دعت الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية الصحافيين إلى ندوة (تبين لاحقا أنها في مجملها خطاب للضيف) عقدها صباح أمس النائب السابق بالبرلمان اللبناني ناصر قنديل بدار الثقافة إبن خلدون. دلفنا إلى القاعة في تمام العاشرة، بدا واضحا جو الحماسة والالتزام القومي من خلال لافتات متنوعة تتضمن شعارات من قبيل «بالعروبة والإسلام ما نخلي الصهيوني ينام»، »الشعب يريد تحرير فلسطين» «وحدة الكفاح القومي الإسلامي طريقنا إلى فلسطين حرة وأمة موحدة»، وتصدرت صورة شيخ المناضلين حسين التريكي المنصة.. وكان تقني الصوت منشغلا بترتيب أموره في ما كان أحدهم يتسلق سلّما لتعليق إحدى اللافتات ذات النفس العروبي. وبتأخير دام نصف ساعة حل الضيف «الأستاذ الدكتور المناضل المقاوم بالسلاح والقلم بطل معركة المطار ضد إريال شارون» كما تطوع أحد المنظمين لتقديمه بإطناب وبكثير من الإعجاب. كنت أود أن أطلب الكلمة لأقول لصاحبنا أني معه في أننا بالعروبة وبالإسلام لن ندع الصهيوني ينام وبأننا سندفع هذا الصهيوني إلى أن يقاطع النوم طيلة حياته لو التزمنا بموعد انطلاق الندوة الصحافية، ولكني بصراحة خشيت على نفسي من ردة فعل قاسية وأنا أرى الأكف تلتهب تصفيقا للضيف الكبير حتى قبل أن ينطق بكلمة واحدة. تكلم ناصر قنديل وهو وجه دائم الحضور في الفضائيات العربية «المقاومة»، وهو كما ورد في سيرته المتداولة يساري ناصري في شبابه، شارك في القتال أثناء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت سنة 1982، ربطته بنبيه بري (رئيس حركة أمل الشيعية) وإميل لحود (الرئيس اللبناني السابق) علاقة وطيدة، وهو مقرب من حركة «أمل» ومن «حزب الله» في الوقت ذاته وهو حليف لسوريا بطبيعة الحال. انتخب سنة 2000 نائبا عن لائحة الرئيس»الشهيد» رفيق الحريري قبل أن ينفصل عنه، عين رئيسا للمجلس الوطني للإعلام في بلده لبنان ويدير الآن شبكة توب نيوز الإخبارية. تحدث ناصر قنديل طويلا ودافع عن جمال عبد الناصر وعن بشار الأسد وبيّن أن الاستقلال الداخلي لا يمكن تحقيقه إلا بوضع قضية فلسطين في صدارة اهتمامات الدول العربية. ودعا إلى النقاش لتقييم ما نحن فيه واستشراف المستقبل وقال بأن عين النقد العلمي لا بد أن تشتغل بعيدا عن العدائية والانزلاق إلى المهاترات، وذكّر بتضحيات الشعوب في الثورة العربية الكبرى التي أدت في النهاية إلى اتفاقيات سايكس بيكو وميلاد دولة إسرائيل سنة 1948. وقال إن عبد الناصر لم ينجح في تحقيق التطلعات المشروعة للشعوب العربية لأننا تنازلنا عن حقنا النقدي وقال إنه علينا ألا نسمح للأجنبي بأن يركب قطارا لم يكن له أي دخل فيه هو قطار الربيع العربي كما انطلق في تونس عفويا شعبيا وطنيا مضيفا» أخص بالتحديد التيارت الإسلامية، نحن ندعو إلى أن نحميكم من أنفسكم لأن المؤامرة تستهدفكم، يريد العرب توريطكم في السلطة بخزائن خاوية ومطالب شعبية سقفها مرتفع « ونبه الحركات الإسلامية في تونس ومصر وغيرها إلى عدم السقوط في فخ التفريط في القضية الفلسطينية ودعا الحركات السياسية العربية إلى رفض تصنيف الصراع على أنه صراع قومي إسلامي أو ليبرابي يساري، الصراع الوحيد هو ضد المشروع الصهيوني. وأشار إلى أن التسابق على المناصب مقبول والاختلاف أمر طيب وإثراء للحياة السياسية، لكن في هذه اللحظة التاريخية لا بد من التزام كل أغلبية بمدّ يدها للأطراف الأخرى بعيدا عن منطق الأرقام الانتخابية فمن هو فائز اليوم قد يخسر الانتخابات غدا. والمنهزم اليوم قد يصبح أغلبية غدا، ولذلك فالموقف من فلسطين والقرارات الإستراتيجية لا ينبغي أن يكون رهن العملية الانتخابية بل لا بد أن يتم في إطار هيئة وطنية خارج المؤسسات الخاضعة للعبة الإنتخابية لتكون القرارات محل توافق وطني يحكمه سقف الوفاق الداخلي في كل دولة عربية. وعن خيار المقاومة قال قنديل» لقد أثبتت تجاربنا عبر قرن مضى ان كلفة المقاومة اقل بكثير من كلفة الاستسلام والخضوع للأجنبي، لقد دفعنا في الاجتياح الإسرائيلي قبل أن تبدأ المقاومة مشروعها 130 ألف شهيد و30 مليار دولار بقيمة تلك السنوات (أي ما يعادل 100 مليار دولار اليوم). أما كلفة المقاومة ورد العدوان وردعه وتحرير الأرض وإنشاء ميزان قوى تحسب له إسرائيل ألف حساب فلم تتعد 20 ألف شهيدا وثلاثة مليارات دولار، هذه هي المعادلة وهي معادلة قومية وليست معادلة لبنانية فضلا عن معنى الشعور بالكرامة والعزة». وأضاف ناصر قنديل «إن المقاومة في حاجة إلى أن تشعر بأن الأمة تنتصر لها، وغزة اليوم تحتاج إلى قوافل سلمية مدنية لا إلى جيوش عربية لتحريرها وأنا أدعو إلى أن تنطلق من تونس والمغرب العربي والخليج والأردن وبلاد الشام مسيرات سلمية نحو غزة في 15 ماي (ذكرى تأسيس إسرائيل) برا وبحرا دعما للشعب الفلسطيني، وأدعو إلى تأسيس هيئات وطنية لتنظيم مسيرة سنوية في 15 ماي لتحرير فلسطين، لأنه عندما تسقط راية فلسطين لن تكون إلا الحروب الأهلية في البلدان العربية». وجدد ناصر قنديل موقفه المدافع عن النظام السوري الذي يتعرض لتدخل أجنبي يهدف إلى تفتيت الوحدة الوطنية وقال «الثورة التونسية هي الأكثر نقاء لأنها فاجأت كل العالم أما نسبة الشعبي في الثورات العربية فبدأت في الإنخفاض كلما ابتعدنا في الزمان والمكان عن تونس، في مصر وليبيا واليمن وصولا إلى سوريا التي تتعرض لخطة معدة مسبقا تستهدف الشعب السوري الذي يدرك أنه يعيش في ظل معادلات تناقض ما يطمح إليه في ظل فساد إداري وسياسات اقتصادية طبقت خلال حكومة ناجي العطري وتدخل الأمن في الحياة السياسية والاجتماعية والنمو المتفاوت بين المدينة والريف.. ولكن الشعب السوري يعرف أن بين يديه عشرة عصافير (وحدة التراب الوطني، الاستقرار الأمن، العزة والكرامة، الشعور بأنه في قلب المقاومة العربية..) والمعروض عليه عصفور على الشجرة وطالب قنديل السلطة في تونس بالحياد الإيجابي والنأي بنفسها عن التورط في مؤامرة الأجنبي على سوريا وعدم تلطيخ اسم تونس وشرفها قائلا: «أدعو إلى موقف يعصم استخدام تونس لتكون خنجرا مسموما في خاصرة سوريا» ولدي مبادرة أضعها أمام النخب التونسية لتناقشها، إن تونس قادرة على أن تقود حوارا بين الفريقين المتنازعين في سوريا وحماية قدرات الجيش العربي والحفاظ على وحدة التراب الوطني السوري.