الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    خبر سارّ: العشرية الثانية من شهر ماي مُمطرة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    نابل: رفع 219 مخالفة اقتصادية خلال شهر أفريل المنقضي    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    نادي ساقية الزيت يتأهل لنهائي الكأس على حساب النجم    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    ماراطون لندن يستقبل رقما قياسيا لطلبات المشاركة في سباق 2026    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    بداية من الثلاثاء: انقطاع مياه الشرب بهذه الضاحية من العاصمة.. #خبر_عاجل    في اليوم العالمي لحرية الصحافة: نقابة الصحفيين تدعو لتعديل المرسوم 54    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    سوسة: القبض على شخص مصنف خطير وحجز مواد مخدرة    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بمشروع مدني بيئي وثقافي    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عبد الحميد الجلاصي» ل«التونسية»:إضراب 13 ديسمبر قرار خطير لأن مطالبه سياسية
نشر في التونسية يوم 08 - 12 - 2012

منهج الحكومة الديمقراطية التشاركية لا الديمقراطية الحسابية
لا نخشى أحدا في الانتخابات... والشعب سيفرّق بين من يبني وبين من «يٌنبّر»
الاحتقان السياسي مفهوم في إطار إعادة بناء الأوضاع بعد زلزال الثورة
هو من أبرز القيادات النهضوية، يحب العمل في «صمت» بعيدا عن التصريحات المتشنجة والمواقف المتسرعة، نادرا ما يظهر في البرامج التلفزية أو الاذاعية ويكتفي ببعض التصريحات عند ما يطلب منه ذلك.
عبد الحميد الجلاصي الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس حركة «النهضة» تحدث ل«التونسية» عن موقف الحزب من التحولات الحاصلة في المشهد السياسي وعن الاتهامات الموجهة لحركة «النهضة» والحكومة من العديد من الفرقاء السياسيين. كما تطرّق الجلاصي الى موقف الحركة من قرار اتحاد الشغل بالإضراب العام يوم 13 ديسمبر الجاري ومنهج الحكومة في التعامل مع الفرقاء السياسيين الى جانب استعدادات الحركة للانتخابات القادمة.
يرى بعض الملاحظين السياسيين وأطراف فاعلة في الساحة أن موازين المشهد السياسي في تحوّل في الآونة الأخيرة، هل هذا صحيح؟
اعتبر أنه من المهم ونحن على أبواب إحياء الذكرى الثانية لثورة 17 ديسمبر / 14 جانفي المجيدة أن نجري جردا لحصيلة هذه الثورة المباركة، ويشترك في إجراء هذا الجرد أو التقييم الموضوعي النخبة السياسية ووسائل الإعلام والمؤرخون والمفكرون وسائر أبناء شعبنا وخاصة صناع الثورة الأساسيين. ما يمكن أن نقوله في هذا الإطار هو أن الثورة التونسية حققت مكاسب جمّة وخاصة في المسار السياسي بتكريس سقف عال من الحريات والتدافع السلمي وبناء المؤسسات، فمسيرة صياغة الدستور منطلقة ونعمل على أن يتصاعد نسقها وسقف الحريات الإعلامية والحق في التنظم وإنشاء الأحزاب والجمعيات يكاد يكون بلا حدود.
من جانب آخر أعلنت «الترويكا» منذ قرابة الشهرين عن نيتها الجادة في إنهاء المرحلة الانتقالية الثانية في أسرع وقت ممكن واقترحت موعد 23 جوان 2013 لتنظيم انتخابات عامة. كما أننا حرصنا في حركة «النهضة» على إدارة شؤون البلاد بالتوافق والبحث عن أوسع المشتركات وذلّلنا كل الصعوبات التي يمكن أن تهدّد أو تعرقل التوصل الى التوافقات من ذلك موقفنا من الفصل الأول من الدستور وكذلك من نوعية النظام السياسي... إذ نعتبر أن الحصيلة على صعيد المسار السياسي جيدة لكن الحصاد على صعيد التنمية والتشغيل والأمن دون التوقعات ولاشك أن هناك صعوبات كثيرة في هذا المجال ولكننا نعتقد أنه يمكن التسريع في إجراءات أكثر وضوحا باتجاه الفئات والجهات الأكثر تضررا وهشاشة، وكذلك اتخاذ إجراءات لفائدة بسط هيبة الدولة وضبط الأمن كشرط لترسيخ السلم الأهلية وتوفير أفضل المناخات للاستثمار الداخلي والخارجي.
في خلاصة عامة ثورتنا ومسيرتنا على الطريق الصحيح لكن سفينتها لم تصل بعد الى مرساها ومازال كثير من الجهد ينتظرنا جميعا كتونسيين بقطع النظر عن المرجعيات الفكرية أو الرايات الحزبية أو المواقع الاجتماعية.
الوضع السياسي، في حالة مخاض وحراك هناك مساع كثيرة لإعادة بناء المشهد السياسي عموما ورسم الخارطة الحزبية والتشكل في صورة عائلات متقاربة من حيث المرجعيات أو المقترحات والبرامج. وبطبيعة الحال لا يخفى على أحد طابع الاحتقان في العلاقات السياسية والتي أتصور أنها ستزداد كلما اقتربنا من الانتخابات، ولكن في العموم أعتبر أن هذا الوضع مفهوم في إطار إعادة بناء الأوضاع بعد زلزال الثورة، الثورة ليست حدثا عارضا أو جزئيا إنها ضرب لموازين قديمة وعالم قديم وتشكيل لعالم وتضاريس جديدة... القديم لا يسلم بسهولة في مواقعه ومصالحه والجديد يحتاج الى وقت ليتوضح ولترسى ثقافة وأعراف وقوانين ومؤسسات وإنسان جديد... إنسان الثورة.
ما تعليقكم عن أحداث بطحاء محمد علي مؤخرا؟
ما يلفت النظر أن يوم 4 ديسمبر حافل بالمفارقات: من جهة: احتفالية كبرى في قصر الحكومة بالقصبة وتجمع مهم بين قوى العمل وقوى الانتاج والحكم (أي الحكومة) في تتويج لمسار من المفاوضات الاجتماعية الشاقة والمضنية والتي تحلى فيها كل طرف بروح عالية من المسؤولية وكان من نتيجتها حصول مئات الآلاف من العائلات على زيادات في الأجور هي الأكبر في تاريخ البلاد، رغم دقة المرحلة وحساسية الظرف هذا الحدث كان من المفترض أن يكون حديث المنابر والساحات لأيام، المفارقة الثانية، أن تونسيين أجمعوا على إحياء ذكرى أحد زعماء النضال الوطني ورموز وحدة البلاد مهما اختلفت بينهم المراجع والبرامج ذكرى «حشاد» الذي قال يوما «أحبك يا شعب».. أراد شعب الثورة وهو يستكمل طريقه للتحرّر السياسي والانعتاق الاجتماعي أن يعيد له التحية ليقول بصوت واحد «نحبّك يا حشاد» ومن جهة ثالثة، تتطور الأوضاع الى أحداث عنف بين التونسيين ومشاهد مؤلمة ومؤسفة لا يمكن إلا إدانتها بأشدّ العبارات حتى لا نترك مجالا للالتباس، فتونس الثورة وفرت الفرص وتوفر الفرص لكل صاحب رأي أن يعبّر عن رأيه بالوسائل السلمية وبالحكمة والموعظة الحسنة.
... لماذا حدث ما حدث، يمكن أن نقرأ ما حدث يوم 4 ديسمبر قراءة حدثية جزئية أو أن نقرأها في إطار سياق عام.
لا يخفى علينا أن هذه الأحداث تتنزل في مناخ يسود فيه خطاب من الشحن والتعبئة والتجييش السياسي والاجتماعي والإعلامي.
كما لا يخفى أن الروزنامة السياسية في البلاد لم تستقر بعد رغم دعوة «النهضة» و«الترويكا» الى تنظيم الانتخابات في 23 جوان المقبل ومن جهة أخرى فإن فئات عديدة من الشعب التونسي تلاحظ سعي أطراف مأدلجة بل لنقل بوضوح أطراف شيوعية، داخل المؤسسات القيادية للمنظمة الى احتكار وتوظيف هذا الاتحاد العريق في تجاذبات سياسية وحسابات حزبية ليس اتحاد الشغل مجالها ولا أداتها، هذا المناخ كلّه، وأنا هنا أفسر ولا أبرّر، هو الذي أفرز ما حصل من عنف مدان، تبرز الصور والوثائق تشارك نقابيين مع محتجين آخرين ويبقى للقضاء البتّ في تحديد المسؤوليات ومعاقبة المسؤولين مهما كانت مواقعهم وصفاتهم ويبقى أيضا من صلاحيات لجنة تحقيق محايدة ومستقلة دعونا في حركة «النهضة» الى تشكيلها أن تنير الرأي العام في أسرع وقت عن كل الحقائق.
وأيّا كان الأمر فإن بلادنا لا تحتاج ولا تحتمل الاحتقانات أو التصدّعات أو المواجهات وإنما هي بحاجة الى حكمة والى عقل رشيد والى توجيه بوصلة الجميع نحو تحقيق أهداف الثورة والوفاء لدماء الشهداء.
يرى البعض أن الحكومة طرف رئيسي في تأجيج الأوضاع لماذا؟
أنا أرى أن الحكومة تنتهج نهجا مسؤولا في التعامل مع الأطراف الاجتماعية انطلاقا من خلفيات أساسية تحكم حركة «النهضة» ونظرت لها منذ 30 سنة وهي البحث عن التوافقات والتشارك باعتبار أن مراحل الانتقال الديمقراطي لا يمكن أن تدار إلا بتشريك الجميع واعتماد الديمقراطية التشاركية وليس الديمقراطية الحسابية وأيضا من خلفية أن المرحلة القادمة تحتاج الى كتلة تاريخية لحسن إدارة الانتقال تضمّ القوى السياسية الوسطية وقوى العمل ولاتحاد الشغل موقع مهم في هذا المجال، وقوى الإنتاج أي نقابات الصناعيين والفلاّحين.
هذا من حيث الأصل أما من حيث التمشي العملي فقد تفاعلت الحكومة ورئيسها مع كل مبادرات الاتحاد، سواء التي أطلقها في شهر ماي أو التي أطلقها في شهر سبتمبر كما اعتبرت الاتحاد شريكا في تهدئة الأوضاع في سليانة واعتبرته شريكا مهما في المفاوضات الاجتماعية الأخيرة.
سياسة الحكومة إذا هي الإقرار بموقع المنظمة النقابية وتشريكها والتفاعل الإيجابي مع مقترحاتها وليس العكس ولكن يجب أن نقرّ أن هناك ارتفاعا في سقف المطالب والانتظارات الشعبية ولا يمكن إلا أن نتفهم هذا الأمر ولكن هل يمكن لأي حكومة أن تشغل في ظرف أشهر معدودة 800 ألف عاطل عن العمل أو أن تعدّل بشكل جوهري ومحسوس إخلالات بنيوية في منوال تنمية تراكمت نتائجه لعقود من الزمن؟ لقد أحدثت الحكومة الحالية أكثر من 100 ألف موطن شغل ونقلت نسبة النمو من نقطتين تحت الصفر الى أكثر من ثلاث فوقه وبإمكانها أن تحقق نتائج ومكاسب أكثر وأن يحسّ التونسيون في الأرياف وفي الأحياء المهمشة وفي الشباب المعطّل أن قطار الثورة قد وصلهم.
بماذا تردّون على الاتهامات القائلة بأن ميليشيات تابعة لحركة «النهضة» هي من أثارت أعمال الشغب في «واقعة» الاتحاد؟
«النهضة» حزب سياسي مدني لا يحتاج الى ميليشيات سلاحه الأقوى هو فكرته وبرنامجه وقربه من الناس وسعيه الى خدمتهم والجرأة في الاعتراف بأوجه الخلل والقصور في أدائه إن حصل وأوجه الخلل والقصور موجودة ونحن أول من نعترف بها ونحرص على تعديلها.
هناك خطاب سياسي تعودنا عليه في الجامعة التونسية منذ سبعينات القرن الماضي يعتمد التهويل والاختلاق وقد أضرّ بأصحابه الذين لم يغيّروا الى الأسف رغم تقدم العمر بهم لا من أفكارهم ولا من وسائل عملهم ولا من خطابهم وتقنيات تواصلهم مع الناس، الصور التي تداولتها وسائل الإعلام والمواقع الاجتماعية أبرزت عناصر ترتدي أزياء الاتحاد وتحمل هراوات متماثلة ولا يمكن بالتأكيد اتهامها أنها عناصر نهضوية بل إن البعض منها يتحمّل مسؤولية نقابية في اتحادات جهوية داخل البلاد وله انتماء سياسي أحمر معلن.
ما موقفكم من رابطات حماية الثورة؟
ليس من شأن حركة «النهضة» أن تعطي التأشيرة لأي كان أو أن تمنع أيّا كان من حرية النشاط. الأصل في وضع ديمقراطي كمثل الذي نعيشه ونسعى الى مزيد ترسيخه أن يحاسب الناس على أساس أفعالهم فكل من خالف القوانين يجب أن يساءل ويعاقب بمقدار جرمه والفيصل في ذلك أن العلوية للقانون وأن التونسيين سواسية أمامه لا يتفاضل بعضهم على بعض إلا بمدى التزامهم بمقتضى نصوصه وأحكامه وقواعد العيش المشترك.
هل ترون أن إضراب 13 ديسمبر المقرّر سيزيد من تعقيد العلاقات بين الاتحاد و«النهضة» وهل يدخل في خانة التصعيد؟
هذا قرار خطير إذ لم يلجأ الاتحاد في تاريخه سوى مرة واحدة لسلاح الإضراب العام، كان ذلك في 26 جانفي 1978 في إطار انغلاق سياسي واحتدام الصراع على الخلافة وعدم تفهم السلطة السياسية للمطالب الاجتماعية المشروعة ولم يلجأ الاتحاد لا في الثمانينات رغم احتدام الازمة مع حكومة المزالي الى هذه الوسيلة ولا لوّح بها او استعملها طيلة حكم الدكتاتور المخلوع ومن ثمة فان هذا القرار مستغرب وخطير وليست له دوافع اجتماعية بل دوافعه اساسا سياسية، وليس لحركة «النهضة» مشكل مع الاتحاد كمنظمة ولا مع قيادة الاتحاد ولا اعتقد ان للحكومة مشكلة مع هذه المنظمة، هذا الاضراب السياسي يندرج في محاولة اختطاف المنظمة تاريخا ونضالا وتموقعا والانزياح بها الى مربع العمل السياسي المباشر... ما استطيع تأكيده هو ان 26 جانفي لن يتكرر وأن لهذا الشعب حكمة وعقلاء وان المطلوب التمييز في الوظائف والأدوار لكل المتدخلين في الشأن العام فللحكومة وظائفها وللأحزاب وظائفها وللنقابات وظائفها ولجمعيات المجتمع المدني وظائفها.
المطالب المعلنة لهذا الاضراب هي مطالب سياسية اذ ان الحكومة استجابت بسخاء للمطالب الاجتماعية. امل ان يتغلب صوت العقل والحكمة وان تتعاضد جهود الجميع من اجل ارسال رسائل طمأنة لأبناء شعبنا ولشركائنا الاقليميين والدوليين لأن سفينة الثورة التونسية منطلقة رغم العواصف الجزئية التي تحصل هنا او هناك، وحركة «النهضة» مندرجة ضمن هذا النهج المنفتح والعقلاني والذي يحرص على احتواء الازمات مهما كان عمقها.
صرح المسؤول النقابي حفيظ حفيظ في احدى الاذاعات بأن الاتحاد في علاقة عداء مع «النهضة»، بماذا تعلقون؟
يمكن ان يكون هذا السيد في علاقة عداء مع حركة «النهضة» هو ومن يمثل قناعاته ولكن لا أظن المنظمة في علاقة عداء مع الحركة وفي كل الحالات حركة «النهضة» في علاقة عداء مع الفقر والجهل والمرض والتخلف والانغلاق وتعتبر ان الاتحاد العام التونسي للشغل شريك مهم في التصدي لمثل هؤلاء الأعداء.
كيف تقيّمون مبادرات كل من المنصف المرزوقي واحمد بن صالح وأحمد المستيري للتهدئة؟
لي ثقة في عبقرية التونسيين، هذا الشعب هادئ ومعتدل بطبعه وتعاضدت عوامل الثقافة والمناخ والتاريخ والجغرافيا على ترسيخ هذا المزاج فيه لذلك، انا على ثقة في أننا سنتجاوز هذه المحطة الصعبة وحركة «النهضة» تثمن وتتفاعل ايجابا مع كل المبادرات البناءة في هذا المجال وفي غيره، سننسى بعد مدة صعوبات شهر ديسمبر 2012 ونلتفت لنتأمل باعجاب صرح الثورة التونسية الذي بنيناه معا بكل حماسنا وبكل اختلافنا ورغم كل اخطائنا.
ماهو السيناريو المحتمل في صفاقس خاصة أن التشنج بلغ أشده في الجهة، كما ان المطالبة بإزاحة الوالي باتت ملحة؟
أعتبر ان مراحل الانتقال الديمقراطي صعبة ومعقدة وطويلة وفيها الكثير من الاحتقان والتجاذب، ولقد شهدنا طيلة السنتين الماضيتين عديد الصعوبات والأزمات تتنقل من جهة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر ولا يجب ان نغرق في تفاصيل اللحظة وإنما أن نتأمل المسار العام للبلاد ووجهة سفينتنا وأن نستفيد من أخطائنا..
ستسعى بعض الأطراف الى افتعال أزمات او توظيف تطلعات مشروعة في صفاقس او في غيرها من الجهات ولكن العبرة ان تستمر الثورة التونسية في مراكمة المكاسب والانجازات يوما بعد يوم وأن يرتفع بناؤها بناء الدولة الديمقراطية العادلة والمستقلة والمعتزة بأصلها والمنفتحة على عصرها أن يرتفع لبنة بعد لبنة.
استعمال «الرش» ضد أهالي سليانة نقطة سوداء كان من الممكن تفاديها... ماذا تقولون؟
لا يمكن إلا أن نأسف ونتألم لأية مظلمة يتعرض لها أي تونسي، ثانيا نحن مع كشف كل الحقائق والاسراع في ذلك ومحاسبة كلّ من يخالف القانون والحرص على تحقيق موازنة ضبط الأمن مع المحافظة على حياة وسلامة وكرامة كل تونسي.
ما حكاية سامي الفهري، ما تفسيركم لمسار القضية، (إجابتكم كمواطن)؟
المسألة قضائية بحتة وليست سياسية وليس لي علم بتفاصيل اشتغال الجهاز القضائي في هذه المسألة واعتبره الجهة المرجع في الفصل فيها.
ما ردّكم على المشككين في مصادر تمويلات حركة «النهضة» ووصفها ب «المشبوهة»؟
نحن نعمل في اطار قوانين البلاد ونحن حريصون في الحركة على استقلال قرارنا السياسي وذلك لا يمكن ان يحصل الا باستقلال تمويلنا، مصادر تمويلنا هي من ابناء الحركة، من ارتفع دخله او حرص على أن يقتطع جزءا من أجره المتواضع في خدمة مشروعه في خدمة حركة لا تمثل له مجرد وعاء وإنما حامل لمشروع حضاري ورسالة للاصلاح.
وقد كنا من الأوائل الذين اعدوا تقريرا دقيقا وضافيا في مصادر وأبواب مصاريف حملتنا الانتخابية ووضعناه على ذمة الجهات المعنية.
ما هي حظوظ «النهضة» في الانتخابات القادمة؟
نحن لا نركز الآن على الحملة الانتخابية وانما نركز على تحقيق اهداف الثورة وما تعهدنا به لابناء شعبنا في حملتنا الانتخابية والتونسيون سيفرّقون بين من يبني وبين من «ينبّر» وسنكون ان شاء الله من الصنف الأول ونترك البقية لقدرهم.
هل هناك حزب تخشونه في الانتخابات القادمة؟
نحن قوة جمّاعة ونسعى الى توجيه رسالة الى كل التونسيين مفادها أننا شركاء في الوطن وان ما يجمع بيننا الكثير وما يفرقنا القليل وأننا قد حققنا ملحمة طيلة السنتين الماضيتين وأننا قادرون جميعا على تحقيق ملاحم اخرى في قادم السنوات وأن المنافسة الانتخابية وسيلة لمزيد البناء والتجميع وليست وسيلة للتفرقة والتشتيت والتصدع، وقد وجهنا سنة 1982 رسالة الى المناضلين في الساحة الطلابية عنوانها «يا أيها الشركاء تعالوا الى كلمة سواء» ونحن نجددها اليوم ونقول: «يا أيتها القوى السياسية والاجتماعية والمدنية تعالوا الى استكمال تحقيق اهداف ثورتنا»، ومن ثمة فنحن سنستعد للانتخابات بجهدنا وعملنا ولا نخشى منافسا وسنرضى بحكم شعبنا على برنامجنا وأدائنا فهو الحكم العدل في الديمقراطيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.