تعيش العديد من العائلات في السبيخة وضعا مأساويا وظروفا صعبة. ومشكلتهم ليست مع السلطة أو الجهات المحلية بل مع مجموعة من الأنفار قد لا يتجاوز عددهم ال20 شخصا استغلوا حالة الانفلات الأمني بعد الثورة بمنع عائلات من العمل في الأرض التي تستغلها عن طريق عقود كراء من الدولة منذ عدة أجيال وتحديدا منذ 1835 اي لمدة تفوق قرنا ونصف القرن. ورغم حصول الفلاّحة المتضررين على عقود كراء من وزارة أملاك الدولة خاصة أنّ الأراضي دولية فإنّ هؤلاء الخارجين عن القانون «وقفوا حاجزا» ليحولوا دون مباشرة الفلاّحة لعملهم بتعلة أنهم ليسوا اصيلي السبيخة وسلالتهم الأولى ليست من الجهة وعليهم بكل بساطة العودة إلى سيدي بوزيد مسقط رأسهم وهو ما حوّل أكثر من 9 ألاف هكتار وتحديدا «هنشير الضريعات» بالسبيخة إلى أراض مهجورة وبات مصير عشرات العائلات مجهولا وأغلبها اليوم بلا مورد رزق. المأساة انطلقت منذ سنتين، وإلى اليوم لا وجود لحلول تذكر رغم أن الوثائق والقانون في صف المتضررين حسب شهادة السيد «محمود بن علي ساسي الناصري» الذي قدم إلى مقر «التونسية» محمّلا بالهموم ومثقلا بحجم المأساة قائلا: «نحن أناس بسطاء، مسالمون ولا نريد العنف، ونطالب فقط بتطبيق القانون». وأضاف: «لقد منعتنا هذه المجموعات والتي تبعد أراضيها حوالي4 كلم من أراضينا من ممارسة عملنا الفلاحي، وحرمونا من زراعة أراضينا وكلما حاولنا الزراعة يهبّون «مجموعات» ويهددّوننا بحرق الجرّارات وتكسير الآلات بل أكثر من ذلك يتلفون ما نزرع ويخرّبون المنتوجات وهو ما اضطرنا إلى العزوف عن العمل وبات عشرات الشباب ممن يرتزقون من العمل الفلاحي بلا عمل ولا قوت». وأمّا «ايمن بن معاوية الناصري: الذي رافق محمود في زيارته لمقر جريدتنا فقد قال: «ضربوني وعنفوني لأني حاولت العمل وتحدّي تهديداتهم، وقد استخرجت شهائد طبيّة في الغرض لكن أصبح الخوف يسكننا وبكى الرجال من القهر والظلم رغم أن المحكمة أنصفتنا وقضت في شأن بعض المعتدين بالسجن وبالكف عن الشغب والاعتداء على الغير وأملاكهم لكن جبروتهم كان أقوى و ممارساتهم كانت تزداد عنفا وبأسا». واضاف: «همّهم الوحيد تحويل هذه الأراضي إلى مراعي ولا تهمّهم عشرات العائلات التي حُرمت من قوتها وقوت عيالها هذا بالإضافة إلى الكمبيالات والديون التي تتراكم علينا يوما بعد يوم رغم أننا كنا من أبرز المنتجين لكن ربما الحسد والغيرة هي التي دفعت هؤلاء إلى طردنا من أراضينا التي لا نعرف غيرها وفتحنا أعيننا فيها أبا عن جد وبطرق قانونية». وقال أحد المتضررين: «كلّما طرقنا بابا إلا ووجدنا التفهم والاستغراب من الأطراف الحكومية، لكن لا أحد يتدّخل والأرض بقيت منذ سنتين مهملة بعد أن كانت خصبة ومنتجة ورغم تدخلات العمدة والوالي فإن جميع المحاولات باءت بالفشل فهل تتحرك الجهات المعنية أم ان هناك أشخاص فوق القانون؟».