قالت أمس بسمة الخلفاوي أثناء إشرافها على يوم دراسيّ تحضيريّ خصّص لوضع الورقات الأولى التي سينطلق منها المؤتمر الوطني لمناهضة العنف في 18 ماي القادم إنّ كلّ الأطراف الفاعلة في تونس على اختلاف انتماءاتها وإيديولوجياتها معنيّة بضرورة إيجاد حلول لمناهضة العنف عبر دراسة الوضع الراهن في البلاد. وثمّنت الخلفاوي كلّ المبادرات المحليّة والجهويّة والوطنيّة العاملة على التصدّي لظواهر العنف. من جهته قال سمير الشفي ممثلا عن الإتحاد العام التونسي للشغل إنّ الأطراف التي وقّعت سابقا على وثيقة نبذ العنف التي تقدّم بها المعهد العربي لحقوق الإنسان تلتقي من جديد لتهيئة الأرضيّة وإيجاد تصوّر ومقاربة سياسيّة وأخلاقيّة وقانونيّة من شأنها نبذ ظاهرة العنف التي تفاقمت بعد 14 جانفي مضيفا انّ الإتحاد كان سبّاقا بالتعاون مع الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان وهيئة المحامين لإيجاد التصوّرات والبدائل والصيغ المناهضة للعنف مؤكّدا انّ المؤتمر لم يكن وليد الصدفة بل كان استجابة لدعوة الشهيد شكري بلعيد في آخر حضور تلفزي له معتبرا أنّ التصدّي لظاهرة العنف مسؤوليّة جماعيّة لتأمين وتحصين المجتمع من أثاره المدمّرة على حدّ تعبيره. أمّا بلقيس المشري عن الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان فقد أكّدت انّ المسألة اليوم لم تعد تقتصر على مناهضة العنف عبر المحاضر والبيانات بل أصبحت تتطلّب حلولا جذريّة بعد ان تفاقمت الظّاهرة وتعدّدت مظاهرها وصولا إلى الاغتيال السياسي داعية كافّة الأطراف المشاركة إلى وضع اليد في اليد لخلق مناخ سلمي في ظلّ تقبّل الرأي الآخر مشيرة إلى أنّ ما سينتج عن الجلسة من توصيات سيقع إعتمادها كوثيقة رسميّة في مؤتمر 18 ماي القادم ومنها ستنطلق حملة مناهضة العنف في كامل الولايات. على الدولة تحمّل مسؤوليتها وقال بوبكر بن ثابت ممثلا عن هيئة المحامين إنّ الهدف من جلسة امس هو الخروج بنتائج عمليّة لظاهرة أصبحت تفسّر على انّها عاديّة مؤكّد ا أنّ ظاهرة العنف أصبحت تحتاج لتعبئة كلّ القوى للوقوف عند الأسباب الحقيقيّة للعنف والتوحّد لمقاومته بالأساليب القانونيّة بتعبئة مختلف قوى المجتمع. الشيء نفسه الذي أكّده عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أنّ المؤتمر هو تلبية لدعوة الشهيد شكري بلعيد حول نبذ العنف مؤكّدا انّ تونس اليوم في لحظة اختيار فارقة بين تحقيق حلم شعبها أو العودة إلى حضيض الاستبداد موضّحا أنّ العنف ليس قدر التونسيين التاريخي كما يريد البعض تصويره لكنّه، على حدّ تعبيره، نتاج تهاون الدولة وعدم تحمّل مسؤوليتها إزاء الظاهرة وتقصيرها في بلورة الرؤى متطرّقا بذلك إلى غياب تقارير التحقيق في أحداث العنف التي شهدتها البلاد منذ أحداث 14 جانفي. من جهته أكّد رامي الصالحي عن الشبكة الأورومتوسطية أن الدولة احتكرت العنف السياسي منذ بداية التسعينات في مواجهة حركة الاتجاه الإسلامي لكنّه تواصل بعد الثورة عبر مجموعات تهدّد المجتمع على غرار رابطات حماية الثورة وبعض الجماعات السلفيّة الجهاديّة والعديد من مسؤولي الدولة بواسطة تبريرهم لأعمال العنف وتبريرهم واعتبارها من مخلّفات الثورة ليدعو إلى ضرورة الحدّ من التطبيع مع العنف وإلى تحمّل المسؤوليّة. مؤتمر ضدّ العنف... لماذا؟ أكّد المنسّق العام للمؤتمر غازي الغرايري انّ عديد المنظّمات أقرّت العزم على عدم البقاء صامتة أمام خطورة وتفاقم ظاهرة العنف التي باتت تهدّد المجتمع التونسي وسلميّة الإنتقال الديمقراطي مضيفا أنّ العنف لم يطل السياسيين فحسب بل طال كذلك النقابيين والصحافيين والجامعيين ليصل بطريقة ممنهجة إلى النساء في الطريق العام ووسائل النقل. وأكّد الغرايري تورّط الجهات المسؤولة عن أحداث العنف برفضها إخراج تحقيقات على غرار عدم تقديم تقرير تحقيق أحداث 9 أفريل مشيرا إلى انّ المؤتمرالقادم سيكون مبنيّا على فكرة تشاركيّة متأتية من مسودّة جلسة أمس التي قد تفضي إلى ميثاق يرتكز على الجانب السياسي والإعلامي والمجتمع المدني لتكون ديباجة المؤتمر القادم ومنطلق أعماله ومؤكّدا أنّ التفكير في مسألة مناهضة العنف سيكون عبر تأسيس هيئة وطنيّة تعنى برصد مظاهره والإستماع إلى جميع الأطراف والإلتجاء إلى القضاء إذا لزم الأمر. هوامش: سجّلت جلسة أمس حضور العديد من ممثلي الأحزاب ومن مكوّنات المجتمع المدني على غرار محمّد جمور وسمير الطيّب وسناء بن عاشور وأحلام بلحاج ومحمّد بنّور فيما غاب عنها ممثلو حزبي حركة «النهضة» و«المؤتمر من أجل الجمهوريّة» رغم توجيه الدعوة إليهما. قال عبد الوهاب الهاني ل«التونسيّة» إنّ المؤتمر الوطني لمناهضة العنف يكتسي أهميّة كبرى للدور الذي سيلعبه في تنظيم العلاقات السياسيّة والإجتماعيّة في تونس بطريقة سلميّة مؤكّدا انّ المؤتمر سيساهم في البناء الديمقراطي السلمي. كما انتقد الهاني غياب حزبي «النهضة» و«المؤتمر» عن الجلسة التحضيرية رغم توجيه الدعوة إليهما مشيرا إلى انّ غيابهما يبرهن عن عدم إيمانهما بالتعايش السلمي. كما دعا إلى ضرورة الكفّ عن حملات التشكيك وهتك الأعراض من قبل بعض الأحزاب ومناصريها معتبرا ذلك نوعا من أنواع العنف. انتقد رفيق نورالدين بن كيلاني عن جمعيّة رسالة القصبة في تصريحه ل«التونسيّة» وجود إخلالات في اليوم الدراسي تمثّلت في غياب أرملة الفقيد لطفي نقض وأبنائه إضافة إلى غياب الشباب عن الجلسة الإفتتاحيّة رغم انّه المعني بمسألة العنف داعيا إلى ضرورة إصلاح مثل هذه الثغرات لإنجاح المؤتمر القادم . قالت فتحيّة السعيدي عن حزب المسار ل«التونسيّة» إنّ ما سينبثق عن جلسة أمس سيكون بمثابة الوثيقة الإلزاميّة التي ستستند إليها كلّ الأطراف التي ستشارك في المؤتمر القادم وأنّها ستكون وسيلة ضغط على المجلس الوطني التأسيسي لأخذ القرار وإخراج لائحة تدين العنف. دعا الصادق بلعيد أستاذ القانون الدستوري إلى ضرورة إنبثاق فريق يعمل على تجميع مواقف نواب المجلس الوطني التأسيسي حول نبذ العنف.