بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور «حمودة بن سلامة» (الوزير السابق، وأحد مؤسسي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين ) ل «التونسية» (1): قلت ل«راشد الغنوشي» ما تخرجش توه من «النهضة»»... وأخشى على "قائد السبسي" من بعض المحيطين به ...
نشر في التونسية يوم 01 - 08 - 2012

بعض «التقدميين» حرّموا التعامل مع الإسلاميين وهم في السجون ، وحلّلوا التحالف معهم وهم في سدة الحكم ؟...

حاوره: محمّد بوغلاّب

أثار حضور الدكتور حمّودة بن سلامة مؤتمر حركة «النهضة» الأخير جدلا واسعا ، ورأى البعض من «خصوم» الرجل أنه يؤشر لعودته إلى الحلبة السياسية من باب «النهضة» بعد أن غادر السياسة منذ 21 فيفري 1991 تاريخ إقالته من وزارة الشباب والرياضة .
يعدّ الدكتور حمودة بن سلامة أحد الفاعلين الأساسيين في المجتمع المدني في عقدي السبعينات والثمانينات، فهو من أبرز مؤسسي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي تحصلت على تأشيرتها في 7 ماي سنة 1977، وكان أول أمين عام منتخب لها في مؤتمرها الأول سنة 1982 ، وكانت عيادته بشارع الحرّية المقرّ الفعليّ للرابطة، كما كان أحد مؤسسي حزب حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بقيادة أحمد المستيري.
ترشح الدكتور بن سلامة في انتخابات 1981 عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وبطبيعة الحال لم يتسنّ له دخول مجلس النواب بسبب تزوير تلك الانتخابات.
انسحب من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين صيف 1983 وواصل مشواره السياسي بصفة مستقل وكان ذلك بقيامه بعديد المبادرات ومنها بالخصوص تنظيم لقاءات السلطة الحاكمة مع نخبة من السياسيين والمثقفين سنة 1983 ، وتوفق في مسعى إطلاق سراح المساجين السياسيين من قيادات حركة الاتجاه الإسلامي في صيف 1984 ، كما عمل على إحداث منتدى للمستقلين سنة 1985 ، وبارتقاء بن علي إلى سدّة الحكم في 7نوفمبر 1987 بدأت مرحلة جديدة في حياة الدكتور حمودة بن سلامة السياسية، إذ التحق بالحزب الاشتراكي الدستوري ليتسنى له المشاركة في الانتخابات الجزئية في ديسمبر 1987 ، استمر عضوا في مجلس النواب حتى أفريل 1988 تاريخ تعيينه عضوا بالحكومة (كاتب دولة للصحة فوزيرا للشباب والرياضة).
كلّفه بن علي بالتحاور مع الإسلاميين، وحين تغيّرت سياسة النظام بقرار الحسم الأمني تمت إقالة الدكتور بن سلامة من الحكومة ، فرفض منصب سفير ووضع حدا لعضويته في الحزب الحاكم في الفترة نفسها (فيفري 1991) ، ولم تعد له أيّة علاقة تذكر مع النظام الحاكم منذ بداية التسعينات ... وغادر المشهد السياسي حتى ظهوره الأخير في مؤتمر حركة النهضة ...
«التونسية» التقته فكان هذا الحوار الذي ننشر الجزء الأول منه ...
أثار حضورك في مؤتمر حركة النهضة جدلا واسعا، كيف قرأت دعوتك؟
كان من الطبيعي أن تدعوني حركة النهضة بصفتي شخصية وطنية صديقة لها منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة، كما كان من الطبيعي أن ألبي الدعوة إذ أن علاقتي بالإسلاميين علاقة قديمة جدا تعود إلى السبعينات من القرن الماضي، وكانت (وتبقى) هذه العلاقة مبنية على شيئين اثنين ، أولا أنّ قضيتهم بقيت إلى حد الثورة قضية إقصاء غير مبرر وحقوق مهضومة وتعرضهم إلى محاكمات جائرة والسجون والمنافي...وبما أننا كنا رافعين لواء الدفاع عن حقوق الإنسان كان من الطبيعي بل ومن الضروري أن نتبنى قضيتهم من تلك الناحية الإنسانية على الأقل ، فكانت وساطتنا ومبادرتنا أنا وصلاح الجورشي والوزير الأول السابق محمد مزالي رحمه الله وتم إطلاق سراح الإسلاميين في أوت 1984 ، الشيء الثاني الذي يجمعني بالإسلاميين هو أنني ألتقي مع المشروع الإسلامي في مسألة الهوية والذود عن الشخصية الحضارية العربية الإسلامية للبلاد ، فالصراع حول هذه المسألة المصيرية بقي قائما ومحتدما منذ عقود (على الأقل منذ خلاف بورقيبة وصالح بن يوسف...). أبقى شخصيا إلى حد ما قريبا موضوعيا من المشروع الإسلامي (إن هو يخدم المشروع الوطني) من منطلق دفاعي عن قوميتي بثوابتها وروافدها الأساسية (إسلاما وعروبة) لكن دون انتمائي للغرض لأي تنظيم إسلامي أو عروبي ودون تقيدي بأية أيديولوجية مجحفة أو مقيدة قد تنال من تشبثي بالوسطية والاعتدال وروح العصر... ، وقد بقيت علاقتي بالإسلاميين قائمة خلال سنوات الجمر بل إن بن علي أتى بي إلى الحكومة على خلفية ملف الإسلاميين وقد طلب مني إعداد مذكرة في الصدد، وبالفعل قدمت له المذكرة التي احتوت عشر نقاط من بينها تمكينهم من حزب ولكن بن علي لم يكن صادقا في وعده ، وخروجي من الحكومة كان بعد قرار بن علي حسم الملف بشكل أمني وإقصائي ، وقد عبرت شخصيا بكل وضوح وفي الإبان عن معارضتي للحسم بالطريقة الأمنية...
وفي الأسابيع الأولى من الحملة التي شنها النظام على الإسلاميين منذ بداية سنة 1991 حثتني بعض الأوساط المقربة جدا من بن علي أن أكتب مقالات صحفية ضد الإسلاميين ولكني امتنعت لأن ذلك يعارض قناعاتي ومبادئي.
هل من الوارد أن يكون لك دور سياسي في المرحلة القادمة؟
الدور السياسي ليس قرارا شخصيا فقط خاصة وأني لا أنتمي لأي تنظيم
هل تبحث عن دور سياسي؟
من قال لك إني لا أبحث عن دور سياسي ؟ أنا في سن وموقع لا يسمحان لي بأن أطرق أي باب» حاجتك بي» أنا موجود لا كمتعاون بل في إطار خدمة مشروع وأهداف، وأنا على أبواب السبعين لا مجال لي لارتكاب أخطاء جديدة، اليقظة الديمقراطية تملي علينا عدم الوقوع في أخطاء قد نكون اقترفناها عن حسن نية سابقا
هل من اليقظة الديمقراطية أن يتحالف «التقدميون» مع الإسلاميين كما هو واقع الحال في الترويكا؟
من الحكمة أن لا نغلق مجالات وجسور التواصل والتوافق، بل ويحبذ أن يمتد مجال التواصل والتوافق إلى أوسع طيف ممكن وبما يشمل ويعكس تواجد ومساهمة جل العائلات الفكرية والسياسية الفاعلة ...
هل أنت مع التحالف مع الإسلاميين وهم في سدة الحكم؟
وما العيب في ذلك ؟ فكما لم تتردد فئة قليلة (كنا منها) من أن تمد أيديها للإسلاميين للمساندة والمؤازرة عندما كانوا في السجون والمنافي وعندما تعرضوا للظلم والإقصاء، كيف وبأي منطق يراد منا أن نقاطعهم اليوم وهم في الحكم ؟ أما الذين كانوا يتمسكون بالأمس بعدم التعامل مع الإسلاميين هاهم اليوم معهم في مركب واحد يتأرجح بين الواقعية والانتهازية السياسية...
هل تقصد مصطفى بن جعفر؟
دعنا من ذكر الأسماء، الأمر يذكرني فقط بمقولة « حرام عليكم حلال علينا « !...
هل أنتما على تواصل؟
إذا كنت تقصد مصطفى بن جعفر ، نحن على تواصل من حيث العلاقة الشخصية القديمة والحميمة التي تربطنا، نحن خضنا معا معارك مصيرية من أجل الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان وأسسنا معا في آخر السبعينات أول حزب سياسي معارض منذ الاستقلال (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين)...
هل يتصل بك؟
حين تتاح مناسبات للتواصل نفعل ذلك كما كنا من قبل
والمنصف المرزوقي؟
لم ألتق به منذ زمن طويل، كنت من بين الذين فتحوا له الباب لدخول رابطة حقوق الإنسان ثم ترأسها في ما بعد ...
هل حضرت إعلان حركة نداء تونس للباجي قائد السبسي؟
لا لم أحضر ، لم تتم دعوتي
ما موقفك من مبادرته؟
«سي الباجي» رجل محترم ولاشك في صدق عزمه على خدمة تونس ، والمبادرة التي يقودها جديرة بالتقدير والتنويه وأتمنى لها التوفيق إن هي تنصب لخدمة المسار الديمقراطي والبلاد ، ولكن ما يثير الحيرة هو بعض المحيطين به من الانتهازيين المشبوه في سيرتهم ونواياهم، لست مرتاحا لهؤلاء، طبعا هنا لا أقصد ضمن الدائرة الأولى المحيطة بالرجل فهناك إخوة أفاضل مثل سي الطيب البكوش أو العميد الأزهر القروي الشابي فهؤلاء «على راسي وعيني» ، ولكن لو يبتعد سي الباجي لسبب من الأسباب (وهذا ما لا أتمناه) فإن الطيب البكوش مثلا غير قادر في تقديري على التحكم في هذه الجماعة التي أقصدها...
كيف للنهضة أن تؤسس الديمقراطية في تونس ورئيسها مزمن كحال كثير من أحزاب المعارضة؟
أعتقد أن بقاء راشد الغنوشي في رئاسة حركة النهضة في هذه الفترة الانتقالية ضروري
حتى بن علي بررت بطانته ديمومته بهذا المنطق(رجل المرحلة وخيار المستقبل)؟
موش صحيح، والدليل أن بن علي «مشى على روحو» ولم يحدث شيء... بالنسبة إلى حركة النهضة فبسبب التنوع الذي فيها لا بد من سلطة قادرة على التجميع والحسم والغنوشي قادر على ذلك وهو بالخصوص قادر على الحسم...
وعبد الفتاح مورو؟
عبد الفتاح مورو صديق حميم ، له دون شك موقع رفيع الشأن وطنيا وفي الحركة الاسلامية السياسية بفضل شرعية تاريخية ونضالية مكتسبة عن جدارة وكذلك بفضل الكاريزما القوية التي تميزه ، وهو رجل معتدل وقادر على التواصل ولكنه في تقديري ليس برجل جهاز، هو رجل دعوة ودوره أهم في تطوير القضايا الفكرية والسياسية الجوهرية وفي التواصل وإقناع عامة الناس، هو أقدر على محاربة التحجر والانغلاق ولكنه ليس رجل ماكينة حزبية ، لذلك أعتقد أن بقاء الغنوشي على رأس الحركة مفيد للنهضة ولتونس، والغنوشي ليس في حاجة إلى أي منصب، المنصب لا يضيف له شيئا اليوم، وأنا كنت من منطلق صداقتي به من الذين تحدثوا معه في هذا الموضوع وقلت له»ما تخرجش»
هل كان صادقا في إعلان عدم الترشح لرئاسة النهضة؟
نعم كان صادقا
لو غادر الغنوشي رئاسة الحركة هل كان يتهددها الانشقاق؟
والله كل شيء وارد ، المشكل في أحزابنا كامن في غياب آليات حسم الخلافات بشكل ديمقراطي لأن جل الأحزاب مبنية على الشخصنة.
لو لم تكن النهضة في الحكم لما كان بقاء الغنوشي ضروريا ولكن اليوم الظروف تختلف فالنهضة هي السلطة الحاكمة ، وفي هذا المجال إن الطرق المعهودة في النضال السياسي والحزبي لا تستقيم وجوبا مع تسيير شؤون البلاد ودواليب الدولة ، راشد الغنوشي هو الذي حسم موضوع الفصل الأول من الدستور مثلا في الاتجاه الحافظ للحمة الوطنية وليس بالضرورة الموافق لاختيارات عديد قيادات النهضة ، هو رجل قادر على الحسم دون أن يحدث شرخا في حزبه وهذا هو دور القيادي الذي يحظى بشرعية تاريخية ونضالية غير منازع فيها مثل ما هو الشأن بالنسبة لراشد الغنوشي وكذلك بالنسبة لعبد الفتاح مورو ...
متى التقيت بن علي لآخر مرة؟
كان ذلك في فيفري سنة 2006 وكان ذلك بطلب منه ، وكان اللقاء الأول (والأخير) الذي جمعنا منذ إقالتي من وزارة الشباب والرياضة سنة 1991 حين قرر بن علي حسم ملف الإسلاميين بطريقته الأمنية
ألا تشعر أنه استخدمك لأداء دور ثم استغنى عنك؟
هناك جانب من هذا، « كل واحد عندو حساباتو في السياسة وفي غير السياسة «
هل صدّقت وعود بن علي؟
إلى حد ما في البداية ، ولم أكن الوحيد في هذه الوضعية بل جل الأطراف السياسية التي كانت تتحرك على الساحة آنذاك فعلوا مثلي وصدقوه في البداية ولم يحاكموه على النوايا ، إذ « أننا نعمل في السياسة « أي حين أتيحت لنا فرصة أن نطبق جزءا من الأفكار والاختيارات التي ناضلنا من أجلها منذ بداية السبعينات قلنا جميعنا في أنفسنا لم لا
لماذا دعاك بن علي سنة 2006؟
اتصل بي مدير التشريفات وأخبرني بموعد المقابلة (دون أن أطلب شخصيا مقابلته)، دار الحديث حول تفعيل دور للمستقلين وخاصة حول موضوع رابطة حقوق الإنسان، كان هذا الملف يزعج بن علي ويؤرقه وخاصة في العلاقات مع الإتحاد الأوروبي ، كان يريد تصفية الملف بطريقته هو .
هل كانت له الرغبة في حل الملف؟
بالطريقة التي كنا نأملها ؟ لا، كان يريد القضاء على الرابطة حتى وإن اقتضى الأمر بعث رابطة جديدة
هل قال لك هذا؟
لم يقل لي ذلك مباشرة خلال هذا اللقاء ، ولكن اتصل بي لاحقا أحد مستشاريه من المكلفين بملف الرابطة وأعلمني بشكل صريح أن الرئيس يطلب مني إحداث رابطة حقوق إنسان جديدة تضم مجموعة من مؤسسي الرابطة ومن الحقوقيين والمستقلين ، فقلت له إن هذا لم يعبر عنه الرئيس في لقائي به، فأعاد طلبه وقال لي هذه هي تعليمات الرئيس، فشرحت له بأن هذا الخيار ببعث رابطة صفراء لا تخدم لا بن علي ولا النظام لأنه مهما كانت قيمة الشخصيات التي ستوافق على هذه الخطوة فإنها في نظر الملاحظين ستكون انقلابا على الشرعية وقبل ذلك كله لست مقتنعا بهذا الحل لتجاوز أزمة الرابطة ، وقدمت اقتراحات لإيجاد حل للأزمة مع الأطراف ذات الصلة...
ماذا ترتب عن عدم انصياعك؟ هل تمت مضايقتك؟
لا، ربما كان أسلوبي غير الصدامي هو الذي جنبني الإجراءات العقابية المباشرة ولكن من الواضح أن موقفي لم يعجبهم لأني أبعدت لاحقا من كل محاولات حل أزمة الرابطة وحتى حين تم تشكيل لجنة وفاقية ضمت العميد الأزهر القروي الشابي وعبد اللطيف الفراتي وتوفيق بودربالة وعبد الوهاب الباهي لم أكن معهم رغم أني كنت من مؤسسي رابطة حقوق الإنسان ولا يمكن لأحد إنكار دوري في هذا المجال .
لو كانت الإرادة السياسية صادقة ، لكان بالإمكان أن تحل أزمة الرابطة ولكن بن علي كان يريد حل الرابطة لا حل أزمتها، كان يعتقد أنه يمكن تكوين رابطة أخرى «بناس قد يدو» ، مثلما حدث مع الإتحاد العام التونسي للشغل منتصف الثمانينات من خلال تنصيب الشرفاء الذين كان من بينهم «ناس باهيين» ولكن المشروع الذي ساهموا فيه كان ملوثا...
ألم يعرض عليك بن علي أن تكون عضوا في مجلس المستشارين كما فعل مع غيرك من قدماء السياسيين؟
ربما كان ينوي ذلك مقابل الدور الذي كان ينتظره مني في خصوص ملف الرابطة ، لكن أعتقد أن موقفي المتحفظ من القضية خيب انتظاراته ، هل تعرف أنني كنت تقريبا الوحيد من الفريق الأول الذي عمل في حكومة بن علي الذي لم يوسم بوسام 7 نوفمبر، كما أني لم أكن متمتعا بجواز سفر ديبلوماسي بعد خروجي من الحكومة (علما وأنني لم أطلب ذلك) ، كما حذف اسمي من القائمة الرسمية للشخصيات التي تدعى في المناسبات الوطنية منذ خروجي من الحكومة سنة 1991 ... كل هذه الأمور وغيرها (التي لم تقلقني شخصيا لأنني لم أكن أبحث عنها) لها دلالاتها عند الخاص والعام لقياس مدى قرب أو بعد المعني بالأمر من السلطان..
هل صحيح أنك تعرضت لمضايقات بعد إقالتك سنة 1991 بلغت حد خلع عيادتك؟
هذا صحيح، تعرضت لمضايقات أنا وعائلتي وحركوا «الفيسك» ضدي ببساطة كان هذا «لعب ذرّي»
هذه عيادة طبيب، عمّ كانوا يبحثون؟
الواضح أنهم كانوا يبحثون عن وثائق تهم ملف حقوق الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.