حقيقة الوضع الاقتصادي التونسي أصبح لا يسر من يريد الخير لهذه البلاد. فبعد مغادرة عشرات الشركات وعشرات المستثمرين الأجانب تونس إلى دول صديقة شقيقة كالمغرب بسبب توتر الأوضاع السياسية هاهو البنك الإفريقي يغادر مقره الدائم في تونس والذي يعود إلى سنة 2003 إلى دولة ساحل العاج. هذا الخبر الذي تناقلته مواقع إخبارية عديدة ان تأكد فعلا فهو يمثل ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني فالبنك قدم طيلة سنوات مزايا عديدة للتنمية التونسية فوجود البنك الإفريقي للتنمية بتونس يعد استثمارا أجنبيا هاما في البلاد ويدر مداخيل هامة من العملة الصعبة على خزينة الدولة بحكم وجود عدد هام من موظفي وإطارات البنك بتونس بشكل دائم ( عبارة عن سياح ) وبحكم النفقات اللوجيستية الكبرى التي يصرفها البنك والتي تعود بفائدة كبرى لخزينة الدولة ، إضافة لما أصبحت تحظى به تونس من سمعة جيدة في مجال استقطاب المؤسسات المالية العالمية . كما ان إدارة البنك عادة ما تتساهل مع تونس في منح القروض التنموية الكبرى بحكم سهولة التواصل مع المسؤولين فضلا عن الهبات التي يمنحها البنك من حين لآخر للدولة التونسية ، وكذلك تشغيل عدد كبير من التونسيين . لذلك فان مغادرة هذا البنك للبلاد التونسية سيعطي انطباعا خاطئا للمستثمرين الأجانب بان تونس دولة لا يصلح فيها الاستثمار وهذه كارثة حقيقية. فعلا ان تونس في وضع صعب وخطير وعلى المسؤولين السياسيين والاقتصاديين ان يجدوا حلولا سريعة لهذه الأزمات وان لا يهتموا فقط بتوزيع الحقائب الوزارية وتقسيم كعكة السلطة أما المسؤولية الكبرى فهي على عاتق الاتحاد العام التونسي للشغل الذي انخرط للأسف في حسابات سياسية على حساب المصلحة الاقتصادية فشاهدنا الإضرابات في معظم القطاعات لأسباب بعيدة كل البعد عن المصلحة العمالية. الاعتصامات أمام المجلس الوطني التأسيسي في باردو سيزيد الطين بلة كذلك وسيعطي فكرة جد خاطئة عن وضع سياسي وامني غير مستقر في تونس لذلك من الأجدر إعادة التفكير في الوضع الاقتصادي الحالي لتونس قبل المشاورات والتجاذبات السياسية. الاقتصاد الوطني القوي هو صمام أمان للوضع السياسي المستقر والقاعدة تقول انه ليست هنالك ديمقراطية ناجحة دون اقتصاد قوي ومحمي.