خسرنا أكثر من 20 ألف عامل في الشركات المتعدّدة الجنسيات لابدّ من طمأنة المستثمرين الألمان والفرنسيين يعيش قطاع المعادن والإليكترونيك وضعا اجتماعيا واقتصاديا صعبا للغاية جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها أوروبا والوضع الاستثنائي الذي تعيشه تونس جراء الاضطرابات الاجتماعية والسياسية وجراء هذا الوضع شهد هذا القطاع، الذي يشغل مئات الآلاف من العمال باعتبار القدرة التشغيلية العالية. أزمة خانقة تسببت في تسريح عدد كبير من العمال وفي هجرة عدد من المستثمرين الأجانب الذي انتقلوا إلى المغرب ، وفي هذا الحوار مع السيد الطاهر البرباري الكاتب العام للجامعة العامة للمعادن والإليكترونيك بالاتحاد العام التونسي للشغل يكشف خطورة الوضع في القطاع خاصة مع بروز ظاهرة هجرة مستثمرين تونسيين إلى الخارج وتحديدا إلى المغرب حيث اتهم البرباري عددا من المستثمرين التونسيين بتراجعهم في حجم الاستثمار وتخوفهم من الاستثمار في تونس وهو ما يجعلنا لا نلوم المستثمر الأجنبي على الخروج من تونس فكان هذا الحوار. أولا لننطلق من قرار دخولكم في إضراب عام في قطاع المعادن والإلكترونيك فماهي أسبابه؟! يشهد قطاعنا توترا كبيرا جراء وجود مشاكل مع بعض المستثمرين ففي شركة «مقلدة» التي يملكها السيد معز إدريس عقدنا عدة جلسات على الرغم من اتصالات رفيعة المستوى لم نصل إلى اتفاق فصاحب الشركة يريد طرد العمال لأسباب اقتصادية لكن وزارة الشؤون الاجتماعية رفضت المطلب شكلا ومضمونا وهو ما جعل السيد معز إدريس يقرر الدخول في إضراب عن العمل في مناسبتين خلال ثمانية أشهر والآن الشركة مغلقة وهناك قضايا منشورة في القضاء من طرف المشغل حكم في شأنها ضد النقابيين بخمسة أشهر والعمال متمسكون بإنهاء الإشكال بعيدا عن القضاء رغم احترامنا الشديد للمؤسسة القضائية كما تشهد مؤسسة أخرى بزغوان متاعب كبيرة مرتبطة بعدم احترام الحق النقابي ونحن متمسكون بتطبيق الاتفاقات. لكن أي إشكاليات تعيشونها اليوم بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية ؟! الاشكال يكمن في الشركات متعددة الجنسيات التي تناهز ثمانين بالمائة من المشهد الاقتصادي في قطاعنا وتشغل أكثر من خمسين ألف عامل وقد انطلقت في التقليص من عدد العمال وذلك منذ بداية السنة حيث تم تسريح ما بين عشرين إلى أربعين في المائة من العمال لأسباب اقتصادية (أي قرابة عشرين ألف عامل) وذلك نتيجة الأزمة المالية الأوروبية وثانيا نتيجة الوضع غير المستقر لتونس أمنيا وسياسيا. إذن أنتم متخوفون من الوضع بقطاعكم ولكن كيف تقيمون حجم الاستثمار الحالي؟! لدينا مؤشرات حول التراجع في استثمارات كانت مبرمجة لسنة 2013 في قطاع الكهرباء والاليكترونيك وخاصة بالنسبة للشركات الألمانية وهو ما يمثل خطرا محدقا باقتصادنا. وماهو الحل حسب رأيكم؟! الحل يكمن في بعث إشارات طمأنة إعلاميا وديبلوماسيا لدى المستثمرين الأجانب خاصة من فرنسا وألمانيا ولعلمكم تم بعث حلقة تواصل مع النقابات الألمانية في المعادن وكذلك مع السفارة الألمانية بتونس وقد تم على اثرها عقد جلسات عمل لوضع استراتيجية لمتابعة الوضع الاجتماعي والاقتصادي للشركات الألمانية بتونس ونحن نعمل في إطار الحوار الإيجابي مع هذه المؤسسات قصد إنقاذ المؤسسات ومواطن الشغل. في مجال آخر نبهتم مؤخرا إلى خطورة الوضع الاجتماعي والاقتصادي في شركات بيع السيارات ًخاصة داخل الشركات المصادرة؟! بالفعل نحن نعيش أزمة حقيقية جراء الوضع الذي تعيشه الشركات المصادرة على غرار «الفورد« و«بيجو» والغريب أن قرار الحكومة بإيقاف توريد السيارات تسبب في بطالة فنية لعمال هذه الشركات والأدهى من ذاك أنه لما تمت خصخصة شركة النقل بأريانة لم يتم إمضاء محضر الإحالة حول عمال شركة النقل «فولسفاكن» أي لم يتم الأخذ بعين الاعتبار مستقبل العمال في شركة النقل وهو أمر غير قانوني ويستدعي الحيرة والريبة، كما أعلنت الحكومة عن خوصصة بقية الشركات المصادرة وستكون البداية بشركة «بيجو» وهناك نقطة استفهام كبيرة تحوم حول مستقبل الشركة حيث تم استدعاء وزارة الصناعة لحضور الجلسة العامة للشركة ثلاث مرات متتالية إلا أنها تغيبت دون اعلام أو تقديم اعتذار وهذه الوضعية جعلت إدارة الشركة تعيش شللا كاملا بل هناك احتمال لهروب الشريك الفرنسي بيجو من تونس والأغرب أنه بالرغم من إشعارنا للحكومة بخطورة توقف توريد السيارات خلال الثلاثية الأخيرة لسنة 2012 والتي وضعت العمال في بطالة فنية في كافة الشركات إلا أن الحكومة أخلفت تعهدها بالإسراع بتسوية الملف خلال شهر جانفي الماضي على أقصى تقدير وإلى غاية هذا اليوم لم يتم النظر في الأمر ممّا خلق خسارة كبيرة للمستثمرين وولد حيرة لدى العمال الذين يعيشون اليوم بطالة فنية. ففي دار «ستافيم البيجو» يوجد غموض حول مستقبل الشركة ونحن نعيش في قطاع السيارات «(اليوم بيومه)» نتيجة الفراغ السياسي وغياب القرار الحكومي الحاسم وهنا أدعو وزارة الصناعة إلى تحمل مسؤولياتها فهي التي أقنعت المجلس التأسيسي ببيع هذه الشركات. نراكم متشائمين إزاء الوضع داخل قطاعكم؟!!! بالفعل فالوضع خطير على الاقتصاد التونسي وكذاك على العمال والغريب الغياب الكلي لدور الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة في جميع هاته الملفات ومما زاد الطين بلة كذلك أنه لم يتم إمضاء الملاحق التعديلية الخاصة بالزيادات في الأجور إلى حد اليوم وهنا ندعو الأعراف إلى لعب دورهم الفعال والمعهود لتسوية هذه الملفات. ولكن ملف هجرة الشركات الأجنبية من تونس إلى دول مجاورة ألا يقلقكم؟!! يقلقنا كثيرا، لكن ما حيّرنا أكثر أن رئيس جامعة المعادن بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة وهو الذي يملك أكبر الشركات في تونس ( السيد فوزي اللومي) خير بدوره الاستثمار في المغرب وكان يمكن أن يكون مثالا للجميع ويرفع في استثماراته في تونس عوض التحول إلى بلدان مجاورة منافسة لنا ، ثم إن انكماش معدل الاستثمار في تونس من طرف رجال أعمال تونسيين زرع الخشية لدى المستثمرين الأجانب وجعلهم يتخوفون من تقديم تضحيات مالية ، وهنا نؤكد استعدادنا لفتح حوار عميق والبحث مع إخوتنا في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة عن الحلول بعيدا عن التشنج أو الحسابات الضيقة.