على هامش الندوة الصحفية التي نظمتها وزارة الشؤون الدينية في الليلة قبل الماضية بمقر الوزارة تحت عنوان «قراءة في أبعاد الصوم الحضارية» ،احتفاء بشهر رمضان المعظم و إحياء لقيم الإسلام السمحة و التعريف بمقاصده...التقت «التونسية» وزير الشؤون الدينية «نور الدين الخادمي» فكانت لنا معه هذه الدردشة الصحفية: سيدي الوزير،لو تحدثنا قليلا عما بلغتموه بخصوص موضوع صندوق أو بيت الزكاة و صندوق للأوقاف (الحبس) التي كنتم قد أعلنتم عن نية إنشائها؟ نعم هذه الصناديق هي محل دراسة قانونية و فلسفية واجرائية من اجل اعتمادها وتفعيلها في المجتمع باعتبارها مؤسسات ستسهم إن شاء الله في تنمية تونس وفي تحقيق خيرها الاقتصادي والاجتماعي بالإضافة إلى خيرها التربوي... بعض الأطراف شبهت صندوق الزكاة بصندوق 26 /26 ، ما ردّكم؟ هذا حكم متعجل،و ذلك لسببين اثنين أولهما إن صندوق الزكاة لم يحدث بعد وهو ما يجعلنا نطرح السؤال التالي: كيف يكون الحكم على أمر لم يحدث بعد؟ و هذا يقدم صورة واضحة عن التعسف في الحكم... ثانيا لا يمكن الجمع بين صندوق احدث في فترة استبدادية ظالمة و بين صندوق فترة ثورية عادلة؟ و ذلك لأن القياس فاسد إذ من شروط القياس انعدام الفارق و وجوب العلة ، وهنا الفارق دقيق بين كلا الصندوقين(الزكاة و 26/26) فصندوق الزكاة سيكون بإذن الله صندوقا مبنيا على العدالة و المحاسبة و المساءلة كما سيكون مبنيا على فلسفة تضامنية حقيقية و ليس على أساس فلسفة التوظيف الحزبي أو خدمة المصالح الذاتية الضيقة. ما هو موقف الوزارة من انتهاك بعض المقاهي و المطاعم لحرمة شهر الصيام؟ شهر رمضان هو شهر مبارك يمارس فيه التونسيون دينهم و حريتهم و تدينهم ،و من شروط الحرية و الكرامة أن تحفظ كرامة الناس و ألا يقع استفزازهم في مشاعرهم...من حق كل إنسان أن يفطر في بيته أو أي مكان باستطاعته أن يتخفى فيه عن أعين الناس،أما ان يعلن إفطاره و أن يظهر ذلك جهرا و علانية فذلك حقا مدعاة للاستفزاز لا سيما و إن المشهد العام التونسي يرفض في عمومه مثل هذه السلوكات و يعتبرها استفزازا للشعور و الإحساس ، ونحن الآن في غنى عن مثل هذه التأجيجات و الاستفزازات...إن حرية الجميع محفوظة فمن أراد أن يفطر لأنه غير مقتنع بالصوم أو معذور منه فهذا شأنه وما علينا إلا أن ندعوه بالحسنى حتى يصوم و يمتثل لحكم الله سبحانه و تعالى، فإن وافق فهذا حسن وإن اختار خلاف ذلك فندعوه إلى أن يراجع نفسه لأن هذه مخالفة للشرعية و من شروط الدين أن يمتثل الانسان للصوم و الصلاة و الزكاة...و لكن لا يجوز أن يفطر الانسان و لو بعذر أمام الناس أو في الشارع أو أن يظهر ذلك، حيث يمكن ان يتسبب ذلك في اثارة بعض المشاكل و بعض الجدل الفارغ. وفي هذا الصدد، فإن الوزارة تعمل على تبيان الرأي الفكري والديني في إطار الفهم من الإسلامي الذي يستجيب لثوابت الدين وفي إطار من المقاربة للعملية التنزيلية التي نأمل أن نتجنب فيها كل مظاهر الشدة أو مظاهر الاضطرابات و الانفلات الناجمة عن الاستفزاز... نحن نأمل من كل التونسيين أن يحفظوا الدين وأن يحترموا مشاعر الناس، ندعو كل هؤلاء من المفطرين أو المشجعين عليه الى الاعتراف بأن الدين هنا هو دين اسلامي يفرض احترام مشاعر الصائمين و الاقرار بحرمة شهر رمضان. وما رأيكم في من عمد إلى اغلاق بعض المقاهي والمطاعم بالقوة و إلى تعنيف المفطرين؟ التعنيف و التشدد في المواجهة ، أمر مرفوض... كان من الحري بهؤلاء أن يعتمدوا النصيحة و الموعظة الحسنة و الحكمة و البيان والشرح و تبيان فوائد شهر الرحمة و ببيان وجه الشّرع في هذا ...أما بالنسبة إلى الدولة و مؤسساتها فلها وحدها أن تمارس صلاحياتها في هذا المجال حيث ان القوة من مشمولات الدولة و ليست من مشمولات الأفراد. ما موقفكم من المساجد الخاضعة لسيطرة بعض المجموعات المحسوبة على التيار السلفي؟ نعم هناك بعض المساجد الخاضعة لسيطرة هؤلاء ،وهي قليلة، و نحن نتعامل معها بمقاربة شاملة تؤسس على بيان العلم و الشرع و انه لا يجوز لإنسان بأن يمتطي منبرا دون أن يتمتع بمقبولية شعبية إذ لا يجوز أن يتقدم الناس و هم له كارهون ، سنتعامل مع هذه القضايا وفق ما يقتضيه القانون ...نحن ندعوا كل الذين لم يتلقوا التكاليف لوضعياتهم بأن يقدموا ترشحاتهم و ان يمتثلوا للوزارة في قراراتها ...هذا امر قانوني و ملزم ...الوزارة هي التي تشرف على كامل القطاع الديني ،هي التي تعين الائمة و هي التي تعفيهم،هي التي تسند لهم المنح، هي التي تشرف عليهم و تؤطرهم و توجههم، كل المساجد و كل الخطط الدينية فيها انما تعود بالإشراف إلى وزارة الشؤون الدينية فلا يجوز لإنسان ان يتصرف في المسجد بالخطبة او بالبناء او بالتأثيث إلا بناء على اذن من وزارة الشؤون الدينية...اننا في عهد ثورة و في عهد شرعية و ما من موجب لعدم الطاعة و الامتثال للأوامر. ما حقيقة التعدي على جامع الزيتونة و انتهاك حرمته؟ ان الاعتداء يتمثل في تغيير أقفال الجامع لأن هذه الاقفال والابواب هي ملك للدولة بناء على ان جامع الزيتونة و كل المساجد تابعة لوزراة فلايجوز التصرف فيها...هي مخالفة مرفوضة رفضا قاطعا و الذي فعل هذا لا بد أن يحاسب و ان يراجع نفسه. ما هي الاسباب الحقيقية التي انتهت بإيقاف شيخ الزيتونة «حسين العبيدي»؟ كان ايقاف «العبيدي» على خلفية رفع الاقفال و هذه مخالفة عظيمة و صريحة و ذكر عدل المنفذ الذي كنا قد أرسلناه ليعاين التغيير الطارئ على المسجد انه تم تغيير الأقفال دون إذن من الوزارة... هناك مخالفات اخرى سيضمنها عدل التنفيذ في تقريره... «حسين العبيدي» يخطب في جامع الزيتونة دون قرار و قد كلفنا الدكتور «محمد بوزغيبة» بإمامة جامع الزيتونة و هو الذي خطب في المصلين يوم الجمعة الماضي.