أوصى باحثون ومختصون إعلاميون بضرورة تغيير الصورة النمطية للمرأة عبر وسائل الإعلام، باعتبار ذلك مهمة جماعية تتطلب مشاركة من أطراف متعددة والاتفاق على تعزيز انعكاس التنوع الثقافي والاجتماعي والفكري والتنموي لكافة شرائح النساء الفلسطينيات . كما أجمعوا على أن المساحة المتاحة التي تفردها وسائل الإعلام لتناول قضايا المرأة غير كافية وموسمية، مؤكدين على أن وجود مساحة إعلامية محدودة لقضايا النساء في وسائل الإعلام على اختلافها هو بحدّ ذاته جزءٌ من النمطية. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، عقده مركز شؤون المرأة في مدينة غزة أمس الاثنين29/11، عرض خلاله نتائج دراسة بعنوان 'صورة المرأة في وسائل الإعلام الفلسطينية'، وذلك بحضور عدد من الإعلاميين والباحثين والمهتمين. وافتتح المؤتمر بعرض الفيلم الوثائقي 'الصورة الغائبة'، الذي يعالج قضية صورة المرأة في الإعلام الفلسطيني، وهو من إنتاج برنامج الفيديو بمركز شؤون المرأة وشبكة معاً. وفى كلمة الافتتاح آمال صيام المدير التنفيذي لمركز شؤون المرأة قالت، إن المركز يحتفل اليوم بميلاد بحث جديد يضم لقائمة أبحاثه التي تعالج كل منها قضية نسوية، خاصة وأن المركز يولي اهتماماً خاصاً منذ نشأته بموضوع الدراسات والأبحاث، انطلاقاً من إيمانه كمركز نسوي بأهمية المعلومات وأن تكون واقعية وصادقة ومبنية على تحليل البيانات. وأكدت صيام أن أهمية الدراسة تكمن في أهمية الدراسات على مستوى المؤسسات لتحسين القدرة على اتخاذ القرار وذلك عبر تطوير قاعدة بيانات للبحث العلمي وتدريب باحثات على منهجية البحث العلمي. 74.1% عن أن هناك ضعفاً واضحاً في توثيق جرائم الاحتلال ضد النساء من جانبها، قالت هداية شمعون منسقة برنامج الأبحاث والمعلومات بالمركز، إن موضوع تنميط صورة المرأة عبر وسائل الإعلام شكّل أولوية للنساء في قطاع غزة، فوفقاً لدراسة تحديد أولويات قضايا النساء أشارت 90% من المبحوثات إلى أن هناك تنميطاً لصورة المرأة الفلسطينية عبر وسائل الإعلام، وعرضها بالشاكية والباكية، فيما عبرت 74.1% عن أن هناك ضعفاً واضحاً في توثيق جرائم الاحتلال ضد النساء والعائلة والممتلكات ومصادر العيش. وتابعت أن الدراسة تهدف إلى التعرف على ملامح صورة المرأة في قطاع غزة في وسائل الإعلام، وتحديد طرق تحسين صورة المرأة، والسياسات والإجراءات والتدخلات المطلوبة، إضافة إلى تحديد الجهات المسئولة والمؤثرة في وضع وتوجيه سياسات الإعلام، وكيفية التأثير فيها، وكذلك توجيه النتائج والتوصيات للجهات المعنية في مجال الإعلام والمرأة. وأكدت الدراسة على أن المساحة المتاحة التي تفردها وسائل الإعلام لتناول قضايا المرأة غير كافية وموسمية، إذ أن وجود مساحة إعلامية محدودة لقضايا النساء في وسائل الإعلام على اختلافها هو بحدّ ذاته جزءٌ من النمطية، إضافة إلى غيا ب القضايا الاجتماعية، فهنالك غيابٌ حقيقيٌ لقضايا اجتماعية وتنموية وفكرية وثقافية هامّة عن الإعلام. وأوصت الدراسة بضرورة دمج قضايا المرأة بالقضايا التنموية والاجتماعية والثقافية وعدم أخذها بمعزلٍ عن قضايا المجتمع؛ لأن واقع المرأة الفلسطينية هو جزءٌ من الواقع الفلسطيني، كذلك واقعها الإعلامي هو جزءٌ من الواقع الإعلامي الفلسطيني المتأزّم. ومن هنا؛ فهنالك حاجةٌ ضروريةٌ لإشراك الرجل والمرأة في كافّة التدخّلات التي يمكن اقتراحها كما وأوصت الدراسة بضرورة تنويع الصور الإعلامية المقدّمة، وإبراز القضايا التي تعكس الواقع؛ مع تسليط الضوء على التجارب الإيجابية، والاهتمام بالمناطق المهمّشة والمسكوتِ عنها، والقضايا المهملة من الإعلام السائد، وكذلك متابعة القضايا الإعلامية الجادّة، وممارسة دور في التوعية المجتمعية بدلاً من تكريس صور نمطيةٍ وتكرارها، إضافة إلى أن هنالك موضوعات ما زالت تعدّ من التابوهات الاجتماعية التي لا يمكن الاقتراب منها أو المساس بها إلا بطريقةٍ سطحية؛ ومنها قضايا قتل النساء على خلفية ما يسمى 'شرف العائلة' فهي بحاجةٍ لجرأة وقوةٍفي الطرح. وبالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية، أوصت الدراسة بأن يُصاغ بموازاة كل خطة حول قضايا المرأة (سواء أكانت خطة شاملة أو تدابير جزئية) خطة إعلامية ذات أهداف واضحة تستند إلى معطيات وإحصائيات ومعلومات ودراسات علمية توفر لها الإمكانيات اللازمة من طاقة بشرية وتكنولوجية، وتشكيل جماعات ضغط لمتابعة ما يُقدم من أدوار مسيئة للنساء في الإعلام. أهمية خلق أدواتٍ إعلامية موحّدة وشددت على أهمية خلق أدواتٍ إعلامية موحّدة كتلفاز أو فضائية أو إذاعة أو مجلة دورية تحتضنها مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية، وكذلك إنشاء مرصد إعلامي يوزع عمله على المؤسسات النسوية، لمتابعة الصورة المقدمة للمرأة في وسائل الإعلام، والوقوف على حالات التشويه للصورة، ومن ثم؛ اتخاذ إجراءات تنفيذية للحدّ من الصورة المشوّهة ومحاربتها. وعلى مستوى المؤسسات الإعلامية أوصت الدراسة بضرورة الاهتمام بنوعية المضمون الإعلامي المقدّم من شكل ومضمون؛ ومدى الاستمرارية والاستدامة في طرح الرسائل الإعلامية المرتبطة بأهداف تنمية المرأة اجتماعياً واقتصادياً وصحياً وتعليمياً، وأن تقوم وسائل الإعلام على تدريب موظفيها لقيادة برامج تهتم بقضايا المرأة إعلامياً، وتدريبهم على الكتابة، وعلى كيفية تناول قضايا المرأة بحساسيةٍ ووعي. ونوهت الدراسة إلى ضرورة التشبيك مع الجامعات والمؤسسات الأهلية والنسوية تحديداً، لإقامة مؤتمرات وورش، وتوعية طلبة وطالبات الجامعات؛ وخاصة كلّيات الإعلام، وإضافة بثّ إنتاج المؤسسات النسوية على فئات متنوّعة ومستويات متعددة من الرجال والنساء. أما بالنسبة للمؤسسات الحكومية، فأوصت الدراسة بوضع توجّهات إستراتيجية وسياسات داعمةٍ لتقديم صورٍ إيجابيةٍ متنوعةٍ عن المرأة الفلسطينية، وضمان حرية الإعلام وإمكانيات الإعلاميين للتعبير عن أنفسهم دون قيود. وتم في نهاية عرض نتائج الدراسة فتح باب النقاش مع الحضور، الذين قدموا المزيد من التوصيات، وأكدوا أهمية نقل التوصيات إلى صناع القرار في المؤسسات الإعلامية من أجل الاستفادة منها.