قراءة في اخر افلام المخرجة سلمى بكار بقلم خرجت منتشية بعد مشاهدة فلم بإجتهاد المخرجة المصيب الى حد كبير في رسم مسيرة للمرأة التونسية بداية من عهد البايات وصولا إلى الإستقلال وما بعده معرجة المخرجة على فترة الإرتباك حول مكاسب المرأة بعد ثورة 2011 بعرض التجربة السياسية التي عاشتها المخرجة كمبدعة وكإمرأة نائبة بالمجلس التأسيسي أول مجلس منتخب بعد الثورة التونسية وينتهي الفلم بجملة " وتستمرالمسيرة " وهذه الجملة تعيدنا إلى الواقع وتحملنا مسؤولياتنا في المستقبل تجاه هذه المسيرة المشرفة للمرأة التونسية هذه التجربة الإنسانية الرائدة في العالم العربي والمتفردة بخصوصيتها في العالم أما الفلم فهو الفلم الحدث " الجايدة " للمخرجة السنمائية التونسية المتميزة بمسيرتها السنمائية وبحسها الإنساني الراقي وبتبنيها للقضايا العادلة للمرأة التونسية السيدة " سلمى بكار" والذي تم عرض فلمها " الجايدة" بصفاقس لثلاث مرات متتالية بشبابيك مغلقة بمناسبة مهرجان صفاقس الدولي للسنما المتوسطية في دورته الثانية بشهر ديسمبر 2017 . بدأت المخرجة فلمها بتصوير خطى لنساء يمشين دون أن نرى وجوههن ثم بدأنا تنساب الخطى لصاحباتها لنساء يحملن أحلاما وهموما متشابهة وإن كانت لها خصوصياتها جمعتهن دار الجايدة نتيجة عدم التفاهم مع الرجل الوصي على المرأة سواءا كان زوج أو قريب أعطاه المجتمع حق الوصاية عليها معنويا وماديا هذا الرجل الذي يرفض حق المرأة في الحياة وفي التمتع بحقوقها كإنسانة لها كيان وإرادة مستقلة . أما دار الجايدة فهي عبارة عن منزل تديره إمرأة يتم فيه تأديب النساء بحكم من القاضي الشرعي الذي يفسر الوقائع حسب رواية الوصي على المرأة ويمطط الآراء الفقهية حسب ما يرغب به الوصي أيضا فكلما رفع الرجل شكواه من إمرأة غيرممتثلة لأوامره دون إعتبارلوجة نظر المرأة التي وقوفها أمام القاضي شكلي لإثبات التهمة عليها فقط وتعود إلى محل إقامتها بعد إنقضاء مدة العقوبة والتأديب و يمكن لولي أمرها إعادة تأديبها متى شاء أما ظروف الإقامة بدار الجايدة فهي قاسية وغير ملائمة و العقوبات تعود إلى تقدير مديرة الدار . وكانت كل النساء بدار الجايدة نساء أسوياء ومحترمات ذنبهن هو رفض الذل والخنوع نساء يؤمن بالكرامة والحرية ويتطلعن الى واقع أفضل نساء لهن تطلع قوي للتغييروالرفع من الحجر على إرادتهن . إلى أن جاء الإستقلال بالحرية للرجل والمرأة . وتلك هي صفات المرأة التونسية إن جهرت بها كنساء دار الجايدة أم لم تجهر المرأة التونسية هي التي اضطلعت منذ القديم بمسؤولية تربية الأجيال وبنجاح كبيرفهي أم أبو الشابي والبشيرخريف والميداني بن صالح والطاهر الحداد ومحمود المسعدي والهادي شاكر وعبد العزيز الثعالبي و الحبيب بورقيبة وفرحات حشاد وإلى اليوم رغم مسؤولياتها الجسام في البناء إلى جنب الرجل مازالت تحقق النجاحات في التربية والأدمغة المهاجرة والناجحة في مسيرتها من تونس خير دليل . والمرأة التونسية خاضت معركة التحريرالوطني مع الرجل برغم سنوات الجور التي تعيشها وساهمت في بناء الجمهورية الأولى بكل إمكانياتها وبعد تعميم التعليم على المرأة والرجل على حد السواء أثبتت المرأة التونسية كفائتها وجدارتها واستحقت المساوات التي تباهي بها وهي اليوم تكرس كل المكتسبات الخاصة بها وبمجتمعها بما تتطلبه المرحلة بعد الثورة في دور الشريك مع الرجل في الجمهورية الثانية. ويحق للمرأة التونسية اليوم سليلة عليسة والكاهنة وعزيزة عثمانة وفطومة النملة أن تفخر بمكنسباتها من ترسانة القوانين وأهمها مجلة الأحوال الشخصية الصادرة بأمر من الزعيم الحبيب بورقيبة أم من تكريس لمبادئ المساوات والحرية والعيش الكريم ومن التألق على المستوى المهني في جميع الميادين ومن حقها أن تفخر بها كل نساء الأرض ورجالها وأن تحتفي بها كل العواصم وتستقبلها بمطاراتها فكيف تتجاهل الدولة الإماراتية كل ما يليق بمرأة إستثنائية لتصدر قرارها بمنع المرأة التونسية بالتحديد دون نساء الأرض من دخول مطاراتها وحتى للعبور دون داعي لتعود دون تفسير للسماح لها بأن تطأ أراضيها ودون تفسير أيضا يا هؤلاء المرأة التونسية مدرسة بنضجها وكفائتها . ويحق للمرأة التونسية أن تكون مدرسة بتفردها بهذه المسيرة الناجحة برغم ما دفعته من تضحيات خلال نضالاتها ومع بتشجيع من الرجل التونسي الذي آمن بقدراتها وراهن عليها برغم بعض الأصوات المعارضة من الداخل والخارج وستبقى هي الحافظ لهذه المكانة بأعلى صوتها وبكل ما أوتيت من قوة وبمشاركة جهود كل الشرفاء ستضل المرأة التونسية درعا حصينا للمجتمع من كل تراجع في مكتسباتها مواصلة مسيرتها .