مشهدان شدّا الانتباه في شارع بورقيبة يوم احتفال «القبائل» الحزبية والنحِل والمِلل بعيد الشهداء: صورة أولى ترفع المعنويات إلى السماء وتُرمّم ما تكسّر في دواخلنا من أمل، وثانية مربكة للعين والقلب والمستقبل. الأولى لفتاة صغيرة بفستان أحمر طفولي زادها علمنا المفدّى جمالا وبراءة، كانت مزهوّة فرحة برفع العلم. في لحظة تداعى إليها كل المحتفلين الذين لمحوا فيها كل ما خفي من حقائق: تونس للجميع والآتي أجمل بحول الله وتكاتف النوايا الصادقة لتكون الابتسامة حقّا ملكا شائعا لكل المواطنين. أمّا الثانية فكانت صورة صادمة، من وراء الحدود قادمة، جعلت وجوهنا غائمة: أطفال أبرياء أراد أولياؤهم بسوء أو حسن نية لا فرق، أن نقرأ المستقبل الذي يعدّونه لأطفالهم وبالتالي للبلاد والأجيال القادمة: لباس «جهادي» بأحزمة و«كلاشينكوف» بلاستيكي، يا الله! أهذا ما نغرسه في البراءة كي تتحوّل إلى قنابل موقوتة تنفجر بعد سنوات في البلاد والعباد؟. يا الله، مَنْ يغتال الطفولة لن يجني إلاّ الخراب في الكهولة! يا الله، هل يريدون جيلا يُشعل الحرائق ويحتكر حصريا كل وَهْم الحقائق ومن يخالفه الرأي يَنْصُب له المشانق؟ يا الله أ نرّبي صغارنا على الموت والانتصار لصوت الرصاص ورائحة الدماء التي ستصبح ماء؟، يا الله أ نريد جيلا لا يفكّر ولا يناقش ولا يخترع بل ككل القطيع، يسمع فينفّذ ويُطيع؟. يا الله، يا أحد يا صمد، احْمِ أطفالنا من غواية الكبار إلى الأبد، خوفي على هذا البلد!!