نظمت امس مؤسسة «المجد» للدراسات الاستراتيجية ندوة حول «الارهاب: مقاربة شاملة في مكافحة الارهاب» بنزل «الديبلوماسي» بالعاصمة, للتنبيه من مخاطر الارهاب الذي اصبح يطرق ابوابنا خاصة بعد اغتيال «بلعيد» واكتشاف مخازن الاسلحة بالعاصمة. وأكد «عبد الوهاب الهاني» رئيس حزب «المجد» ان تونس مهددة بمخاطر الارهاب اكثر من اي وقت مضى مضيفا «أن الارهاب على الابواب» معتبرا اياه خطرا يهدد كيان الدولة وحياة مواطنيها, داعيا الجميع وفي مقدمتهم نخبتنا الى رص الصفوف لمقاومة هذا الخطر المحدق قائلا: «نهضتنا في نخبتنا وليست نكبتنا في نخبتنا...». وقدم الهاني لمحة تاريخية عن اول مشاركة تونسية في عمليات ارهابية تحت مظلة «القاعدة» وتحديدا في العاصمة الاسبانية «مدريد» وصولا الى احداث سليمان نهاية سنة 2006 وبداية 2007 مشيرا الى ان الهجمات الارهابية التي نفذها تونسيون أخذت بعدا عالميا ولم تكن على اراضينا وهو عكس ما حصل في الجزائر, مضيفا ان تعداد جماعة «انصار الدين» المتشددة في مالي بلغ 600 عنصر منهم 300 تونسي. وقال رئيس حزب «المجد» ان الارهاب يبحث عن موطئ قدم في بلادنا خاصة بعد بروز مؤشرات تسهل تموقعه على غرار عملية اغتيال المرحومين «شكري بلعيد» و«لطفي نقض» اضافة الى إحراق مقامات الأولياء التي رافقها دخول السلاح الى اراضينا الذي وصل الى العاصمة», مضيفا: «يجب التضامن لحماية بلادنا من مخاطر الارهاب...». ودعا الهاني في كلمته الى ضرورة التفريق بين الارهاب والمقاومة (مقاومة الاحتلال والاستعمار)... تونس مهددة بالارهاب من جانبه اعتبر «نور الدين النيفر» خبير في استراتيجيات الامن الشامل في مداخلته حول المخاطر الارهابية على الصعيد العالمي وتأثيراته على تونس, عملية اغتيال بلعيد حادثة مفصلية في تاريخ بلادنا, قائلا: «تونس تعيش تهديدا داخليا وخارجيا بالارهاب...», موضحا ان العالم اليوم امام جيل رابع من تنظيم «القاعدة» نشأ بعد اندلاع ثورات الربيع العربي وعلى رأسها الثورة التونسية. وأبرز النيفر ان الجيل الرابع هو الاخطر على الاطلاق بعد ان تلقى تدريبات جيدة على كيفية استخدام الاسلحة على الاراضي الليبية والسورية, مضيفا انه جيل يعادي الغرب ويسعى إلى ضرب مصالحه الاقتصادية على الاراضي الاسلامية. وأشار النيفر الى ان الجيل الرابع لا يخشى الموت مضيفا انه عبارة عن خليط بين شبكات بيع المخدرات وعصابات تبييض الاموال ... مخطط لبث الفوضى وكشف النيفر عن وجود مخططات يشرف عليها متطرفون غربيون لزرع الفوضى الخلاقة في بلدان الربيع العربي وفي مقدمتهم تونس ومصر لكي تصبح وجهة للمتشددين دينيا والتخلص منهم, قائلا: «هناك مخطط من المتطرفين لبث الفوضى في تونس ومصر لكي يعود المتشددون الى بلدان لاقلاقها, لكي تسلم أمريكا وبقية الدول الغربية من هجماتهم...». وأكد الخبير الاستراتيجي ان حادثة اغتيال بلعيد هي دليل على سقوط المحرمات والقيم في بلادنا وتحول الصراع بين العلمانيين والاسلاميين من فكري ثقافي الى بدني وصل حد القتل, ممّا زرع الخوف في صفوف النخبة السياسية والطبقة الوسطى واستشهد بالبرامج الحوارية في الفضائيات التونسية التي تقتصر على وجوه بعينها, قائلا: «دخلنا في ثقافة الموت وابتعدنا عن ثقافة الحياة والكيان والشخصية التونسية... ثقافة الموت ما انزل الله بها من سلطان يتم الترويج لها من قبل بعض الفضائيات... هناك اغراء بالسلاح والمال لاستقطاب الشباب». علينا ان نكون رحماء ببعضنا وأوضح النيفر ان ظاهرة الارهاب ستتطور في الأشهر القادمة مستفيدة من الازمة الاقتصادية العالمية التي تؤثر سلبا على بلدان الربيع العربي, مضيفا ان أوروبا تدوسنا بشركاتها وتلاحقنا بأقمارها الاصطناعية وتراقبنا بأشخاص بيننا, داعيا الى ضرورة نشر قيم الرحمة والتسامح في صفوف المجتمع التونسي للوقاية من الارهاب, قائلا: «علينا ان نكون رحماء ببعضنا وأشداء على أعدائنا وليس العكس...». مساجد الرصد من جهته أبرز «ناصر الهاني» رجل قانون ان الظاهرة الارهابية متغلغلة عند اصحاب الفكر الجهادي التكفيري مشيرا الى ان المناخ بعد الثورة اصبح ملائما لنمو «القاعدة» ببلادنا. وكشف الهاني ان المساجد تشكل امكنة لرصد الشباب الحامل للفكر الجهادي قبل أن يقع تجنيدهم للقيام بهجمات. تكليف رباني ؟ أما «حامد بن إبراهيم» الكاتب العام لنقابة اعوان الخارجية فقد قال في كلمته حول «حماية الديبلوماسية من المخاطر الارهابية « ان التحالفات والكتل يمكن ان تؤثر على دولة دون أخرى وتكلفها هجمات انتقامية واستشهد بحادثة قصف حمام الشط من طرف الطيران الحربي الاسرائيلي قائلا: «علاقتنا بفلسطين كلفتنا اعتداء إرهابيا... يجب ان تكون مواقف بلادنا متوازنة لكي لا تكون عرضة للانتقام...». وبخصوص تعريف الارهاب قال بن ابراهيم انه لا يمكن حصر تعريف موحد للارهاب بتعلة ان كل طرف يفسره وفق منظوره الخاص, مضيفا: «ان الجهادي يتصرف وفق تكليف رباني, وهو لن يقبل اي تعريف مناهض لما يقوم به...».