رئيس الجمهورية الحالي المنصف المرزوقي كان من أبرز الرافضين لقرار فؤاد المبزع في مارس الماضي تعيين الحبيب الصيد على رأس وزارة الداخلية خلفا للقاضى فرحات الراجحي وكان من بين أبرز من طالبوا الصيد بالإستقالة من منصبه. مبررات هذا الرفض حسب ما جاء في بيان أصدره حزب المؤتمر آنذاك عديدة يمكن حصرها في أن الحبيب الصيد شغل عديد المناصب في المؤسسة الأمنية في عهد بن علي و ساهم بشكل أو بآخر في المنظومة الديكتاتورية و هو بالتالي ليس قادرا على المساهمة في إصلاح المؤسسة الأمنية و جعلها جهازا في خدمة البلاد و العباد. تعامل رجال الأمن في منتصف شهر جويلية مع اعتصام القصبة 3 جاء بمثابة تأكيد المخاوف من بقاء الجهاز الأمني على حاله من خلال تسمية الصيد على رأس وزارة الداخلية حيث لم تسلم أروقة جامع القصبة كما لم يسلم المصلون في ذلك الوقت من قنابل الغاز المسيل للدموع التى كانت موجهة للمحتجين الذين احتموا بالجامع . هذه الأسباب جعلت من خبر بقاء الحبيب الصيد في الحكومة الجديدة كمستشار لدى رئيس الحكومة للشؤون الداخلية يحدث جدلا كبيرا ليس فقط لأن رئيس الجمهورية كان رافضا لشخص الصيد في حكومة السبسي بل أيضا لأن من أعلن عن ذلك هو رئيس الحكومة حمادي الجبالي أمين عام أكثر الأحزاب التى عانت من قمع و اضظهاد و ظلم الأجهزة الأمنيىة بجميع تقسيماتها.. جميعنا ندرك أن علاقة الأمن بحركة النهضة كانت على مدى سنوات عديدة علاقة الجلاد بالضحية و كان من المثير للإستغراب ومن المخيب حتى لآمال الكثير من مناصري حركة النهضة إبقاءها أو اقتراحها للحبيب الصيد في الحكومة المقبلة وهي التى تنادي بالتطهير و المحاسبة. ما يجب أن نقوله في الحقيقة هو أنه رغم فشل الحبيب الصيد في ملف التطهير و المحاسبة إلا أنه تمكن من السيطرة إلى حد كبير على الداخلية بفضل درايته و معرفته بما يجري في كواليسها و هذا ما أكده حتى أكبر المنتقدين له لذلك فإن حركة النهضة تدرك ضرورة التعامل برصانة مع الملف الأمنى من خلال اتباع سياسة المراحل كما تعلم جيدا أنه من المستحيل أن يكون علي العريض مرشح الحركة لمنصب وزير الداخلية قادرا على الإشراف لوحده على هذه المؤسسة و المرور مباشرة إلى التطهير و الإصلاح. و هذا ما جعل الكثيرين يصفون قرار الجبالى بأنه خطوة حكيمة و ذكية تتضمن رسالة واضحة عنوانها لا للتشفي و الإنتقام و نعم للمحاسبة القانونية و لفتح صفحة جديدة مع الأجهزة الأمنية عنوانها خدمة الوطن و طي صفحة الماضي و كل ذلك في الحقيقة يفسر اختيار حركة النهضة الإبقاء على الحبيب الصيد في الحكومة الجديدة في خطة مستشار فما حصل للراجحي قد يتكرر مع أي وزير لا يتمتع بالخبرة و الدراية الكاملة بخفايا المؤسسة الأمنية .