التونسية احتضن أمس نزل المهاري بالحمامات سحب قرعة رزنامة بطولة الرابطة المحترفة الأولى وكذلك أشغال الجلسة العامة العادية لجامعة الكرة ورغم أنّ الحدث من المفروض أن يكون من بين العناوين الرئيسية التي تشغل بال الجماهير قبل بداية الموسم الرياضي الجديد إلا أن الأمر مرّ مرور الكرام في ظلّ الأحداث التي تعيشها تونس اليوم بعد اغتيال فقيد الوطن محمد ابراهمي الذي طالته يد الغدر في وضح النهار... حادثة الاغتيال ألقت بظلالها على المشهد العام في تونس والوضع صار قابلا للانفجار بين الفنية والأخرى لذلك لم يكن من اليسير الخوض في بعض الجزئيات العالقة بالمشهد الرياضي طالما أن رأس المال ونعني استقرار البلاد وأمنها أصبحا معرّضين للخطر ولا يعرف حقيقة هل هي بداية النهاية لكلّ أشكال الترهيب أمّ هي صرخة العادة التي لن تجد أيّ مجيب... في خضّم كلّ هذه التطورات ووسط هذا الكمّ الهائل من الأحداث المتسارعة التي نعيشها يختفي كالعادة نجوم الورق في بطولة العرق الملوّث حيث لم نسمع ضجيج العادة ولم نر أيّ حضور لكلّ الوجوه التي ضجّت مسامعنا على امتداد الموسم الرياضي الفارط والتي كادت تربك البلاد في وقت من الأوقات وتسهم في نشوب حرب أهلية بسبب نبرة الجهوية التي كانت تطغى على تصريحات مسؤولي «الهانة»... الكلّ كان يتحدّث يمينا وشمالا ويتشدّق علينا بأدوار البطولة وحتى جدران رادس نطقت ذات يوم...لكن تنقلب المفاهيم اليوم ويختفي الركب برمته ليسود صمت مريب أشبه بالموت الإرادي وكأنّ الحدث لا يعني الجماعة...وكأن المصاب ليس جللا... وكأن النار التي تحرق تونس لا تلهب حماستهم... في كلّ المحافل الكبرى وفي كلّ البلدان التي تنبض على ايقاع الكرة يكون للاعبين صدى ووقع ايجابي كبير في نفوس الناس وكثيرا ما تكون لهم مواقف مشرّفة أحيانا تخمد نارا وتوقد أخرى وبعيدا عن الخوض في الثقل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للرياضيين يبقى وزنهم على الساحة مؤثرا سيّما وأنهم يحظون بشعبية كبرى لدى السواد الأعظم من عامة الشعب مهما تدنى مستواهم الثقافي والتعليمي فالكرة أفيون الشعوب ولا حرج في أن يقود جاهل «كوّراجي» ثورة العقلاء...ما عدا فرسان الكرة في تونس حيث يكتفي نجوم «الكرتون» في ملاعبنا وفي وقت ترتفع فيه وتيرة الاحتجاجات والاضطرابات السياسية والاجتماعية بالفرجة ومراقبة ما يدور من حولهم دون اكتراث وكأن الشأن لا يعنيهم...كلّ الأسماء دون استثناء دفنت رأسها في التراب مهما اختلفت ألوانها وانتماءاتها بما في ذلك الحزبية وغضّت الطرف وانصرفت إلى حال سبيلها ولم تكلف نفسها حتّى مشقة التعليق سواء بالسلب أو بالإيجاب... هؤلاء لم يعوا بعد أنهم سفراء في أوطانهم وأنّ ثقلهم المعنوي يفوق بكثير ما تؤّمنه أقدامهم على الميدان ولانّ فاقد الشيء لا يعطيه تسمّروا كعادتهم في مواقعهم يعاينون الأضرار وينتظرون لمن ستميل الكفة قبل الارتماء في حضن الفائز...هم هكذا بلا هويّة... بلا عقيدة... سلبيون إلى درجة الهذيان... لا راية لهم ولا عنوان وكلّ همّهم لا يرقى بعد إلى مرتبة الإنسان... كم كنّا نأمل لو أطلّ علينا البعض من «عبدة» الكرة ليكسروا حاجز الصمت ويتقدموا الركب ويختاروا طواعية صفّ اليمين أو الشمال...المهم ألّا يكونوا خلف الجدران لكن يبدو انه لا حياة لمن تنادي فالساحة ليست ملعبهم... «الكوارجية» والكلام كذلك ينطبق على الفنانين بمختلف أطيافهم برهنوا مرّة أخرى أنهم غرباء عن هذا الوطن وكل ما يعنيهم ويربطهم بالشارع المتحرّك مجرّد آهات مؤقتة ترضي غرورهم وتشبع كبرياءهم المسعور...ما عدا ذلك يطالعنا صمت مريب لا يليق بحضرة النجوم...