بقلم: الأسعد الذوادي (عضو المجمع المهني للمستشارين والجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا) التونسية (تونس) في اطار برنامج العدالة الانتقالية توجه المستشارون الجبائيون بعريضتين لوزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية والهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية قصد تمكينهم من استرجاع حقهم في العمل المسلوب بمقتضى القانون الاجرامي عدد 11 لسنة 2006 الذي سن في اطار صفقة بالاعتماد على الكذب والمغالطة والزور وقلب الحقيقة مثلما يتضح ذلك من خلال الاعمال التحضيرية المتعلقة بذلك القانون المهزلة الذي اعتبره تجار حقوق الانسان واكلو لحوم البشر مكسبا. كما طالبوا من خلال العريضتين بجبر الضرر المعنوي لا غير باعتبار ان جبر الضرر المادي وجب ان يقوم به من ساهموا في تلك الجريمة الشنيعة على معنى الفصلين 96 و172 من المجلة الجزائية مثلما اقتضت ذلك احكام الفقرة 12 من اعلان مبادئ العدل الاساسية المتعلقة بضحايا الجريمة والتعسف في استعمال السلطة، علما بان هوية المرتزقة وتجار حقوق الانسان الذين ساهموا في تلك الجريمة يمكن التعرف إليهم من خلال الاعمال التحضيرية لمجلس «الغمة». فاسترجاع حق المستشارين الجبائيين الذي مارسوه طيلة 45 سنة يتطلب ادخال تحويرات بسيطة على الفصلين 57 و67 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية. واذا لم تستجب السلطات لطلب المستشارين الجبائيين والمؤسسات التي تطالب بان يدافع على مصالحها امام المحاكم الجبائية لمختصين في المادة الجبائية دون سواهم فان المستشارين الجبائيين سيجدون انفسهم مجبرين على التظلم لدى مجلس حقوق الانسان بجينيف علما بان المفوضة السامية لحقوق الانسان ابدت استعدادها للنظر في تلك الجريمة عند زيارتها لتونس خلال شهر جويلية 2011 باعتبار ان القانون الاجرامي عدد 11 لسنة 2006 تم سنه في خرق للفصلين 5 و7 من الدستور المعطل والفصل 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والفصل 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ان العريضتين المودعتين ستثبتان ان كان الامر يتعلق بعدالة ام بآلية انتقامية (من دافعي الضرائب) وانتقائية. ان الفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الذي أنكره الفاسدون كقانون دولة والذي تم نقله من التشاريع الاروبية يسمح للمستشار الجبائي بمساعدة المطالب بالضريبة وبالدفاع عن مصالحه أمام المحاكم الباتة في النوازل الجبائية :»إن جميع الشركات أو الأشخاص الماديين الذين تقتضي مهنتهم القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين و مدهم بيد المساعدة و النصائح أو الدفاع على حقوقهم لدى الإدارة الجبائية أو المحاكم التي تبت في النوازل الجبائية يعتبرون كمستشارين جبائيين سواء أكان قيامهم بتلك المهنة بصفة أصلية أو ثانوية». اما الفصل 10 من نفس القانون فقد نص على ان المحامي يقوم بصفة ثانوية بمهام المستشار الجبائي :»ان أحكام هذا القانون لا تنطبق على الأشخاص الذين يباشرون مهنة المحاماة و يقومون بصفة ثانوية بمهمة مستشار جبائي». هذا النص تم نقله عن التشاريع الاروبية اين يسمح للمستشار الجبائي بالمرافعة امام محكمة العدل الاروبية المختصة بالنظر في القضايا الجبائية المرفوعة ضد بلدان الاتحاد التي تخرق التوصيات الجبائية الاروبية، علما بان وجوبية إنابة المستشار الجبائي او المحامي غير منصوص عليها بالاغلبية الساحقة لبلدان العالم باعتبار ان التشريع الجبائي شبيه بالتشريع الجزائي ومن ثم وجب عدم اثقال كاهل المطالب بالضريبة شانه في ذلك شان المتهم. خلافا لذلك جاء القانون الاجرامي عدد 11 لسنة 2006 ليسلب المستشار الجبائي حقه في العمل في خرق للدستور وللعهود الدولية من خلال الزام المطالب بالضريبة بتعيين محام في القضايا التي يتجاوز فيها مبلغ النزاع 25 الف دينارا هذا التقسيم المغرض ينم عن جهل بابجديات القانون الجبائي حيث يمكن لنفس المطعن ان يقل او يتجاوز 25 الف دينارا فالضمانات التي تحدث عنها وزير حقوق الانسان وزبانيته تبقى مجرد مغالطة واكذوبة باعتبار ان فاقد الشيء لا يعطيه. فقد استبسل انذاك وزير حقوق الإنسان أمام مجلس «الغمة» لقطع أرزاق المستشارين الجبائيين وذلك من خلال التأكيد على ان المسالة تتعلق بتجسيم قرار الرئيس المخلوع المتخذ بمناسبة 7 نوفمبر 2002 لفائدة المحامين والحال ان ذاك محض كذب لان ذلك القرار لم يوص بقطع رزق المستشارين الجبائيين. كما كذب مرة ثانية حين رد على احد النواب:«أود أن أوضح هنا بان قانون 14 ديسمبر 1960 الذي نظم مهنة المستشار الجبائي لم ينص صراحة على ان من مهام المستشار الجبائي نيابة الأشخاص أمام المحاكم...». ايضا كذب وزير حقوق الإنسان مرة ثالثة في رده على احد النواب حين أكد أن الوزارة تحاورت مع المستشارين الجبائيين. اما الكذبة الرابعة، فتتمثل في التأكيد على ان نسبة القضايا الراجعة للمستشارين الجبائيين لا تتجاوز 4 بالمائة و الحال ان ذلك فيه مغالطة كبيرة اذ انه لم يأخذ بعين الاعتبار عدد المستشارين الجبائيين مقارنة بعدد المحامين ولو قام بذلك لتبين ان عدد القضايا الراجعة للمستشارين الجبائيين أكثر من تلك الراجعة للمحامين دون التطرق الى مسالة التخصص والالمام بالمادة الجبائية. وبالرجوع الى الصفحة 712 من مداولات مجلس النواب من الرائد الرسمي عدد 15 لسنة 2006، يتضح ان لجنة التشريع العام والتنظيم العام للادارة التي يسيطر عليها محامو التجمع المنحل استمعت بجلستها المنعقدة يوم 16 فيفري 2006 الى الاستاذ عبد الستار بن موسى عميد الهيئة الوطنية للمحامين انذاك والرئيس الحالي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان المستفيد من تلك الجريمة الشنيعة الناجمة عن جريمة فساد اداري وسياسي عوض ان تستمع للضحايا الممثلين في الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين التي لم تجد اذانا صاغية انذاك بخصوص الاضرار الاقتصادية التي سيلحقها المشروع الاجرامي بالمستشارين الجبائيين. في هذا الاطار، نتساءل لماذا لم يمدنا الاستاذ عبد الستار بن موسى بموقفه بخصوص تلك الجريمة الشنيعة التي كان شاهدا عليها حتى لا نقول كلاما اخر. حيث ان العرائض الموجهة للإدارة منذ سنة 2006 بما في ذلك الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية، التي يعتبر جل اعضائها من مرتزقة بن علي، بخصوص تلك الجريمة الشنيعة للمطالبة باسترجاع الحق المغتصب، من خلال اضافة المستشار الجبائي للفصلين 57 و67 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية، لم تلق آذانا صاغية إلى حد الان وذلك في خرق للأمر عدد 982 لسنة 1993 متعلق بضبط العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها والفصل 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك الفقرة 19 من إعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الجريمة والتعسف في استعمال السلطة التي نصت بوضوح على ضرورة إرجاع حقوق ضحايا التعسف في استعمال السلطة والتعويض لهم وكذلك مبادئ باريس المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان. ان المستشارين الجبائيين ومن ورائهم الالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا في الجباية كانوا ولا زالوا ضحية للفساد الاداري والمالي والتعسف في استعمال السلطة مثلما يتضح ذلك من خلال المذكرة التفصيلية التي تم تضمينها بعريضتهم والمتعلقة بالعراقيل التي وضعت في وجه تاهيل المهنة واعادة هيكلتها من قبل الفاسدين صلب الادارة وكذلك بعض المنظمات المهنية المناشدة واعضاء لجنة البرنامج الجبائي المستقبلي لبن علي صلب التجمع المنحل وبعض رؤساء الشعب من داخل ادارة الجباية الذين كانوا يسوقون الاكاذيب والمغالطات لتعطيل مشروع قانون اعادة هيكلة المهنة المعد منذ سنة 1994 مطالبين وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية بالتحقيق في تلك الجرائم التي تدخل تحت طائلة الفصول 97 ثالثا و96 و107 و 172 والفصل 291 من المجلة الجزائية.