المتهافتون على السفارة الأمريكية لا يرون الحل في تونس ما يخيفني اليوم اتساع الهوة بين النخب السياسية والجماهير هو مناضل عرف بنشاطه ضمن فصائل القوميين العرب التيار الناصري، وعرف أيضا بصولاته وجولاته زمن المخلوع بصفته النقابية كعضو مؤثر في النقابة العامة للتعليم الثانوي وكانت له مواقف واضحة إبان انتفاضة الحوض المنجمي 2008. حاول المغزاوي في هذا الحوار كشف بعض المسائل التي كانت الى حد اليوم غامضة في علاقة «حركة الشعب» ببقية مكوّنات العائلات السياسية. «حركة الشعب» بعد مؤتمراتها الجهوية خَفَتَ صوتها وحضورها، لماذا؟ أحيانا يكون خفوت الصوت مفيدا للاستماع إلى أصوات الآخرين. صوت الحركة ككل الأصوات يرتفع أحيانا وينخفض أحيانا حسب الظرفية السياسية التي تمر بها البلاد والفترة الأخيرة شهدت الحركة بعض الديناميكية الداخلية متعلقة بمناقشة الوضع السياسي وآفاقه إضافة إلى وجود الحركة ضمن التحركات الشعبية التي تشهدها البلاد المطالبة بتحقيق أهداف الثورة . البعض أصبح يضيف نقطة لكلمة «الشعب» فأصبحتم حسب كلامهم «حركة الشغب»، نستحضر هنا اتهامات والي سيدي بوزيد السابق وغيره من مسؤولين آخرين في جهات أخرى؟ من ينعتوننا بهذا النعت هم الذين اعتقدوا ان المسار الثوري انتهى بنتائج انتخابات 23 أكتوبر نحن كنا دوما نؤكد على ان المسار الثوري متواصل حتى تحقيق أهداف هذه الثورة لذلك كلما فشلت الحكومة في الإيفاء بالاستحقاقات الشعبية في التنمية والعدالة والقضاء على البطالة ارتفع صوت الناس وأخذ ذلك أشكال تعبير متعددة من التظاهر والاعتصامات... وطبيعي ان تكون حركة الشعب ضمن أي حراك سلمي ومدني. ان الذين يجرّمون الاحتجاجات الاجتماعية السلمية والمدنية والتي تعبر عن فشلهم يهربون الى الامام متناسين كمّ الوعود الكاذبة التي وعدوا بها الناس. فبعد حوالي سنة من تسلم هذه الحكومة مهامها ازداد الوضع الاجتماعي سوءا غلاء الاسعار تفشي البطالة غياب الأمن.... المعادلة التي يجب ان يفهمها الجميع ان من أهم مكاسب الثورة هي القضاء على الخوف في قلوب التونسيين لذلك كلما شعر الناس أن اهداف ثورتهم لا تتحقق سيواجهون المسؤول عن ذلك. قلتم سابقا إنكم منفتحون للحوار مع كل أطياف المشهد السياسي ولكننا نلاحظ منكم تركيزا كبيرا على نقد و«جَلْدِ» حركة «النهضة» سواء من قبل الأمين العام لحركتكم محمد الابراهمي أو منكم شخصيا، لماذا هذا التوَجّه؟ نحن أكدنا مرارا أن علاقتنا بحركة «النهضة» محكومة بما هو سياسي فاختلافنا معها هو حول استحققات الثورة نحن نرى ان الثورة. قامت من اجل منوال تنموي يضمن توزيع الثروة توزيعا عادلا بين الفئات والجهات وهي مازالت تحافظ على المنوال التنموي الذي أدّى بالبلاد الى كوارث. فنحن نطالب بمحاسبة الفاسدين وهم يتعاملون مع من يدخل بيت الطاعة نحن نعتبر ان استقلال القرار الوطني خط أحمر لا يمكن المساس به فهم يستخفون بهذا في العديد من المحطات (مؤتمر اصدقاء سوريا، تجريم التطبيع، تسليم البغدادي) هذه بعض نقاط الاختلاف من الطبيعي أن يعلو صوتنا وننقد كل من يستهين بثوابت الثورة (قطع مع الاستبداد والفساد والتبعية). لكنكم اقتربتم منها في فترة ما قبل انتخابات التأسيسي؟، ما الذي تغيّر في «النهضة» وفي حركتكم ليحصل هذا «التصادم»؟ حركة الشعب ثابتة على مواقفها وتحاول الانتصار لأهداف الثورة الكبرى مع من يشاركها في ذلك أما حركة «النهضة» فقد رفعت الشعارات لينتخبها الناس ثم لترتد عنها بعد فوزها بالانتخابات. هل كنتم تريدون منها وهي الأولى في الانتخابات أن تعتذر عن فوزها ولا تمارس الحُكم؟ رغم كل الشوائب المعلومة من الجميع التي شابت الانتخابات فقد كنا ضمن الذين اعترفوا بنتائجها. نحن نقول دائما في مراحل التحول الثوري ليس مهمّا من يحكم بل المهم كيف يحكم اذ ليست لدينا مشكلة مع فوز «النهضة» بل مشكلتنا في الارتداد على أهداف الثورة. ما حقيقة عرضها على شخصية في حركتكم المشاركة منذ البداية في الحكومة؟، إن كان صحيحا لماذا رفضتم؟ هذا غير صحيح. مقابل هجومكم الكبير على حُكّام اليوم وأساسا «النهضة»، قررتم البقاء في وضعية الانتظار: ترددٌ في قرار الانضمام للجبهة الشعبية والاختباء وراء تبرير ذلك بتواصل النقاش داخل حركتكم فلا أنتم قلتم لا بوضوح ولا قلتم نعم؟ المسألة ليست بهذه البساطة وليست مسألة تبرير نحن شاركنا في حوارات مع مكونات الجبهة وكنّا منذ البداية واضحين مع هذه المكونات. ان انضمامنا من عدمه مرتبط بمؤسسات الحركة. المشهد السياسي في تونس شديد التعقيد ومتحرك المشهد الحزبي لم يتشكل نهائيا بعد. بعد الحوارات التي دارت داخل الحركة بالجهات توجت باجتماع الأمانة العامة يومي 22 و23 سبتمبر قررت تعليق الحوار والنقاش داخل الحركة متواصل وهذا طبيعي حول هذه المواضيع وغيرها. المهم بالنسبة لنا أن تكون قراراتنا ديمقراطية ومعبرة عن القاعدة الجماهيرية للحركة. ألا يُعتَبَر هذا التردد تأكيدا على ما عُرِف عن القوميين مِن عدم القدرة على الحسم في مواقفهم السياسية مع بقية الأطراف السياسية؟ نحن لا نتردد في أخذ مواقفنا. فمواقفنا من أطراف سياسية غير محكومة بالكفر أو الإيمان ولا بالتناقضات الطبقية التي تشق المجتمع مواقفنا تتحدد بمواقف كل طرف من قضايا المجتمع. ألا يؤشّر ذلك على انتهازية تبقى في انتظار اللحظة الأخيرة لاختيار القارب الأقرب للغنائم السياسية؟ نحن أغرقنا كل قوارب الغنائم التي كانت راسية في انتظارنا في انتظار قوارب النجاة من منطقة الزلازل التي تمر بها الثورة. نحن قدمنا لهذه الثورة كل التضحيات وكان أغلب مناضلي الحركة إبّان الثورة مشاريع شهداء لم نكن كغيرنا قبل ان نصدر المواقف نفكر في المكاسب الضيقة منها وبعد الثورة مازلنا متمسكين بثوابتنا على رأسها أن غنيمتنا الكبرى هي وصول الثورة الى بر الأمان من خلال بناء دولة مدنية ديمقراطية ضامنة للمجتمع الكفاية والعدل. بكل وضوح، لنا معلومة للتأكيد أو للنفي تقول بأنّ اجتماع الأمانة العامة لحركتكم (المجلس المركزي) قرّر بالتصويت عدم الانضمام للجبهة الشعبية رغم تصريحاتكم والأمين العام ومراد العمدوني بقرار تأجيل القرار النهائي والتهرّب من الإجابة المباشرة. بكل صراحة أنتم المتّهم الأوّل برفض الجبهة أو على الأقل هذا ما هو متداوَل لدى «أعيان» الجبهة الشعبية؟ يهمني مبدئيا أن أؤكّد أن «حركة الشعب» تمثل صيغة تنظيمية استثنائية وحساسة جدا أولا لأن مكونات هذه الحركة هم في الأغلب مناضلون حديثو العهد بالعمل السياسي القانوني حيث تعودوا خلال كل العقود الماضية على انماط أخرى من العمل إضافة الى ما يتسم به المشروع القومي من حساسية مفرطة تجاه المسألة الديمقراطية. نحن نعتقد داخل «حركة الشعب» وبكل وضوح ان التنظيم السياسي ليس بديلا او وصيا على الحراك الجماهيري لذلك من باب أولى أن نقول أن الهياكل القيادية في الحركة لا يمكن ان تكون وصيا على المناضلين وسائر بقية الهياكل. أنا أرفض تماما هذا الفهم لما حدث داخل الأمانة العامة لان الأمر لا يتعلق باصطفافات وراء هذا الطرف أو ذاك. وقبل كل هذا أريد أن أذكرك بأنني شخصيا كنت في قسم كبير من تجربتي السياسية والنقابية الخاصة مندرجا ضمن أشكال مختلفة من العمل الجبهوي وتحديدا مع نفس الأطراف التي تشكل الجبهة الشعبية. ولا يفوتي هنا أن أؤكد أن هذا التأويل لما حدث داخل الأمانة العامة يعكس ثقافة رديئة سائدة لدى الأوساط السياسية في تونس لا ترى في مواقف الأحزاب السياسية الا صدى لمواقف بعض رموزها هذا بالضبط ما نأمل على تفنيده من خلال إرساء ثقافة جديدة قوامها ان لا حقيقة في العمل الحزبي الا داخل المؤسسة وان المؤسسة الصلبة هي فقط تلك التي تستوعب الكثرة داخل الوحدة . هل ترون في التجربة الانتخابية السابقة بعض الهنات وماهي في رأيكم ضمانات عدم تكرارها؟ أصبح من المعلوم من قبل الجميع ان المال السياسي والتوجيه الإعلامي لعبا دورا حاسما في نتائج انتخابات 23 / 10 / 2011 الجميع يتحدث اليوم عن الهيئة العليا للانتخابات وتركيبتها وصلاحيتها متناسين أن أكبر الخروقات التي شابت الانتخابات السابقة لم تحدث يوم الاقتراع فإرادة الناخبين لم تزور في الصناديق بل وقع توجيهها قبل ذلك فالعملية الديمقراطية ليست مجرد تصويت شخصي وسري يتم يوم الاقتراع بل هي مسار تتداخل فيه جملة من المعطيات ويمتد على مساحات اوسع من مكتب الاقتراع (الاعلام، القضاء، الأمن، الخدمات) لذلك فنحن نقترح أن يتم تحسين العملية الانتخابية باكتساب الهيئة المشرفة عليها صلاحيات تتجاوز الادارة والاحصاء والاعلام الي دور ردعي من خلال اضفاء الصبغة القضائية عليها. ما تعليقكم على مبادرة بعض مكونات المشهد السياسي الى تهنئة بعض اعضاء البعثة الديبلوماسية الأمريكية بنتائج الانتخابات الرئاسية في أمريكا؟ دعيني اسمي الأشياء بمسمياتها المتهافتون على السفارة الأمريكية هم أطراف لا يرون الحل في تونس كانوا ولا زالو يرونه قادما من وراء البحار. هؤلاء فاقدو الثقة بشعبهم لا يرون أنفسهم في السلطة الا بمباركة الولاياتالمتحدةالأمريكية يستوي في ذلك حكام ومعارضو اليوم. وجلادو وضحايا الأمس. ما هو تقييمكم للمشهد السياسي الراهن ونحن على أعتاب السنة السياسية الجديدة ستشهد محطات حاسمة ومصيرية؟ أهم ما يخيف في هذا المشهد هو اتساع الهوة بين النخب السياسية والجماهير فأغلب النخب منشغلة بجدل سياسي وقانوني حول موعد الانتخابات وتراتيبها مهملة الجانب الاجتماعي في حين أن الجماهير تشعر بإحباط شديد نتيجة خيبة أملها في الوعود السابقة وعدم ثقتها في هؤلاء الذين يتصدرون مشهد اليوم. في كلمة كيف تقيّم هذه الأسماء؟ راشد الغنوشي: ضعيف جدا أمام الاكراهات. القائد السبسي: الموتى لا يعودون. بن جعفر : في ورطة. محمد براهمي: أمين عام حركة الشعب ومناضل قومي ينتظر منه القوميون والوطن الكثير. حركة الشعب: لا مستقبل لتونس دونها. شكري بلعيد: أعرفه منذ المرحلة الجامعية ولم يتغير كثيرا. زهير المغزاوي : حالم بمجد تونس والأمة العربية.