تعددت خلال الموسم المنقضي تحركات متابعي الكرة في فضاءات فرقهم وخارجها.. فهذه مجموعة تفرض على الهيئة المديرة التخلي عن لاعب ما.. وتلك تعتصم للمطالبة بتنحي أحد المسيّرين وأخرى تنادي بإقالة المدرب!.. لقد تقصدت الحديث عن «متابعي» الكرة لأن المسألة تتطلب تدقيقا لغويا.. وماديا في الآن. فممتابعو الكرة أنواع.. فمنهم المتفرج ويحتلّ السلم الفرجوي الأدنى فهو بمثابة العنصر غير المصنّف (في لعبة التنس).. لأنه يرتاد فضاءات الرياضة للفرجة فقط لعدم ارتباطه غالبا بفريق معين.. وهناك المحبّ الذي يتمركز بين درجة المتفرج ودرجة المناصر الذي سنأتي على ذكر مواصفاته وصفاته.. أي أنه يتموقع بين الهواية والاحتراف أو بلغة منظّرينا.. في اللاهواية! وهذا الصنف يتمايز على الأول أي المتفرج بانتمائه العاطفي إلى فريق معيّن ولا تروق له الفرجة إلا على إنجازاته وإبداعاته ويبذل الجهد المعنوي للوقوف مع فريقه ومناصرته.. ويفرح لانتصاراته ويحزن لانكساراته.. أما الصنف الثالث فيرقى إلى أعلى درجات التعلق والارتباط بفريقه ويعتبره جزءا من مكونات شخصيته ومن أهم العناصر المؤثثة لأوقاته.. وهو بذلك يبلغ درجة الاحتراف بمتطلباته المعنوية والمادية.. لأنه لا يبخل عن ناديه بالمال والأفعال ولا يهدأ له بال إلا بعد أن يضع في جيبه اشتراكه الذي يشكّل بطاقة هويته الرياضية.. والفرق بين الأصناف الثلاثة واضح.. فبينما يكتفي الصنفان الأولان بالانتماء اللساني يؤكد الثالث ارتباطه بالجيب محقق الأماني.. وقد جرّني القلم إلى الخوض في هذا التصنيف لما لاحظته من خلط كبير وخطير في الأذهان عند الحديث عن «الأحباء» و«المناصرين».. فإذا كان من حق الأحباء تشجيع فرقهم والوقوف معها و«التعصّب» الموضوعي لها (أي في إطار رياضي بحت) فإن دورها يبقى محدودا في كل ما يتعلّق بحياة أنديتها أو المشاركة في تسييرها عبر القنوات المعمول بها.. وذلك خلافا لصنف المناصرين الذين يمتلكون أحقية التوجيه والاقتراح والمساهمة في شؤون أنديتهم. إن انتساب هذا الصنف إلى نواديهم بتلك الصيغة يمنحهم صلاحيات الاقتراح والتدخل والمناقشة.. بما يتوفر لهم من الامتيازات التي لا تُمنح لغير المشتركين بصفتهم مساهمين. لذلك أستغرب من بعض الحملات التي يشنّها بعض «الأحباء» ضد هيئات منتخبة دون أن تكون لهم أية صفة سوى ما يتمتعون به من طول في اللسان وقصر في اليد.. وبذلك يصح القول (بتصرف): ما أكثر الأحباء حين تعدهم ولكنهم في الدفوعات قليل.. .. وبالصدق ألاقيكم وأشد على أياديكم..