أطلقت حركة النهضة مبادرة مفتوحة أمام جميع الأطراف المشهود لها بالنضال لتشكيل حكومة إئتلافية و رغم أن المبادرة لاقت استحسان كل من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية و التكتل الديمقراطي و بعض نشطاء المجتمع المدني إلا أن الحزب الديمقراطي التقدمي و القطب الحداثي عبّرا عن رفضهما المشاركة في أي حكومة معتبرين أنهم الآن يشكلون قوى المعارضة فهل يجوز لنا في هذه المرحلة الحديث عن معارضة ؟ وهل من الحكمة تقسيم النخبة السياسية و المشهد السياسي بصفة عامة إلى أقلية و أغلبية أو معارضة وسلطة ؟ رئيس الحزب الديمقراطي التقدمي نجيب الشابي و أيضا ممثل القطب الحداثي وعضو الأمانة العامة لحركة التجديد سمير الطيب يبرران رفض حزبيهما المشاركة في حكومة ائئتلافية بأن الديمقراطية تقتضي و جود أغلبية تحكم و أقلية تمارس حقها في المعارضة. يبدو أن هذه الأحزاب من خلال موقفها تصنف حركة النهضة و المؤتمر و التكتل ضمن خانة واحدة و تعتبر على الأرجح أن رؤى هذه الأخيرة تتعارض و برنامجها ''التقدمي'' . الواضح أن الديمقراطي التقدمي و القطب الحداثي لا يزالان متمسكان بخطاب الحداثة المبتذل الذي أثبت فشله في الإنتخابات التى قال الشعب خلالها كلمته و منح ثقته بالأساس إلى ثلاثة أحزاب تمثل اليوم الأغلبية لكن يجب أن نعلم أن هذه الأغلبية تحملت المسؤولية و فتحت النقاش حول تشكيل حكومة ائتلافية أمام جميع الأطراف في إطار التفويض الذي منحه لها الشعب. مبادرة تشكيل الحكومة و المشاركة فيها لا تتنزل ضمن الصراعات الحزبية على السلطة بل تتعلق رأسا بالمصلحة الوطنية التى تقتضي تضافر جهود مختلف الأطياف و الألوان السياسية الفائزة في الإنتخابات و التى لم تفز فيها , فالبناء و التأسيس مسؤولية الجميع لذلك تونس اليوم في هذه المرحلة الحساسة ليست في حاجة إلى معارضة بقدر حاجتها الى أن يتوسع نطاق التشاور و التوافق بين الأقلية و الأغلبية. هناك من يقول أن رفض '' العائلة الحداثية '' تشكيل حكومة ائتلافية ليس التزاما بقواعد الديمقراطية بل هو دليل سوء النية و تغليب المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية فهذه الأحزاب تدرك كما ندرك جميعا أن معالجة مشاكل البطالة و المنظومة التعليمية و الصحية و الإقتصادية وغيرها من الصعب أن تتم في 6 أشهر أو السنة القادمة و ستستغل هذه العوامل لتشويه من تعتبرهم اليوم أعداءها السياسيين و تقديمهم في صورة العاجزين الذين أخطأ الشعب عندما اختارهم و يبدو في ظل ذلك أن المسؤولية الآن ملقاة أساسا على كاهل 3 أحزاب فقط و نتمنى أن تكون قادرة على صناعة الحدث و ايصال البلاد إلى برّ الأمان رغم النوايا السيئة التي يبطنها البعض و يعلنها البعض الآخر.