شهدت الساعات الأخيرة تصعيدا خطيرا على مستوى مضمون الخطاب المتداول بين جانب كبير من التونسيون عبر فضاءاتهم الافتراضية الخاصة والعامة على شبكات التواصل الاجتماعي. تصعيد خطير قد تختزله الكلمات المفاتيح التي بدت طاغية على رسائله الظاهرة والمبطنة.. عبارات تتحدّث عن «الجهاد.. الحرب.. المواجهة.. دحر الأعداء.. المرتزقة.. ولن يمرّوا إلاّ على جثثنا.. » وما إلى ذلك من المصطلحات المنتقاة بعناية فائقة من معاجم التحريض على الصدام والعنف بين التونسيين في نهاية المطاف. بعد التطورات السياسيّة اللاحقة لإعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن قراره تنظيم إضراب عام بالبلاد في 13 من الشهر الجاري نطقت ألسنة عديد المشائخ الممثلة للتيارات الإسلامية الأكثر تأثيرا بالبلاد ونطقت معها حناجر عديد الأئمة بالمساجد.. وتحوّل المشهد إلى ما يشبه الحشد لمعركة تحت راية «الله أكبر». عديدة هي الأصوات التي ندّدت في المقابل بهذا الخطاب ووصف بعضهم الأمر بأنّه «بداية مرحلة العنف الممنهج والحرب الأهلية على الأبواب». آخرون حمّلوا الحكومة الحالية مسؤولية ما يحدث فهي حسب قولهم «من شجعت على العنف واحتضنته ولم تحاسب القائمين عليه». أبرز محطات وتفاصيل الحكاية ضمن المتابعة الفايسبوكيّة التالية.. أجندات غربيّة.. بعد أن طالعتنا صفحة «صقور النهضة التونسية الإسلامية» على الفايس بوك (87 ألف محب) بمقطع فيديو يظهر إمام جامع الزيتونة وهو يبيّن أن «من يضرب عن العمل هو عدو لله والإسلام والأمة ويجب إيقافه عند حده»، تابعنا على صفحة الفايسبوك «أدمين مخابرات» تحت عنوان «عاجل : رسالة الشيخ أبو عياض إلى الشعب التونسي» مقطع فيديو جرى تقاسمه بين التونسيين عبر موقع يوتوب وسائر صفحات التواصل الاجتماعي كما تسري النار بين الهشيم. مقطع الفيديو يظهر فيه أبو عياض التونسي أو سيف الله بن حسين، أحد أبرز زعامات السلفية الجهادية بتونس، يتوجه من خلاله بكلمة غير عاديّة إلى الشعب التونسي في ما يلي نصّها: «أيها الشعب، إنك اليوم بدأت تشعر بل بدأت تلامس حقيقة التيارات العلمانية التيارات المرتبطة بأجندات غربية التي تريد لك المذلة وربطك بالكفر العالمي. بدأت تكتشف ما هي حركة «نداء تونس» وهي «داء على تونس».. بدأت تكتشف خطط وألاعيب الاتحاد. لقد دعونا سابقا ومازلنا ندعو، يجب عليك أيها الشعب أن تقصي هؤلاء الذين يحاربونك في قوتك ويحاربونك قبل قوتك يحاربونك في دينك وفي عفّتك وكرامتك. عليك أن تقف يدا واحدة مع إخوانك في أنصار الشريعة لمجابهتهم ولدحرهم ولألاّ يعودوا إلى الحكم أبدا ولو على جثثنا. أيها الشعب، هذه رسالتنا إليكم، أعلم أن كثيرا من المرتزقة سيردون على هذه الكلمة وسيؤولونها تأويلات فاسدة لا تعنينا تأويلاتهم نحن نقول لكم، سابقا قلنا ونكرّر، نقول لكم نحن مستعدّون لأن نفديك في دمك ودينك وعرضك ومالك بأنفسنا فكن إلى جانبنا والله سبحانه وتعالى هو الذي سينصر دينه بنا أو بغيرنا فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون النصر بنا.» انتهت الكلمة.