ربما تغربوا أوعذبوا أوسجنوا ولكنها في النهاية أسباب شخصية لأن أية نظرة موضوعية لخمسين عاما من الاستقلال تبيّن أن تونس المستقلة ذات السيادة بنيت ، صحيح هناك مشاكل وأخطاء ولكن البناء تم والمجتمع التونسي بلغ مستوى متميزا بالنسبة إلى غيره من المجتمعات أن يترأس الباجي قائد السبسي حكومة بعد الثورة ويستنجد بك وأنت إبن جيله، أن تكون له اليوم مبادرة سياسية فهل يعني ذلك أن آخر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها؟ لا أبدا، هذه البلاد غنية بالكفاءات غير أن محبة البلاد مشتركة بين كل التونسيين من مختلف الأجيال ولا يوجد أحد أكثر وطنية من غيره ، لا فرق بين شاب وكهل وشيخ، ربما تجربتي أنا وغيري سمحت لنا في وقت استثنائي بتقديم نصيب من خبرة الحياة لنبلغ شاطئ الأمان ، ربما كان التونسيون في حاجة إلى من يشعرهم بالأمان ولكن جيلي وسي الباجي لم يحتكر الحكومة التي ضمت عدة وجوه من جيل الشباب. هناك من رأى بأنه أصلح لكم الاعتناء بأحفادكم ؟ نحن لسنا مترشحين لأي منصب ولا نزاحم القيادات السياسية ولا نرى أنفسنا منافسين لأحد على أي منصب بل نتنافس في خدمة تونس. أليس لك أي طموح سياسي؟ بالتأكيد ليس لي أي طموح سياسي، أنا إنسان واقعي وأدرك أن الزمن لغيري ولكن لا يمكن لأي كان أن يمنعني من خدمة بلدي سواء من باب السياسة أومن غيرها . هل يصح هذا عليك وعلى سي الباجي؟ لست المتحدث بإسم سي الباجي ولكني أتحدث عن نفسي، المهم أن منطلقنا هو الاستعداد لإفادة البلاد دون طموح سياسي أو غرور أي ليس لنا وهم الاعتقاد بأن ما نقوم به نحن لا يمكن لغيرنا أن يقوم به ولكن الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد هي التي اقتضت عودتنا إلى الساحة السياسية. متى التقيت بن علي آخر مرة؟ (يحاول أن يتذكر) مر زمن طويل على ذلك ولكن ذلك كان في التسعينات. هل كنت تعرفه من قديم؟ لا ، ما نعرفوش بمعنى أني لم أتعامل معه من قريب ، حين كنت وزيرا للشؤون الإجتماعية في الثمانينات، كان هوكاتب دولة للداخلية « ما قعدناش مع بعضنا» وحين أصبح رئيسا للدولة وأنت على رأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي كيف كان التعامل معه؟ كان يرغب في التدخل في كل شيء «في الشقيقة والرقيقة» لم يكن يحبذ من الآخرين ان يبادروا ، أذكر أنه تمت تسميتي رئيسا للبعثة الدائمة بجينيف، وتم انتخابي رئيسا للجنة حقوق الإنسان، لما أعلمت مدير ديوانه آنذاك عبر عن اشمئزازه لأنه لم يكن له دخل في اختياري لهذه الخطة. عملت وزيرا مع الهادي نويرة ومحمد مزالي ومحمد الغنوشي والباجي قائد السبسي فما الذي يمكن أن تقوله عن هؤلاء؟ لن أعلق بشيء لأن هذا ليس دوري ، لكل منهم خصاله، ما يمكنني قوله أني تشرفت بالعمل مع الهادي نويرة خمس سنوات وكان رجل دولة بأتم معنى الكلمة والوصف ذاته يصحّ على الباجي قائد السبسي. هل أفهم من كلامك بأن مزالي والغنوشي ليسا رجلي دولة؟ أنا لم أقل هذا ولا أزيد أكثر، كما أني لم أعمل طويلا مع محمد الغنوشي (27جانفي 2011-مارس 2011) وكانت الظروف إستثنائية ولا أريد أن أظلم الرجل. على أي شق كنت محسوبا زمن بورقيبة؟ هل أنت من «جماعة وسيلة»(زوجة بورقيبة صاحبة النفوذ في قصر قرطاج)؟ (يضحك) لست من جماعة احد ، كنا ننتمي إلى حزب وكنا نعمل تحت إمرة الزعيم بورقيبة. أنت تعرف أن بعض الوزراء كانوا محسوبين على وسيلة بورقيبة؟ هذا ليس دوري أن أفرز الناس وأصنف الوزراء كيف كانت علاقتك بالباجي قائد السبسي وقتها؟ كانت علاقتنا ودية هل كنت معه في نفس المجموعة؟ وهل كان لسي الباجي مجموعة؟ يقال إنه كان قريبا من وسيلة؟ ربما ، في نظري هذه مسائل مفتعلة (هنا يتوقف سي محمد عن الرد ويوضح انه ليس مستعدا للخوض في جزئيات مثل هذه وبأنه جهز نفسه لأسئلة أهم من النبش في الماضي). هل تفكر في كتابة شهادتك عن مرحلة حكم بورقيبة؟ نعم أنا بصدد كتابة شهادتي عن مرحلة بورقيبة وسأضيف إليها مرحلة ما بعد الثورة . متى التقيت بورقيبة لآخر مرة؟ (يحاول التذكر) أظن سنة 1985، خرجت من الحكومة في نوفمبر 1985 وحتى أكون دقيقا تمت إقالتي بسبب موقفي من علاقة الحزب والحكومة بالاتحاد العام التونسي للشغل قبل انقلاب «الشرفاء» على قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، وقبلها كنت استقلت من حكومة الهادي نويرة في ديسمبر 1977 مع خمسة وزراء احتجاجا على توتر علاقة الحكومة مع الاتحاد العام التونسي الشغل وعبرنا عن رفضنا لمنحى التشدد الذي سلكته الحكومة آنذاك، ثم عدت سنة 1979 . من الذي أقالك في نوفمبر 1985؟ بورقيبة أو مزالي؟ (يتردد في الإجابة ثم يقول) تلقيت مكالمة هاتفية من السيد الرئيس، أعلمني بتحوير في الحكومة فقلت له «إلي تقرر مبروك» فقال بأنه ستتم قسمة وزارة الشؤون الاجتماعية على جزأين وزارة للشغل ثم سمعته يسأل «شنية الوزارة الأخرى سي محمد؟» أي أن بورقيبة أفهمني أن مزالي بجانبه وأنه هو صاحب فكرة تقسيم الوزارة . في أوت 1985 تعكرت العلاقة بين مزالي والحبيب عاشور ثم أطرد القذافي 30 ألف عامل تونسي ورأى مزالي آنذاك أن الظرف يتطلب تنازل الإتحاد عن مطالبه وكنت همزة الوصل مع الاتحاد ولكننا لم نصل إلى حلول ، شخصيا في اجتماع مشترك بين الحكومة والديوان السياسي اعترضت على أسلوب إدارة مزالي للأزمة فتمت إقالتي ، بعدها استقبلني بورقيبة وكلفني بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ما موقفك مما روّجته بعض الجهات الحكومية بخصوص السنة البيضاء(تجميد الأجور)؟ لا بد أن نعترف بأن الوضع صعب، وهذا ليس جديدا فمنذ الثورة انفجرت الطلبات والطموحات الاجتماعية بالنسبة إلى كل الأصناف محرومين ومنسيين ومهمشين الذين خاضوا الثورة وعبروا عن مطلبين أساسيين، أنهم غير قادرين على التحمل أكثر وبوعيهم بحقوقهم كمواطنين، الوضع صعب على كل التونسيين خاصة مع عدم انسجام الطلبات مع الواقع الاقتصادي ولكن إذا كانت هناك تضحية لا بد ان تكون من مختلف الفئات الاجتماعية. إن ما يشغلني هو كيفية التعبير عن الطلبات وهي موضوع انشغال بالنسبة إلى الرأي العام لأن المطالبة أصبحت على أساس عصيان مدني وتعطيل المصالح العمومية والإضرار بمصالح الغير وهذا شيء مرفوض ، ما ظهر أيضا هو استعمال العنف لتحقيق مكاسب وهذا مرفوض أيضا، الأكثر من هذا وما يحير أكثر هو إنحلال الروابط الاجتماعية بين فئات المجتمع التونسي. هل هذه ظاهرة وليدة بعد الثورة؟ بالعكس فجر الثورة رصدنا مظاهر تضامن بين المواطنين بشكل رائع وربما غير مسبوق من خلال لجان الأحياء التي تطوع خلالها التونسيون لحماية ممتلكاتهم وأملاك جيرانهم في أحيائهم وقراهم ومدنهم والمؤسسات العامة، وكذلك قوافل التضامن التطوعية والتلقائية مع اللاجئين من ليبيا وهي مظاهر أفتخر بها كتونسي، أكثر من ذلك «الناس عطات فروشاتها وديارها، أبدع ما شفت من ها الشعب العظيم» من مظاهر التضامن والروح الوطنية مع الأسف تراجعت هذه الروح وظهرت المصالح الفئوية وبدأنا نسمع بمعارك بين سكان المدينة الواحدة والحي الواحد وبمظاهر فئات تحاول السيطرة على الفضاء العام بلباس معين وتفكير معين وفهم للدين غير مألوف بين التونسيين، ما يخيف أكثر أن الناس لم تعد تنظر إلى القانون على أنه سيد للجميع كما تدنت هيبة الدولة وقدرتها على فرض احترام القانون وهذا يدل على انحلال اجتماعي. ما هو الحل ؟ هل البوليس هو الحل؟ لا يمكن أن يكون الحل أمنيا. هل هو جزء من الحل؟ الحل في وفاق اجتماعي ، عقد اجتماعي جديد ناديت به ودعوت إليه في أول اجتماع حضرته في هيئة تحقيق أهداف الثورة في أفريل 2011 ففي هذا الظرف التاريخي الاستثنائي وأمام التفاوت بين سقف التطلعات الاجتماعية وهشاشة الوضع الاقتصادي لابد من وفاق وطني حول خطة تؤمن مرحلة الانتقال الديمقراطي بسلام وبأقل كلفة مما يتطلب تجاوز الانقسام السياسي الراهن بين احزاب تمثل اغلبية اعضاء المجلس التأسيسي تمارس الحكم وأحزاب تمثل الأقلية وتعارض . هذا الحراك السياسي يرمي في الوقت الحالي إلى كسب رهان الانتخابات القادمة على حساب ما يتطلبه الوضع من تضافر كل الجهود لمجابهة مشاغل المواطنين والمواطنات المتأكدة ، وتحصين الانتقال الديمقراطي من كل عوامل الانتكاس، وهذا الوفاق هو رهين حوار وطني مسؤول وبناء ومطمئن تساهم فيه الأحزاب السياسية إلى جانب ممثلي أطراف الإنتاج والمنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني التي لم تتوفر لها فرص المشاركة في حوار وطني لغياب الإطار الملائم لذلك . فالوفاق المطلوب والمنتظر من مختلف فئات المجتمع من شأنه إعادة الثقة في الحاضر والمستقبل وتوضيح الرؤى ولم الشمل وإذكاء روح التضامن الوطني بين مختلف فئات المجتمع مما يستوجب وفاقا حول خارطة الطريق والأولويات بالنسبة إلى المدة الانتقالية إلى تاريخ الانتخابات المقبلة ، ووفاقا حول مقتضيات الانتقال الديمقراطي وبناء توافقات تاريخية تمثل أرضية صلبة لعقد اجتماعي جديد يربط بين الدولة والمجتمع تلتزم به جميع الأطراف من حكومة ومعارضة ومنظمات وطنية وقيادات الرأي العام. كنت دعوت إلى هذا الحوار الوطني الغاية منه ليس الحوار في حد ذاته بل إبراز وفاق حول قاعدة صلبة يبنى عليها العقد الاجتماعي الجديد بين الدولة والمجتمع. سي محمد ، المواطن ينتظر إجراءات عملية لتطعمه من جوع وتأمنه من خوف وأنت تتحدث عن حوار وطني؟ الحوار ليس هدفا في حد ذاته، لا يوجد مسؤول يملك عصا سحرية اوقادر على تقديم وصفة متكاملة وعاجلة، لا بد من وفاق حول تقاسم الأعباء وهنا أعود إلى سؤالك حول السنة البيضاء ووفاق حول الأهداف ، لا بد من تقاسم المجهود وتقاسم العبء. ماهي التنازلات التي يجب على إتحاد الشغل تقديمها؟ ولماذ الإتحاد دون غيره؟ الحل لا يكمن في تنازل الإتحاد أوعدم تنازله ، لا بد من تشخيص الواقع وضبط سلم الأولويات وإيجاد الحلول لإعادة الثقة في القانون والدولة وضبط قيم وقواعد للانتقال الديمقراطي ، هذه هي العوامل التي ستجعل التونسيين ينظرون إلى الغد بتفاؤل ، اليوم يشعر الناس بأن الآفاق مسدودة ، والمشهد السياسي الراهن منقسم بين «ترويكا» احزاب حاكمة تحاول ان تثبت انها ناجحة ومعارضة تنتقد وتسعى إلى إبراز فشل الحكومة ، وهذه الوضعية لا تخدم احدا ولا تسمح بسلاسة الانتقال الديمقراطي وتأمين هذه المرحلة بأقل كلفة اجتماعية. بهذه الطريقة سيكون الجميع خاسرا و«الترويكا» بمفردها لا يمكن أن تجد حلولا ، لذلك لا بد من ضبط قواعد التعايش الديمقراطي للمستقبل وفي الانتخابات القادمة لكل حزب إمكانية الفوز بعد عرض مشروعه على الشعب التونسي. هل أنت مع الزيادة في الأجور؟ الموضوع لا يطرح مجزءا بل ينظر إليه في إطار نظرة عامة تتعلق بضبط الأولويات ، كما قلت لك لابد من حوار وطني حول تحديات المرحلة. يرى البعض أنك لم تتخذ قرارات إستراتيجية في وزارة الشؤون الاجتماعية وحافظت على نفس اسلوب العمل القديم وحافظت على الوضع القائم؟ أعتقد أن هذا الحكم فيه بعض التجني على ما أنجزناه أوشرعنا في إنجازه. نحن جابهنا الأوضاع المتأكدة ووضعنا قاعدة للعمل المستقبلي بما يضمن أكثر عدالة اجتماعية، أعددنا برنامجا لإعادة هيكلة الضمان الاجتماعي وبرنامجا لمقاومة الفقر وتحسين ظروف عيش الفئات المحتاجة وبرنامجا لمساعدة الشباب على الانتصاب الحر وهذه البرامج ساهمت في إعدادها كفاءات وزارة الشؤون الاجتماعية بمساهمتي الشخصية بحكم تجربتي السابقة في الوزارة ومعرفتي للمجتمع وهي برامج موجودة في الوزارة وكان من المنتظر أن يقع الانطلاق منها. هل أخذها خلفك(خليل الزاوية) بعين الاعتبار؟ لا أشعر بأنه تم أخذ هذه الدراسات والبرامج بعين الاعتبار كنت وزيرا للشؤون الاجتماعية وأريد أن أفهم ما الذي يجري في قفصة وفي شركة فسفاط قفصة تحديدا؟ موضوع شركة فسفاط قفصة مشكل مزمن ، والأطراف المتدخلة مختلفة ووزارة الشؤون الاجتماعية لا تهتم إلا بمظهر الإضراب ، هناك سلطة الإشراف وهي وزارة الصناعة ، لا تنس انتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008 والثورة بدأت منذ تلك الأحداث، صحيح أن العاملين في فسفاط قفصة «يخلصوا مليح» ولكن أوضاع المنطقة صعبة بوجود عدد كبير من العاطلين عن العمل. ما هو حل هذا المشكل المزمن؟ الحل هو في مشاركة فسفاط قفصة في إحداث مشاريع(وهوما شرعت فيه) ضمن رؤية أنا مهتم بها وهي الدور المجتمعي للمؤسسة الاقتصادية فالمؤسسة الاقتصادية لا بد أن تتفاعل مع محيطها بالمساهمة في تحسينه وتغييره وعدم الاقتصار على دفع أجور عملتها، تلاحظون كيف تعطل معمل الإسمنت بالنفيضة ومطالبة سكان عين مذاكر بتعويضات عن التلوث نفس الشيء حدث في سيدي بوزيد وقرقنة ... فالمؤسسة الاقتصادية عليها أن تدرك اليوم ان ديمومتها مرتبطة بسلوك مجتمعي مسؤول يستجيب لطلبات الناس الذين تتعامل معهم ، والمستقبل بالنسبة إلى فسفاط قفصة أن يكون لها سلوك مجتمعي يساهم في تحسين واقع المجتمع من حولها. لماذا اقتصرت طيلة سنوات عملك في الحكومة على وزارة الشؤون الاجتماعية، ألا تصلح لغيرها؟ قد أفاجئك إذ أخبرك بأن محمد الغنوشي اقترح عليّ وزارة الداخلية قبل فرحات الراجحي ولكني إعتذرت لأني لا أرى نفسي في هذه الوزارة ، ربما الظروف هي التي حكمت بذلك كما أن تكويني في القانون الاجتماعي ساهم في ما تراه تخصصا ولكني عملت بوزارة الخارجية وشغلت خطة وال بسوسة. ماهي علاقتك بمسقط رأسك الجم؟ مثل كل إنسان يرتبط وجدانيا مع أصله وأهله، ذات مرة قلت إنه يمكن أن تسحب عني كل الصفات إلا انتسابي للجم. أنت مؤسس مهرجان الجم الدولي للموسيقى السنفونية، فهل أنت راض عما بلغه هذا المهرجان؟ كنت رئيس جمعية صيانة مدينة الجم والرئيس الشرفي لمهرجان الجم للموسيقى السنفونية ولا فائدة من العودة إلى ظروف إبتعادي، والجديد أنه يوم 5 جوان سنجتمع مع هيئة مهرجان الجم وسأعود بطلب منها للرئاسة الشرفية للمهرجان الذي بعثناه سنة 1985 وهومهرجان ناجح وسيتواصل نجاحه إن شاء الله. ما الجديد في تظاهرة «تونيتون» الذي تترأس جمعيته التي بعثت مؤخرا؟ من باب الأمانة أذكر بأن المبادرة هي لإعلاميين تونسيين في الخارج(توفيق مجيد وليلى الشايب بشكل خاص) وقد عرض علي زملاؤك أصحاب المبادرة أن أكون رئيسا للجمعية وهذا شرف لي بأن أساهم في هذا المشروع الوطني، والحفل سيكون يوم 9جوان في المسرح البلدي ونحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة لهذا الحدث الذي آمل أن يساهم في توطيد الروابط الاجتماعية بين التونسيين ويفتح باب المستقبل لكثير من شبابنا الذين سيستفيدون من دعم الجمعية في بعث مشاريعهم المعطلة بسبب إفتقارهم للتمويل الذاتي. كيف تختم هذا الحوار؟ أقول للتونسيين إننا في حاجة إلى وفاق وطني وإعادة الثقة والاطمئنان وتجاوز التجاذبات لتأمين مستقبل زاهر لتونس.