تضمن الدبلوماسية البيئية تموقع البلدان في السياق الدولي وتوفر لأي بلد ، خاصة عندما يكون في طور النمو، نفاذا أفضل إلى التقنيات والممارسات والتمويلات الضرورية لحل المشاكل البيئية المختلفة التي تواجهه. في تونس ، هذه الدبلوماسية شبه منعدمة ، حسب تقديرات المستشار الدولي في البيئة والتنمية المستدامة ، سمير المؤدب ، الذي كان له لقاء مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء حول "ضعف اهتمام تونس بمختلف الجوانب البيئية" . وات: أولا ما معنى الدبلوماسية البيئية؟ ... سمير المؤدب: الدبلوماسية البيئة هي بلا شك الطرف المخول له بالخارج ومع المؤسسات الدولية ، التعبير عن الموقف الرسمي لبلد معين من المسائل البيئية على المستويين الدولي والإقليمي ، هذا الموقف الملم بمختلف مكونات المجالات البيئية وخاصة تلك التي يهتم بها البلد المعني بشكل مباشر أو غير مباشر ، يتم ترجمته وتجسيده عمليا بشكل أساسي على مستوى ثلاثة محاور رئيسية: أولا ، رؤية البلد في مجالات البيئة والتي تعتبر من أولوياتها ، مع مقترحات ملموسة للسياسات والبرامج ، وثانيًا ، شروط الشراكة والتعاون الأساسية التي يجب وضعها على المستوى الإقليمي ولكن أيضًا على المستوى الدولي لتجسيد وتنفيذ رؤية وسياسة وبرامج ذلك البلد ذات الأولوية. ثالثا: قدرات البد المعني واستعداداته في إدارة شؤون البيئة مع التأكيد على خصوصياته في هذا المجال وات: ما هي الفرص التي يمكن أن توفرها الدبلوماسية البيئية لتونس؟ سمير المؤدب : إن مثل هذه الدبلوماسية الخصوصية يجب أن تفرز بالتأكيد مع مختلف الشركاء الثنائيين والمتعددي الأطراف مجموعة من الفرص التي سيتم إبلاغها للإدارات الفنية المعنية لدراستها والتحقيق فيها وفحص جدواها في السياق الوطني ثم تدرس هذه الفرص من قبل الدبلوماسيين المسؤولين والهياكل الفنية المعنية . وتظهر الدبلوماسية البيئية اليوم كخطوة أساسية في أي سياسة بيئية وتنمية مستدامة بشكل عام ، لأنها أولاً تضمن تموقع البلد المعني في السياق الدولي وثانيًا لكونها توفر لهذا البلد لاسيما عندما يكون في طور النمو ، امكانية أفضل للوصول إلى التقنيات والممارسات والتمويلات الضرورية لحل المشكلات البيئية المختلفة التي يواجهها. وات : هل لدى تونس حاليا دبلوماسية بيئية ، وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فلماذا لا؟ وبالرغم من بعض النتائج الإيجابية لهذه المبادرات ، فهي تظل معزولة وضعف انخراط الدولة التونسية في مختلف جوانب البيئة ، وعدم وضوح الرؤية من حيث السياسة في هذا المجال ، وعدم وجود دعم للمؤسسات الوطنية والمحلية المهتمة بالمشاكل البيئية، هو اليوم من العوامل الرئيسية التي تقف عائقا في طريق إرساء دبلوماسية بيئية بتونس وات: تبدو تونس غير مرئية على المستوى البيئي الدولي. في هذه الحالة ماذا تخسر بلادنا؟ سمير المؤدب: فعلا، باستثناء أن جزء كبير من الاشكالية البيئية والمناخية تجد الاجابات عنها على المستوى الوطني والمحلي فإنّه من السائد، أكثر فأكثر، التوجه نحو كل ما هو إقليمي ودولي لتحديد وبشكل مشترك وفي إطار الشراكة حلولا متقاسمة لمختلف التحديات المطروحة اليوم بشكل شامل بالنسبة لبلد معيّن أو بشكل فردي على مستوى المؤسسات أو على مستوى منطقة. تشكل الحركية الدولية مزايا الاستفادة من التجارب والمكتسبات والثراء في مختلف المجالات البيئية والمناخ، التّي سيتم تحديدها والتعرف والتحكم بهدف ادماجها والتموقع ضمنها والبحث باستمرار الاستفادة منها أفضل ما يمكن. إنّ المسألة البيئية، بشكل أوسع، تمّ تدويلها، اليوم، وهي لا تستجيب للحدود الكلاسيكية المفروضة. ويتم التصرّف فيها وفق تمشيات جماعية حيث على كل طرف تقديم مساهمته. لا يمكن تصوّر، اليوم، أي طرف -على مستوى بلد أو منطقة أو مؤسسة- ينخرط في الحلول لإشكالات بيئية أو مناخية دون أن يتم البحث عن موقع يتجاوز حدودها ضمن حركية شاملة دولية تمكنها من التموقع داخل الآليات الأكثر تجديدا والواعدة تقنيا وماليا بشكل أكبر التموقع، اليوم، بعيدا وخارج الآليات الدولية في مجالات التحوّل البيئيئ والمناخي يحرم الطرف المعني من المعارف والممارسات والتمويلات جد الضرورية لمواجهة مختلف الاشكالات المعرّضة لها. وتبدو تونس، اليوم، خارج الحراك الدولي في المجال البيئي والمناخ. وات: بماذا توصي كخبير دولي أي بلد للأخذ في الاعتبار البيئة عاملا للتنمية؟ سمير المؤدب: إنّ التحديات البيئية فضلا عن الضرورات المناخية، التّي تواجهها تونس تحدد أكثر فأكثر تنمية البلاد في كل مكوّناتها الاجتماعيّة والاقتصاديّة والاقليمية. إن عدم الأخذ في الاعتبار مختلف التحديات التّي نتعرض، خصوصا، في مجال المحافظة على راس مالنا الطبيعي والتأقلم مع الظروف المناخية الجديدة سيعيق جديا وبشكل مستديم فرصنا للتطوّر. إنّ نشاطاتنا البشرية وخاصّة التي تتم ممارستها في تبادل مباشر قوي مع رأس المال الطبيعي على غرار الفلاحة والسياحة والسكن والصناعة والصيد من الضروري ان تتم مستقبلا وفق تناغم تام مع المتطلبات البيئية والإمكانات الإيكولوجية. من الضروري أن تحتل البيئة والمناخ ضمن تمشيات التنمية مواقع أساسية وفي سياسات الدولة على المستوى الاستراتيجي والمؤسساتي ومن المهم جدّا أن يشكل النمو المستديم العنصر المحرّك لكل التمشيات المتعلّقة بالتنظيم والتخطيط. ويجب إخضاع مواردنا الطبيعيّة القاريّة والبحريّة والمائية والتربة والغابات والسمكية فضلا عن مختلف أنظمتنا الإيكولوجيّة داخل البلاد وحتّى البحر مرورا بالشواطىء، المعرّضة للاستغلال المفرط، للتصرّف الرشيد بهدف ضمان ديمومتها وبالتالي استدامة النشاطات الاقتصادية المستغلة. ويجب أن يكون الاقتصاد الاخضر القاري والازرق على الشواطىء وفي البحر من الاسس الرئيسية لتحقيق النمو. ومن الضروري ارساء استراتيجية واضحة متفق بشأنها وحاصلة على دعم مجمل الفاعلين في التنمية في مجال التحول البيئي تحت هذه المكوّنات الثلاث الطبيعية والمناخية والقاريّة سريعا في تونس.