رفعت نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي محرزية العبيدي الجلسة العامة التي كانت مخصصة للنقاش حول مشروع الهيئة الوقتية التي ستحل محل المجلس الأعلى للقضاء بسبب مناوشات كلامية بين إبراهيم القصاص والنائب عبد الرزاق الخلولي. و رغم أن أجواء الجلسة العامة كانت تسير بصفة طبيعية ومنظمة فإن المناوشة أدت إلى إنقطاعها وتعكر الأجواء بالمجلس التأسيسي وفي هذا الإطار طالبت النائبة لطيفة الحباشي عن كتلة «النهضة» بتنقيح القانون الداخلي للمجلس التأسيسي وساندتها في ذلك السيدة محرزية العبيدي التي أفادت بعد استئناف الجلسة أنه من غير المعقول أن يقدم نائب على الاعتداء جسديا على زميله ولو كان ذلك بدافع الغضب مؤكدة أن مثل هذه السلوكات لا تشرف المجلس التأسيسي. أما النائب إبراهيم القصاص فقد برر تصرفه عند تدخله ب «حشيشة رمضان» إلى جانب تعرضه للإساءة من قبل زميله مؤكدا أن ما كان بيده ليس سكينا وإنما مجرد قلم قائلا في هذا الخصوص «اللّه يهدي الناس التي تصطاد في الماء العكر فالمرة المقبلة سيجعلونني جبت كلاشينكوف». أما بالنسبة لتدخلات السادة النواب حول مشروع قانون الهيئة الوقتية فقد تراوحت بين معارض لمشروع الهيئة على خلفية أنه تضمن نصوصا قانونية من شأنها تكبيل القضاء والمساهمة في تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ومثمّن للمشروع الذي قدمته لجنة التشريع العام باعتبار أن القضاء مازال يعاني من الفساد ومن وجود القضاة الفاسدين والمرتشين وبالتالي يجب أن تخضع قرارات الهيئة لوزارة العدل. وطالبت نائبة عن كتلة «العريضة الشعبية» بضرورة رفع وزارة العدل يدها عن النيابة العمومية التي تتبع الجهاز القضائي والتي تسهر على تطبيق القانون دون أن تتلقى تعليمات من وزارة العدل مؤكدة أن مشروع الهيئة المقترح يساهم في تغول السلطة التنفيذية على القضاء ومواصلة سياسة العصا الغليظة على القضاة . أما النائب لزهر الشملي فقد أكد أن القضاة المتهمين بالفساد مازالوا في أماكنهم يمارسون مهامهم بصفة طبيعية طالبا على هذا الأساس اقصاء كل قاض ساهم في تلميع صورة بن علي أو ناشد النظام السابق أو شارك في المحاكمات السياسية من الترشح في انتخابات الهيئة الوقتية. و في نفس الاتجاه تحدثت نائبة أخرى عن تعرض المواطن التونسي للظلم على يد عدد من القضاة الفاسدين والمرتشيين قائلة في هذا السياق أن من يتحدث عن ضرورة احترام مشروع الهيئة الوقتية للمعايير الدولية ينسى أن على القاضي القيام بواجباته وضمان حقوق المتقاضيين قبل المطالبة بالحقوق. وأكد النائب أحمد الخصخوصي على أهمية استقلال القضاء لما يوفره من دعم وتكريس لدولة القانون مناديا باحترام المعايير الدولية التي تنص على أن تمارس الهيئة المذكورة إختصاصاتها بكل ستقلالية وحيادية بعيدا عن الضغوطات الخارجية والتدخلات خاصة فيما يتعلق بالمسار المهني والتأديبي للقاضي. أما بالنسبة لتركيبة الهيئة فقد أكد أغلب النواب أنها تجسد تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية بإعتبار أن 5 قضاة أصحاب الوظائف العليا هم معينون بالهيئة ولهم صلاحيات واسعة تهم التأديب والنقل والمسار المهني للقاضي إلى جانب القرارات المتعلقة بالقضاء عموما على غرار الحركة القضائية. أما النائب عبد الرزاق الخلولي فقال ان المشروع في مجمله مقبول من حيث المبدأ لكن يتضح من بعض الفصول أن دورها شرفي فقط وليس جوهريا مؤكدا على مجابهة عدد من القضاة للفساد والرشوة والظلم. أما وزير العدل نور الدين البحيري فقد قال «ان ما اتفق عليه الجميع أن القضاء أداة أخضع بها بن علي الشعب وقام بتصفية حساباته مع خصومه ولكن ذلك لا يعني أن القضاء التونسي خاليا من قضاة شرفاء». و أكد وزير العدل على أهمية استقلال السلطة القضائية التي تعتبر من القضايا الجوهرية طالبا تجنيب المسألة الحسابات الإيديولوجية والفئوية والسياسية والحزبية مؤكدا أن استقلال القضاء حلم مشترك يهم «التأسيسي» والحكومة والأحزاب والقضاة والمواطن والمحامين وعدول التنفيذ . وأضاف وزير العدل أن موضوع الهيئة الوقتية من أكبر التحديات التي تعيشها البلاد وأن في نجاحها نجاح الثورة وفي فشلها إجهاض للثورة مشيرا إلى أن ذلك لن يفيد المعارضة في شيء. أما بالنسبة لمسألتي الإعفاءات وتطهير القضاء التي كثر الحديث حولهما فقد أشار البحيري إلى أن ذلك واجب على الجميع ويدخل في إطار إصلاحات شملت القضاء على غرار الوضع المادي للقضاة وتطوير بعض المنح وإسناد منح إضافية.