نابل: أعوان المصب الجهوي المراقب "الرحمة" بمنزل بوزلفة يطالبون بإنهاء المناولة وبإدماجهم صلب الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات    والي سليانة يعفي الكاتب العام المكلف بتسيير بلدية مكثر من مهامه    باجة: تجميع ربع الانتاج الوطنى من الحبوب وموسم الحصاد يقترب من نهايته    المنستير: الإعداد لإحداث ماجستير مهني في مجال الإضاءة المستدامة والذكية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بالمنستير    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    صابر الرباعي على ركح مهرجان الحمامات الدولي: عرض يراوح بين القديم والجديد ويستجيب لانتظارات الجمهور    تنبيه للمواطنين: انقطاع واضطراب الماء بهذه المناطق..    بوحجلة :استفادة 700 مواطن من القافلة الصحيّة بمدرسة 24 جانفي 1952    عاجل : أحمد الجوادى يتألّق في سنغافورة: ذهبية ثانية في بطولة العالم للسباحة!    دورة بورتو البرتغالية للتنس: التونسي معز الشرقي يتوج باللقب    تعيين مثير للجدل: ترامب يسلّم منصباً قضائياً لإعلامية من أصول عربية    عاجل/ غرق طفلين بهذا الشاطئ..    سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    اعادة انتخاب عارف بلخيرية رئيسا جديدا للجامعة التونسية للرقبي للمدة النيابية 2025-2028    إيران: لم نطرد مفتشي الوكالة الدولية بل غادروا طوعاً    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    ''السوبر تونسي اليوم: وقتاش و فين ؟''    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    تواصل الحملة الأمنية المصرية على التيك توكرز.. القبض على بلوغر شهير يقدم نفسه كضابط سابق    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    منوبة: رفع 16 مخالفة اقتصادية و13 مخالفة صحية    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    فضيحة تعاطي كوكايين تهز ال BBC والهيئة تستعين بمكتب محاماة للتحقيق نيابة عنها    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    إيمانويل كاراليس يسجّل رابع أفضل قفزة بالزانة في التاريخ ب6.08 أمتار    الجيش الإسرائيلي: انتحار 16 جندياً منذ بداية 2025    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    طقس اليوم الاحد: هكذا ستكون الأجواء    الإمضاء على اتفاقية تعاون بين وزارة الشؤون الدينية والجمعية التونسية للصحة الإنجابية    بلدية مدينة تونس تواصل حملات التصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي    دورة تورونتو لكرة المضرب: الروسي خاتشانوف يقصي النرويجي رود ويتأهل لربع النهائي    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    829 كم في 7 ثوان!.. صاعقة برق خارقة تحطم الأرقام القياسية    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    درجات حرارة تفوق المعدلات    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم، «التأسيسي» سَيّدُ نفسه لكنّ الشعب سيّد الجميع !
نشر في التونسية يوم 25 - 10 - 2012

لن نُعيدَ النقاش البيزنطي الذي مَجَّ به أسماعَنا سِياسِيّونا حُكّاما ومعارضين، حُلَفاء وفُرقاء، حول ماهيّة تاريخ 23 أكتوبر أول أمس واستغراقهم في محاولة الإجابة عن سؤال لا نعرف علاقته بتحقيق أهداف الثورة المنسيّة وهو: مَنِ السّابق ومَنِ اللاحِق؟، بيْضةُ المسار الثوري المُجْهَض (الخاسرون في الانتخابات) أمْ دجاجةُ الشرعيّة (المنتصرون) التي رغم أنها «كَرّكتْ» على بيض الدولة – كلّ البيض – منذ ديسمبر الماضي لم تنجح في تفريخ فرخ واحد بزغب الريش لنأمَلَ أنه سيكبر و«يعيش ويربّي الريش» ولنُسَمّيه مثلا عدالة انتقاليّة تقتصّ سريعا دون تشفّ من قتلة شهدائنا ومعذّبي جرحانا أو مجلسا أعلى مستقلّا للقضاء أو تنمية جهوية، وربما نُسَمّيه وهو أضعف الإيمان هيئة مستقلة للانتخابات . كما أننا لن نُعيدَ الطَّرْحَ القانوني الذي لَنْ تزيد تأويلاتُه الممكنة والمختلفة دائما بين أهل النَّصّ الواحد المُواطِنَ إلا إحساسا بالغموض والنفور مِنَ الشكلانيّة غير المرئيّة في واقعه، لأنّه (المواطن) ماضٍ مع الأسف للتخلّص من العقلانيّة وهذا مؤشّر واضح/فاضح/قادح إلاّ لِكليْهما، لِما يُمكِن أن يأتيه مِنْ ردود أفعال ملتهبة قد تتجاوز قصور تكتيكات أصحاب المشهد مِنْ بيضة المعارضة التي لا تَصِل، إلى دجاجة الترويكا التي إنْ واصلت تعنّتها فلن تُفَرّخ إلا الأزمات.
ما حملنا على الإمعان في تحريك مواجع المُواطن هو فواجع المشهد السياسي ولنا شَرفُ محاولة خلْخَلَتِه وحَلْحَلَتِه مِنْ «أقصى» اليمين إلى أقصى اليسار مُرورا بالوَسَطِ الانتهازي الذي تعوّد هَزّ «الوِسْط»( بالمصري) يمينا حينا وحينا يسارا. إنه الاغتراب الذي أصبح يعيشه التونسي بسبب تهويمات السياسيين التي لا تعطي خبزا ولا عملا ولا حتى مجرّد بارقة ضوء قد تهدّئ من المطلبيّة الهائلة والعاجلة للمواطن. ما يسمى المعارضة غارقة في تعقّب سكنات وأخطاء الحكومة التي تناسلت تباعا لتكون تبعاتها ظاهرة في نقاشات التأسيسي التي أصبحت انفعالية وارتجالية يغلب عليها التعصّب الحزبي. هؤلاء يلومون الترويكا على أنها لا تنظر إلا إلى الاستحقاقات الانتخابية القادمة وتحاول السيطرة من الآن على مفاصل الدولة حتى تهيّئ كل الظروف الملائمة للنجاح الساحق والبقاء طويلا في الحكم. مع صحّة موقفهم، فإنّ الملاحظة الفارقة هي أنهم أيضا لا ينظرون إلا إلى الكراسي القادمة وتحالفات اليوم الهشّة – مع مشروعيتها – دليل على أنّ المعارضة والترويكا لا تختلفان في هذا المنحى الانتخابي: المسار ونداء تونس والجمهوري من جهة، النهضة والمؤتمر والتكتل من جهة أخرى، وأحزاب ميكروسكوبية في فلك هذا أو ذاك بحثا عن موقع قد يطلّ على كرسي محتمل. وهذه التحالفات ستتغيّر كلما اقترب يوم الانتخاب، فقد تتخلّص النهضة من جناحيْها الحالييْن أو من أحدها ليلتحق المتروك بالضفة الأخرى، وقد يسترجع المسار والجمهوري مسافتيْهما من النداء ليقتربا من الجبهة الشعبية التي اختارت حاليا التمهّل قبل تقرير تحالفاتها، وقد لا نستغرب إن اختارت السير وحيدة كما لن نَذهل لو وجدناها مع «مسار النداء الجمهوري» .
هذا الحراك جيد للمشهد السياسي ولكنه بلا تمظهرات إيجابية لدى المواطن العادي، بل بالعكس كثرة الصراخ بين الفرقاء أدّى إلى احتقان شارعي نراه بوضوح في ارتفاع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية وقطع الطريق وإضرابات الجوع. هل كان الذهاب إلى التأسيسي خطأ فادحا بما أنه أطال المرحلة الانتقالية على شرعيتها؟، لم تعد الإجابة مهمّة ما دام قد أصبح واقعا وسيّد نفسه ونَفَس الشعب. اختار الفرقاء بعد الانتخابات عدم التوافق في إدارة هذه المرحلة وأساسا حول السلطة التنفيذية، المعارضة تطلب من الفائزين عدم الحُكم واختيار حكومة تكنوقراط ! فلماذا انتصروا إذن وهل كان عليهم الاعتذار عن فوزهم؟، وترويكا حاكمة بمجرّد نقدها ولو سطحيا تصيح نحن ندير حكومة تصريف أعمال تقريبا وليس من حقنا أخذ القرارات الكبرى فلا تطلبوا مِنّا المستحيل (مع أنه في الحقيقة قليل)، فلماذا حكمتم إذن وتداعيتم إلى غنيمة الكراسي كما يلتحم النحل بخليته ؟، ثم لماذا استعجلتم تغيير الولاّة والمعتمدين والعُمد ومديري المؤسسات الكبرى بآخرين عنوانهم لا يدل إلاّ على انتماء حزبي ضيّق مع أنّ شرعيتكم مؤقتة حسب كلامكم؟، لماذا ترفعون ورقة الشرعية الانتخابية لتبرير حُكمكم وفي الآن نفسه تتبرؤون مِن تبعاته (الحُكم) كلما فاضت كأس أخطائكم وما أكثرها؟. الحلّ كان بسيطا لجرّ الفرقاء منذ البداية جرّا و«بالسلاسل» إلى جنة التوافق:بين حكومة تكنوقراط طالبت بها المعارضة وحكومة سياسية تُرضي الترويكا، هناك حكومة «تكنوسياسية» تكون فيها أغلب المناصب للتكنوقراط والمستقلين مع احتفاظ الترويكا ببعض الوزارات بما فيها رئاسة الحكومة. هذا التمشي لو حدث لقلّص حجم الاحتقان داخل التأسيسي ولَسَرّع وتيرة المهمة الأساسية له وهي كتابة الدستور كما أنه كان سيزيل الضغط المسلّط على الحكومة من المعارضة لانتفاء السبب السياسي الدافع لذلك.
إنّ الضجيج المفتعَل حول استحقاقات تاريخ 23 أكتوبر 2012 يؤكّد المغالَطة المتعمّدة مِن طرفيْ النزاع، فالمعارضة رغم أنها ترغب في تواصل العمل التأسيسي فإنها عمدت إلى عدم إبراز ذلك حتى تزيد في إحراج الترويكا، وقد تركت مهمة الطعن في الشرعية لمواقع التواصل الاجتماعي المقرَّبَة منها، بل شاهدنا في مظاهرة 22 أكتوبر مَن ينادي بإسقاط النظام مع أنّ الموقف المُعلَن لحزبه هو حكومة توافق واسعة لا تستثني أحدا بما في ذلك الترويكا! . في المقابل تؤكد الترويكا وأساسا النهضة أنّ الاحتفالات ضرورية بالذكرى الأولى ولكن أية ذكرى؟، المعلَن هو الاحتفال بأول انتخابات نزيهة وحرّة (جماعة النداء يقولون إذن هم يحتفلون بإنجاز تاريخي قام به السبسي!) والمخفي ولو أنه أطلّ برأسه من خلال التصريحات، هو الاحتفال بالانتصار الانتخابي ونعت الخاسرين بالفاشلين السيّئين والمعرقلين لعمل الحكومة والمنقلبين على الثورة! .
انظروا المعركة «الالكترونية» بين الطرفيْن لتفهموا حجم التجييش الذي سيهدّم المعبد على مَنْ فيه وحادثة تطاوين بداية لما هو أفظع لو واصل الفرقاء طريق الشيطنة والتخوين وادعاء امتلاك كل الحلول السحرية . فهل باسم شرعية المجلس التأسيسي يتنافس الحاكمون والمعارضون على إشعال النار والتظاهر بالسؤال عن سبب الدخان؟، نعم التأسيسي سيّد نفسه ولكنّ الشعب سيّد الجميع! وقادر في أية لحظة «مُقْتَنَصَة» على سحب تفويضه منكم والخوف، كل الخوف، أن يستعمل نفس أساليبكم المتشنّجة بل قد يتجاوزها بهدير لن تقدروا على صَدّه أو تصوّره إلا بعد حلول الخراب. إنّ العنف اللفظي والتباهي بالصراخ سببا البليّة والمرور إلى العنف الجسدي هو النتيجة الوحيدة الممكنة، ولجان ما يسمّى حماية الثورة إحدى هذه الكوارث التي نبّهنا لخطورتها حتى قبل قتيل تطاوين («فما يسمى رابطات أو لجان حماية الثورة تستعيد في الحقيقة ممارسات التجمع المُحَل، ظاهرها بلا انتماء حزبي وباطنها انتماء لا حدود له دون توريط لأصحاب المصلحة النهائية». مقالنا بتاريخ 5 أكتوبر 2012) وإننا نستغرب كيف يقول الوريمي والغنوشي عنها أنها متكوّنة من ثوّار حقيقيين يسهرون على حمايتها (ما شاء الله)!، ماذا تفعل إذن مؤسسات الدولة؟، نستحضر هنا ما قاله زيتون مِنْ أنّ المرحلة الثورية انتهت بالانتخابات والآن دخلنا مرحلة بناء مؤسسات الدولة وإصلاحها.
تصريحات متنافرة حول مسألة واحدة لقياديين من حركة واحدة!، والأخطر من ذلك أنّ «تلميع» صورة «اللجان الثورية» يعطي الفرصة لآخرين لمحاولة «تثوير» هذه المرحلة وعدم الاعتراف بمؤسسات الدولة بما فيها المجلس التأسيسي الذي تتبجّحون من خلاله بشرعيتكم، ثم مِن أي فَجّ خرج هؤلاء الثوار الكبار؟ لا نعرف لهم لا اسما ولا وجها ولا صوتا ولا قلما قبل 14 جانفي، بل حتى قبل القصبة 2 . كيف للشرعيين التخلي بطيب خاطر عن ممارسة شرعيتهم لهؤلاء «الثورجيين» مقابل التلويح بها في وجه كل منتقد أو رأي مخالف؟، وحتى نسمّي الأشياء بأسمائها نسترجع فترة ما قبل انتخابات أكتوبر 2011، النهضة لم تكن معنية أصلا بفكرة المجلس التأسيسي التي طالب بها بالأساس اليسار والقوميون والمؤتمر، بل كانت ترغب مثل التقدمي (الجمهوري حاليا) في المرور مباشرة إلى الرئاسية والتشريعية لتوقّعهما الانتصار الساحق ولكنّ القصبة2 كانت تنادي فالتحقت النهضة بها وعملت على البروز داخلها. نفس المسار تقريبا للجان حماية الثورة، فبعد سقوط شرعية مؤسسات النظام السابق عمل اليسار والقوميون على إنشائها فتبناها اتحاد الشغل الذي نجح في تجميع كل القوى السياسية بما فيها النهضة للتوافق حول إدارة المرحلة الانتقالية داخل هذه اللجان على أن تنتهي مهمتها بانتهاء أسبابها وهي صعود الشرعية التي سيمثّلها الفائزون في الانتخابات، لكنّ الحكومة الشرعية بالصناديق الشفافة تنازلت عن شرعيتها بأن رخّصت للجانٍ انسحب منها الجميع سوى الموالون بالتواجد القانوني ولا نفهم كيف تسمح بتواجد وزارتيْ داخلية وعدل موازيتَيْن لوزارتيها الشرعيتيْن اللتين يقودهما العريض والبحيري!، فأصبحنا نشهد قصاصا وأحكاما وتأديبا خارج عهدة الدولة التي من المفروض أنها تحتكر استعمال العنف (طبعا حسب القانون).
إنّ استطرادنا في تناول هذا الموضوع مردّه خطورة السيناريوهات التي يقلّل السياسيون من إمكانية حدوثها لكننا نراها قريبة على أمل منع حدوثها:الآن تركز «اللجان الثورية» على نداء تونس، ماذا لو يحدث رد فعل من أنصارها ؟ أيضا ماذا لو تغيّرت المعادلة وأصبحت الجبهة الشعبية هي الأقرب انتخابيا إلى المنافسة على الحكم (و هي الآن تتمدّد بهدوء وثبات)، هل ستصبح هي المستهدَفَة؟، في هذه الحالة تكمن الخطورة في أنّ الجبهة الداعية دائما إلى التحركات المدنية السلمية، قائمة أيضا على نظرية الدولة الديمقراطية الاجتماعية وهذا يعني أنّ طبيعة مناضليها الملتصقة بالفعل الميداني لن تجعل ردودهم إن تعرّضوا للعنف بكائية و«مسيحية»(بمعنى لو ضربك أحد على خدك الأيمن فأعطه الأيسر) بل ربما سيكون الرد فوريا ولكم تخيّل بقية السيناريو الذي لن يكون إلا أحمر في كل الأحوال. وإذا دخلنا حلقة الفعل ورد الفعل على طريقة كلب بافلوف فلن نستطيع الخروج من نفقها المظلم إلا بعد عقود.
لكل ما سبق، سادتي النواب والوزراء والمعارضون كلكم شرعيون ولا جدال في ذلك ولكنّ تواصل شرعيتكم أو سحبها بيد الشعب، عليكم بالتوافق الحقيقي لا الزائف والمخاتل، والقدرة على أخذ القرارات الصعبة حتى العصيّة على الهضم من قواعد أحزابكم، والمرور سريعا إلى الحوار الهادئ، الآن الآن وليس غدا. سادتي، نعم، التأسيسي سَيّدُ نفسه لكنّ الشعب سيّد الجميع!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.