نظم يوم أمس المجلس الوطني للحريات ببلدية القيروان ندوة حول التعذيب بين الأمس واليوم في علاقة بمسار العدالة الانتقالية باشراف الحقوقية سهام بن سدرين وهي في الان نفسه رئيسة مركز تونس للعدالة الانتقالية وذلك بحضور ممثلين عن العديد من مكونات المجتمع المدني وبعض الاحزاب السياسية والناشطين الحقوقيين وبعض المساجين السياسيين السابقين. السيد أحمد الكيلاني (ناشط حقوقي وجمعياتي) قدم سهام بن سدرين للحضور وأعطى لمحة تاريخية عن نضالها وتضحياتها ثم بدات الندوة بعرض شريط وثائقي حول التعذيب في تونس وأساليب وزارة الداخلية في العهد السابق وقمع المعارضة والناشطين الحقوقيين مع بث شهادات حية لبعض المساجين السياسيين والناشطين الذين تم ممارسة التعذيب عليهم وقد نشر الشريط قائمة للجلادين مثل محمد الناصر الذي نال جائزة 7 نوفمبر سنة 1993 كشهادة مكافئة وتكريم لأعماله التعذيبية وقد تفاعل الحاضرون مع هذا الشريط الوثائقي. مداخلة سهام بن سدرين تضمنت الحديث عن التعذيب وقذارة الأساليب المستعملة خلال النظام الاستبدادي للرئيس المخلوع وعبرت عن شرفها واعتزازها بأحرار تونس الذين لم يسكتوا ودافعوا بكل قوة عن حقوقهم من اجل الحرية. وعبرت بن سدرين ل «التونسية» عن تباطيء الحكومة الحالية في المحاسبة والتتبع القضائي للجلادين وأشارت الى ايقاف عديد الأطباء مؤخرا بسبب تزييفهم لتقارير الطب الشرعي بعد وفاة عديد المساجين تحت التعذيب بين سنة 1991 و1993 والتي تقدر ب 33 حالة وفاة وقالت حرفيا «ما حصل مؤخرا هو عبارة عن الحوت الصغير الذي تم الإمساك به في الصنارة بينما الحوت الكبير ظل طليقا». وذكرت بعض الأسماء مثل عبد الوهاب عبد الله والقنزوعي والجلاد الأكبر محمد الناصر وعبرت بن سدرين أيضا عن استيائها من عدم تتبع هؤلاء الجلادين وتركهم في حالة سراح خاصة بعد الثورة وقالت انه لم تتم محاسبة أكبر رموز التعذيب في تونس كما انتقدت السلطة الحالية والتباطء السلبي في عملية المحاسبة والتتبع القانوني. وتحدثت عن زيارة مرتقبة للمجلس الوطني للحقوق والحريات إلى سجن سيدي بوزيد وبعض السجون الأخرى في القريب العاجل بما فيها سجن «الهوارب» بالقيروان. هذه الندوة شهدت عديد التدخلات من الحاضرين وانتقد احد الأستاذة جمعية المساجين السياسيين (فرع القيروان) وتقصيرها واعتبر أن ممارسة التعذيب على أي كان شيء لا يقبل أبدا وطالب الطبقة المثقفة في تونس بضرورة رفع راية حقوق الإنسان وتنزيهها لجعلها ثقافة شعبية وطالب سهام بن سدرين بضروة زيارة السجون والمعاينة المباشرة للأوضاع وفتح تحقيق في الممارسات في عهد ما بعد الثورة وايدانة التعتيم الإعلامي حول ذلك. كما تدخل السيد لطفي بالكحلاء وهو احد المساجين السياسين السابقين واستعرض شهادة حية عن تعذيبه وتعذيب عائلته وأطفاله وذكر للحضور كيف تم قتل ابنته (16 سنة ) السنة الفارطة في فرنسا واتهم الأجهزة الاستخباراتية التونسية والفرنسية والأمريكية بالوقوف وراء ذلك موجها نقدا لاذعا ومباشرا للمجلس الوطني للحريات بتونس ولسهام بن سدرين وعجزهم عن الدفاع عنه وأهدى بعد ذلك كتابا لبن سدرين من تأليفه ومراجعة توفيق بكار يحمل عنوان'' لم أكن جاسوسا '' وهو عبارة عن سيرة ذاتية لقصة التعذيب التي مر بها ويروي معاناته مع السجون والتعذيب والأجهزة الاستخباراتية. كما تدخل الأستاذ عبد الحميد السهيلي وانتقد الحزب الحاكم سابقا الذي كان عبارة عن جهاز استخباراتي باتم معنى الكلمة كما انتقد وجود صور حالية لبعض الشخصيات من حزب «التجمع» في قصر البلدية وكذلك استغرابه من وجود بعض وجوه «التجمع» المحلّ خلال الندوة. كما طالب الاتحاد العام التونسي للشغل بفتح ملف ورفع قضية في خصوص أحداث 1978 المتورط فيها محمد الصياح وهو الطليق والحر حاليا وكذلك أحداث الخبز سنة 1984 والتعذيب البورقيبي واعتبر التعذيب في عهد بن علي '' خيارا سياسيا ممنهجا ''. محمد ملاط (ناشط حقوقي ) تفاؤل ببداية الردع للمجرمين من خلال إيقاف بعض الأطباء المشبوهين والمتورطين وبعض الأشخاص المشاركين في التعذيب ونوه بسهام بن سدرين واعتبرها بمثابة '' القوة الهادئة '' وأيده السيد محمد المستيري (عضو في مجلس الحريات وناشط حقوقي ) واستعرض نضالاتهم في العهد السابق وكواليس عقدهم لجلسات سرية جراء ممارسات النظام الأمني السابق وأشار إلى انه كان شاهدا حيا على معاناة سهام بن سدرين.