رئيسة الحكومة تحل باليابان للمشاركة في قمّة "تيكاد9"..    غازي معلّى: الأزمة الليبية لن تُحل إلا بحوار سياسي شامل    يهم التونسيين : هكذا سيكون طقس اليوم الثلاثاء 19 أوت    عامر بحبة: ارتفاع الحرارة أيام قليلة فقط ولا وجود لموجة حرّ    أمام 7 آلاف متفرج: الفنان اللبناني آدم يعتلي ركح قرطاج للمرة الأولى في مسيرته    صدمة علمية: مشروباتنا اليومية مليئة بالبلاستيك...تفاصيل!    النجم الساحلي يضم لاعب الوسط الليبي نور الدين القليب    ألكاراز يفوز ببطولة سينسيناتي للتنس بعد انسحاب سينر في النهائي    أمام 7 آلاف متفرج... الفنان اللبناني آدم يعتلي ركح قرطاج للمرة الأولى في مسيرته    تدشين قسم الطب الباطني الجديد بالمستشفى الجامعي فرحات حشاد (سوسة)    لدى استقباله المنفي.. سعيد يؤكد ان الوضع الليبي شأن داخلي خالص    ماكرون.. مكان لقاء بوتين مع زيلينسكي سيحدد خلال ساعات    ترامب.. اجتماع البيت الأبيض كان مثمرا للغاية وبدأت ترتيبات عقد اجتماع بين بوتين وزيلينسكي    قربة: في انقلاب حافلة خاصة بالعملة: وفاة عاملة وإصابة 20 آخرين    في مهرجان قرطاج: «ثلاثون» يعيد الحياة لإرث فاضل الجزيري    تاريخ الخيانات السياسية (50).. حبس الخليفة المستكفي حتى وفاته    صفاقس : اعتداء على طبيب داخل المستشفى ..والأطباء الشبان يستنكرون    عاجل/ القبض على مسافر تهجّم على سائق مترو    أسعار الزقوقو    توقع تراجع أسعار الحلويات    تقصير وسوء تصرّف: وزارة الرياضة تقرّر حل هذا المكتب الجامعي.. #خبر_عاجل    أخبار الحكومة    نيابة عن رئيس الجمهورية ..رئيسة الحكومة تُشارك في مؤتمر «تيكاد 9»    إنجاز علمي رائد يعيد لمريض سكري قدرته على إنتاج الأنسولين    وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الأولية للطلبة المعنيين بالتبادل الطلابي مع المغرب والجزائر    الليلة: سماء صافية والحرارة تتراوح بين 23 و32 درجة    وزير الفلاحة يؤكد توفر الحبوب الممتازة ويدعو الى معالجة الملفات القطاعية    المنفي وسعيّد يؤكدان من قرطاج دعم الاستقرار في ليبيا والتعاون الثنائي ونصرة فلسطين    عاجل/ "حماس" ترُد على المقترح الجديد لوقف الحرب في غزة    اتحاد بن قردان يعزز صفوفه بمتوسط الميدان عبد الله العامري    الميزان التجاري الغذائي يسجل فائضا خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025    النادي الإفريقي: المسماري جاهز للعكارة .. وتحديد موعد عودة حسن رمضان للمجموعة    بداية من هذا التاريخ: كلغ العلوش ب 38.900 دينار    من اجل الاستيلاء على أموال الحرفاء: هذا ما تقرّر ضد موظفتين ببنك عمومي..#خبر_عاجل    عاجل/ إنهيار جدار بحضيرة بناء ووفاة احد العمال    مأساة أثناء الصيانة: ''الستاغ'' توضّح أسباب وفاة عونها    مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية يفتح باب الترشحات يوم 20 أوت للمشاركة في دورته الخامسة عشرة المهداة إلى روح المخرج يوسف شاهين    يهم أحباء هذا الفريق: انسحاب المدرب…    تبلغ قيمتها 360 ألف دينار: قاصر يسرق مجوهرات وهواتف جوالة من مركز تدليك..    عرض "رقوج " ... تجربة فنية إبداعية من صنف الكوميديا الموسيقية تبهر جمهور مهرجان صفاقس الدولي    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    الأفروباسكيت "أنغولا 2025": المنتخب الوطني يخوض غدا ملحق الصعود الى ربع النهائي    أسعار البيض تتراجع: 4 بيضات لا تتجاوز 1200 مليم    زلزال شمال الجزائر لم يُشعر به التونسيون    تونس: تحذير من تركيب الأظافر    استشهاد 3 فلسطينيين واصابة آخرين من منتظري المساعدات..#خبر_عاجل    صيف وضيف...الفنّانة التشكيليّة الشابة غادة عسكري (حمام الأنف).. .. رؤى الحداثية لإبراز التّراث العربي الإسلامي    خبير اقتصادي: النمو الاقتصادي في تونس.. أرقام على الورق ومعاناة في الواقع    5 مخاطر غير متوقعة لتناول البروتين بكثرة    المنتخب الأسترالي يفوز بكأس آسيا لكرة السلة للمرة الثالثة تواليا    تاريخ الخيانات السياسية (49)...توزون يفقأ عيني الخليفة المتّقي    حكايات وحِكم.. يجود علينا الخيّرون بمالهم.. ونحن بمال الخيّرين نجود    وصول الفنانة الإماراتية أحلام إلى تونس    'فيلم رعب' بأحد أسواق مصر.. اشتباكات مسلحة ورصاص كالمطر    مخبر النسيج بمعهد الدراسات التكنولوجية بقصر هلال يقوم بتسجيل 40 براءة اختراع 3 منها خلال السنة الجارية (مديرة المخبر)    تيمور تيمور غرق وهو ينقذ ولدو... وفاة صادمة للفنان المصري    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 68 سنة عن الاستقلال هل نحن فعلا مستقلون عن فرنسا ثقافيًا ولغويًا واقتصاديًا؟
نشر في باب نات يوم 21 - 03 - 2024


كريم السليتي (*)
على الرغم من مرور أكثر من ستة عقود على استقلال تونس الرسمي، لا تزال البصمات الاستعمارية الفرنسية واضحة في النسيج الثقافي واللغوي والاقتصادي للبلاد. تعد اللغة الفرنسية لغة ثانية رئيسية في تونس، وهي تهيمن بشكل تام على الأنظمة التعليمية والمعاملات الاقتصادية، مما يعكس استمرار النفوذ الثقافي والاقتصادي الاستعماري الفرنسي.
...
* * التأثير الثقافي واللغوي الفرنسي في تونس * *
تعود جذور النفوذ الفرنسي في تونس إلى القرن التاسع عشر، عندما أقامت فرنسا نظام الحماية على تونس في عام 1881 (وهي صيغة ملطفة لاحتلال استئصالي دموي غاشم). وقد أدى ذلك إلى تغييرات جذرية في البنية الاجتماعية والثقافية للبلاد بقوة الحديد والنار. وبعد الاستقلال في عام 1956، استمرت اللغة الفرنسية في لعب دور مركزي في الحياة العامة في تونس، حيث ظلت لغة التعليم والأعمال والدبلوماسية.
ورغم مرور زمن طويل على الاستقلال الرسمي لم تنجح الحكومات المتعاقبة في تحقيق الاستقلال الثقافي واللغوي والاقتصادي وحتى السياسي لعدم توفر الارادة السياسية الحقيقية، حيث تسيطر اللغة الفرنسية على التعليم الابتدائي والإعداد والثانوي والجامعي بضوارب وعدد ساعات أعلى حتى من اللغة العربية اللغة الأم للتونسيين واللغة الدستورية الرسمية والتاريخية للدولة .
والظاهرة الأخطر هي تدريس المواد العلمية والاقتصادية والتكنولوجية باللغة الفرنسية في المرحلة الثانوية والجامعية وهو ما شكل ويشكل عبئا ثقيلا على التلاميذ، وأدى إلى ضعف التحصيل العلمي والمعرفي وتنفير التلاميذ من العملية التعليمية برمتها، حيث تشير بعض المصادر غير الرسمية لانقطاع حوالي مائة ألف تلميذ سنويًا عن التعليم بسبب تعقيدات اللغة الفرنسية، خاصةً وأنها من أشد اللغات تعقيدًا نحوًا وصرفا وإملاء.
هيمنة اللغة الفرنسية على التعليم أدت أيضا لهيمنتها على باقي القطاعات الاقتصادية في البلاد حيث تصدر أغلب القوائم المالية والتقارير الاقتصادية باللغة الفرنسية. كما أن المعاملات البنكية تتم باللغة الفرنسية وهو ما أدى إلى نفور كباريات الشركات العالمية وكبار المستثمرين الخليجيين والآسياويين من الاستثمار في تونس لصالح دول أخرى.
الهيمنة الاستعمارية الفرنسية لم تقتصر فقط على اللغة والثقافة بل أيضا سيطرت سلاسل المتاجر الفرنسية على مسالك التوزيع وسوق التجزئة في تونس بشكل شبه تام، حيث لا يوجد في السوق التونسية غير أسماء المتاجر الكبرى الفرنسية وبعض الأسماء التونسية القليلة في غياب تام لمنافسة عالمية حقيقية كما هو شأن في أوروبا ودول الخليج وشرق آسيا مثلا.
* * التحديات والتوصيات * *
للتغلب على هذا الإرث الاستعماري الثقيل الذي يفقد تونس بريقها الحضاري، يتعين على بلادنا اتخاذ عدة خطوات عملية:
1. * * تعزيز اللغة العربية: يجب على الحكومة التونسية العمل بأكثر قوة وضبط استراتيجية واضحة لتعزيز استخدام اللغة العربية في جميع المجالات الرسمية والتعليمية، وتشجيع الإنتاج العلمي والثقافي والأدبي باللغة العربية وسن قانون حماية اللغة العربية على غرار الجزائر وقطر .
2. * * إصلاح التعليم: تحديث مناهج التعليم لتعكس الهوية التونسية والعربية، وتقليل أو إلغاء الاعتماد على اللغة الفرنسية كوسيط تعليمي.
3. * * تنويع الاقتصاد: تقليل الاعتماد على فرنسا في الشؤون الاقتصادية من خلال تنويع الشراكات التجارية وجذب الاستثمارات من مختلف الدول واعتماد كل من اللغة العربية والإنجليزية على غرار التجربة الجزائرية والرواندية
4. * * تعزيز الوعي الثقافي: إطلاق حملات توعية لتسليط الضوء على أهمية الثقافة واللغة العربية في تونس، وتشجيع الشباب على الاعتزاز والفخر بتراثهم الثقافي.
5. * * الدبلوماسية الثقافية: استخدام الدبلوماسية لتعزيز الثقافة التونسية في الخارج وتشجيع التبادل الثقافي مع الدول العربية والإسلامية.
6. * * إصلاح الإعلام: من خلال منع استخدام اللغة المزدوجة بين الفرنسية والعربية وتعويضها بالعربية الفصحى أو الدارجة التونسية المهذبة، كما كان الأمر قبل الثورة.
من خلال هذه الخطوات وغيرها من المبادرات، يمكن لتونس أن تسعى نحو تحقيق استقلال ثقافي ولغوي واقتصادي يعكس هويتها الوطنية ويقلل من النفوذ الاستعماري الفرنسي الذي لا يزال يلقي بظلاله السوداء على البلاد. بحيث تنعتق البلاد من الإرث الاستعماري الثقيل المكبل لها وتنفتح على آفاق عالمية أرحب لجلب الاستثمارات والكفاءات مع نفضها للتراب عن موروثها الحضاري العربي الإسلامي المشرف وتصحيح الصورة النمطية التي التصقت ببلادنا كدولة صغيرة تدور في فلك فرنسا سياسيا واقتصاديا وثقافيا ولغويا.
* كاتب وباحث في الإصلاح الإداري
تابعونا على ڤوڤل للأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.