فوجئ عدد كبير من حرفاء المؤسسات البنكية في المدة الأخيرة بتشدّد بنوكهم في الإجراءات المتعلقة بالحصول على القروض المباشرة ورفضها تمكينهم من الدخول في «الروج» إلا بعد الحصول على أذون مسبقة من قبل مسؤولي الفروع البنكية مع تحديد المبالغ. هذه الاجراءات التي اتبعتها كثير من المؤسسات المصرفية قوبلت بامتعاض الحرفاء باعتبار أن «الدخول في الأحمر» والحصول على القروض المباشرة كانا المتنفس الذي يلجأ إليه السواد الأعظم من الطبقة الوسطى لمجابهة مصاريف المناسبات . غير أن مصادر بنكية أكدت أن هذه الإجراءات ظرفية وأنه سيتم الاستغناء عنها بعد مدة محددة .كما أكدت نفس المصادر أن البنوك أقدمت على الحد من إسناد القروض الاستهلاكية استجابة لمنشور البنك المركزي الذي لا يستبعد أن يعمد إلى رفع الفائدة ويضع سقفا جديدا للإقراض المصرفي خلال الأيام المقبلة والذي دعا إلى كبح جماح معدل التضخم الذي ارتفع بسبب زيادة الاستهلاك. البنك المركزي الذي أكد أن الاقتصاد الوطني لا يحتمل نسبة تضخم أكثر من 5 بالمائة أجبر المصارف التجارية على وضع احتياطي إلزامي لتقليص القروض الاستهلاكية، معتبرا أن هذا الأمر يساعد على احتواء التضخم خاصة أن نمو الإقراض يسير نحو 10بالمائة ، 80بالمائة منها تتجه نحو الاستهلاك والبقية نحو المعدات والاستثمار. وتتخوف الأوساط الاقتصادية من تواصل ارتفاع نسبة التضخم التي ستؤدي حتما في حال تواصلها إلى تدني المقدرة الشرائية للمواطن وانخفاض قيمة الدينار وتراجع نسبة الادخار الذي كان يمثل ما بين 22 و24 بالمائة من الناتج الاجمالي لينخفض حاليا إلى 16 بالمائة وهو ما قد يسبب عجزا في تمويل استثماراتنا مستقبلا لنقص الودائع. وقد بلغت قيمة القروض المسندة إلى الأسر التونسية من طرف الجهاز البنكي ما يناهز 13.103 مليون دينار خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية أي ما يعادل تقريبا ال26 ٪ من كامل القروض المسندة من طرف الجهاز البنكي و25 بالمائة من دخل الأسرة التونسية. كما تشير أرقام المعهد الوطني للإحصاء إلى أن نسبة القروض المسندة للأسر التونسية بما في ذلك القروض المهنية والقروض المسندة من الدولة و قروض الصناديق الاجتماعية ما يزيد عن 50 بالمائة من الدخل الفردي للأسرة . وتؤكد كل المؤشرات الحالية أن اقتصاد البلاد يمر بأوضاع حرجة وصعبة وأن هذه الوضعية تتطلب حلولا جذرية وعاجلة تتمثل في ضرورة إصلاح المنظومة الممولة للاقتصاد الوطني و نسب الفائدة لإعادة التوازنات المالية للبلاد إلى جانب إصلاح السياسة النقدية خاصة أن البنوك التونسية مدانة للبنك المركزي التونسي بحوالي 5.5 مليار دينار وهو ما جعل هذا الأخير يعمد إلى اتخاذ قرار الحد من الواردات واشترط تقليص القروض الاستهلاكية ورفع التمويل الذاتي إلى 40 بالمائة بالنسبة لقروض السيارات من صنف 5 خيول فما أكثر .