أقدمت الحكومة نهاية الأسبوع الفارط على تعديل سعر المحروقات بزيادة تراوحت بين 80 و100 مليم للتر الواحد في محاولة للضغط على عجز الميزان التجاري ومواكبة ارتفاع أسعار المحروقات في السوق العالمية. هذا التعديل الذي كان مبرمجا منذ الأشهر الأولى من السنة الجارية بعد إقراره ضمن قانون المالية تم تأجليه في أكثر من مناسبة لتباغت به الحكومة المواطن في خضّم معركته المتواصلة مع متطلبات المواسم الاستهلاكية المتتالية. غير أن الإشكال لا يكمن في مجرد الترفيع في سعر المحروقات بل في تبعات هذا التعديل باعتبار أن الترفيع في أسعار المواد الطاقية سينعكس على كل قطاعات الإنتاج والخدمات، كما سيفرض التعديل الجديد في أسعار المحروقات على العديد من القطاعات التجارية الترفيع آليا في تعريفاتها. وقد علمت «التونسية» أن الغرف النقابية وجامعات النقل بدأت التحرك وستعمل في المدة القادمة على الضغط على سلطة الإشراف لمراجعة التعريفات المعتمدة حاليا سواء بالنسبة لسيارات الأجرة «تاكسي» أو «اللواج» أو النقل الريفي خاصة أنّ آخر تعديل يعود إلى سنة 2008 مما جعل التعريفات الحالية حسب المهنيين غير مواكبة للكلفة، ناهيك أن القطاع يتحمل العديد من الآداءات وأصبح يعاني من منافسة شرسة بعد إغراقه بالرخص الجديدة واستفحال ظاهرة النقل العشوائي بعد الثورة بالإضافة إلى ارتفاع أسعار قطع الغيار والسيارات الموردة بالعملة الصعبة بعد تراجع سعر صرف الدينار التونسي في الفترة الأخيرة. كما أكدت مصادر «التونسية» صلب الغرف النقابية لسيارات الأجرة و«اللواج» و«التاكسي» الجماعي أنها تنتظر الاستجابة لطلباتها من قبل وزارة النقل وذلك بزيادة تتراوح بين 15 و18 بالمائة. كما أشارت نفس المصادر إلى أن هذه المطالب تعود إلى ما قبل الثورة ولكنها باتت ملحة على ضوء المعطيات الجديدة وذلك حتى يتمكن المهنيون من المحافظة على موارد رزقهم . ويشار إلى أن العديد من القطاعات ستجد نفسها مُجبرة على الترفيع في كلفتها بعد التعديل الأخير في سعر المواد الطاقية لاسيما الصناعية منها وهو ما من شأنه أن يؤثّر على صادراتها ومبيعاتها الخارجية والداخلية وقد ينعكس على قدراتها التنافسية ويضطرها إما إلى الضغط على الكلفة أو التخلي عن العمال، خاصة أنّ المؤشرات الحالية تؤكد تواصل تفاقم العجز التجاري جرّاء التفاوت بين التصدير الذي تطوّر برقم واحد في حين نما التوريد برقمين فضلا عن تراجع مبيعات العديد من القطاعات نتيجة توقف الإنتاج لعدة أشهر على غرار ما حصل في قطاع الفسفاط بسبب توتر المناخ الاجتماعي في منطقة الحوض المنجمي.