قامت «التونسية» بزيارة إلى منزل عائلة شهيد الوطن أنيس الجلاصي بمنطقة «الشواربية» من عمادة الكرمة التابعة لمعتمدية الشبيكة (القيروان) وذلك بعد أسبوع من دفنه. هناك التقينا بكل أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء ورصدنا آراءهم وانطباعاتهم. كما سجلنا عديد التفاصيل والمعلومات حول آخر أيام المرحوم. في البداية لابد من توجيه تحية شكر لكافة العائلة على حفاوة الاستقبال التي لقيناها من طرف عائلة الشهيد أنيس الجلاصي رغم وقع الفاجعة ومظاهر الحزن المتواصل على ملامح الجميع. أيمن الجلاصي (شقيق الفقيد) عاطل عن العمل وصاحب شهادة عليا باعتباره تقنيا ساميا في التصرف في الصيانة الصناعية أكد ل«التونسية» بأن أنيس كان بمثابة كل شيء في حياة العائلة التي يعتبر عائلها الوحيد وهوالذي ضحى بدراسته من أجلها بعد أن انقطع عنها منذ السنة الثانية بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية برقادة بسبب الظروف الاجتماعية والمادية القاسية والتحق بعد ذلك بسلك الحرس الوطني منذ سنة 2009 . وأكد أيمن بأن «أنيس» كان همه الوحيد عائلته وهومحبوب جدا من كل أفرادها وأثنى على خصاله وعلى شجاعته. أيمن قال أيضا بأن «أنيس» هاتفه قبل يومين من وفاته وأوصاه على الوالد والوالدة ثم قام بالحديث مع والديه قرابة نصف ساعة وكل العائلة وكأنه يودعهم الوداع الأخير وكانت آخر كلمات الأم هي تحذيره بالانتباه والاهتمام بنفسه وبالحذر الدائم». أما عم بشير الجلاصي ( والد الشهيد) فقد حدثنا بكل فخر واعتزاز عن ابنه وقال: «ابني شهيد الوطن وأنيس طيب جدا ومتخلق ويحبه كل الناس وهوحنون جدا مع عائلته وكان يتصل بي ليليا وكنت أستشيره في كل شئ تقريبا». عم بشير أصر عبر «التونسية» بأن يشكر كل الشعب التونسي على تعاطفه ومساندته لهم وكل من واكب الجنازة من أمنيين ومواطنين ووسائل اعلام وشكر أيضا المواطنين بالخارج الذين اتصلوا به وأثنى على خصال وكرم الشعب التونسي. كما شكر كل أهالي ولاية القصرين على مساندتهم ووقفتهم الانسانية. واعتبر والد الفقيد حضور رئيس الجمهورية وعديد الشخصيات الحكومية مساندة معنوية وقد امتزج الحزن بالافتخار بعد تقديم العائلة شهيدا للوطن وهوفخور بأنيس الذي يعتبره الشمعة التي أضاءت على عائلته وعلى منطقة «الشواربية». وختم حواره معنا والدموع تنهمر من عينيه في مشهد مؤثر: «أموال الدنيا كلها لن تعوض أنيس». أما آمنة ( شقيقة أنيس) طالبة فقد أثنت بدورها على خصال شقيقها وقالت حرفيا: «هوالأخ والأب الروحي وكان ينفق على دراستي منذ الطفولة وكان يضحي بوقته من أجلنا». وقد أكدت ل«التونسية» بأن المرحوم اتصل بها قبل يومين من وفاته موصيا إياها حرفيا: «رد بالك على روحك ورد بالك على أمي وروح في الويكاند للدار». كما عبر أنور ( الشقيق الأصغر لأنيس) عن فخره بشقيقه وعن الفراغ الذي تركه في حياته. أما عبد اللطيف الشورابي (ابن عم الشهيد) وهومواطن مقيم بالخارج ( ألمانيا ) فقد روى لنا كيف علم بالخبر عن طريق «الفايسبوك» ولم يصدق ما قرأه وقد كان متأثرا جدا والدموع تنهمر من عينيه. العديد من أقارب الشهيد وأصدقائه وأيمن أيضا تحدثوا ل«التونسية» كيف أن أنيس جاء قبل وفاته بأربعة أيام إلى منزل عائلته في «الشواربية» وجلس مع كل أفراد العائلة والأقارب بصغيرهم وكبيرهم .كما ذهب أيضا إلى مدينة سليمان أين يتواجد عدد كبير من أقاربه أصيلي المنطقة وكأنه ذهب لتوديعهم جميعا الوداع الأخير. كما تحدث ابن عم الفقيد كيف أن أنيس وقبل مغادرته لمنزلهم في اتجاه مركز عمله في «بوشبكة» أصر على أن يكمل «دهن» بيته بنفسه في الليل وقال بالحرف الواحد: «البيت يجب أن تكمل باش المرة الجاية كي نجي إن شاء الله نلقاها حاضرة». من جهته روى عبد اللطيف (ابن عم الفقيد) ل«التونسية»'' أيضا كيف أنه عندما ذهب يوم الجمعة الفارط لجلب أدباش المرحوم وأوراقه عثر في بيته على كل صوره التذكارية منذ أيام الطفولة إلى آخر يوم وقد أخذها معه الفقيد خلال زيارته الأخيرة لمنزل العائلة ولم يترك إلا صورة واحدة ربما لم يتفطن إليها.كما تحدث أيضا عن تأثر زملاء أنيس وأعوان الحرس الوطني «ببوشبكة» الذين بكى بعضهم على فراقه. وروى وكيل حرس وطني إلى ابن عمه كيف أن أنيس كان يقوم بإيصاله يوميا وقال حرفيا: «''تمنيت لو مت أنا مكانه». أقاربه رووا ل«التونسية» أيضا كيف أن أنيس قطع إجازته باعتباره تحصل على 5 أيام اضافية كحافز وتشجيع له عندما القي القبض على سيارة تهريب مؤخرا على الحدود ولكن أنيس أصر على العودة إلى العمل خاصة وانه تلقى اتصالا هاتفيا من زملائه في العمل يفيد بأن الوضع الأمني على حافة الانفلات باعتباره متزامن آنذاك مع الإضراب العام في ولاية القصرين. كما روى زملاء أنيس في القصرين بأن الشهيد كان كريما جدا بشهادة الجميع وخاصة في أيامه الأخيرة إذ كان يساعد عائلة سورية لاجئة وكان ينفق من ماله الخاص عليها ويسهر على تأمين الغذاء والدواء لها بنفسه. وفي نهاية الحوار أصر أيمن شقيق الفقيد على أن يوجه تحية شكر بإسمه وبإسم عائلته وكل أقارب المرحوم إلى كل أصدقاء أنيس وزملائه الأمنيين بجميع أنواعهم ( حرس وطني ووحدات تدخل وسجون وحماية مدنية وشرطة وجيش وطني وخاصة رئيس الجمهورية السيد المنصف المرزوقي والضيوف على عملهم الإنساني وزيارتهم ووقفتهم المعنوية مع العائلة. عزوز الشورابي (أحد أقارب الفقيد) أصر على ختم اللقاء برثاء المرحوم عبر بيت شعري مرتجل: أنيس جبت مودعا الديار تركت فينا كل الافتخار كيف لا وأنت الشجاع المغوار نسيم الكرمة أصبح بك منار