نذكر جيدا أن المنصف المرزوقي دعا على اثر تسلمه لمهامه كرئيس للجمهورية إلى هدنة سياسية و اجتماعية لمدة ستة أشهر حتى تتمكن الحكومة الجديدة من العمل في مناخ من الإستقرار بما يساهم في دفع عجلة الإقتصاد و الخروج بالبلاد من المرحلة الصعبة التى تعيشها. هذه الدعوة لاقت استجابة من شريحة واسعة من الشعب التونسي بحيث تمكنت الحكومة المنتخبة بعد أقل من شهر في ظل تضافر الجهود من وقف سيل الإعتصامات الجارف و توصلت الى تسويات مع مؤسسات أجنبية كانت على وشك اقفال أبوابها. و قد تكون هذه الحكومة ارتكبت بعض الأخطاء وسترتكب أخطاء لكن ذلك لا يمنعنا من النظر الى النصف الملىء من الكأس فلا يخفى على أحد ما تبذله من جهد في سبيل إيجاد حلول عاجلة خاصة في ما يتعلق بشهداء وجرحى الثورة وحلول أخرى من شأنها معالجة معضلة البطالة بصفة تدريجية وبدا ذلك واضحا من خلال التوصل الى اتفاق مع ألمانيا يقضى بتكفلها بمعالجة عدد من جرحى الثورة و بتحويل ديون تونس لديها إلى إستثمارات وأيضا من خلال توقيع اتفاقية للتعاون مع تركيا ومؤخرا من خلال تعهد أمير قطر بتوفير حوالي 50 ألف موطن شغل للتونسيين وايضا بضخ 500 مليون دينار في البنك المركزي. الحكومة إذا تسير إلى حد ما في الطريق الصحيح ولا يعنى ذلك أننا مطالبون بالتهليل والتطبيل لها كما لا يعنى أننا يجب أن نكون في حرب مقدسة ضدها سواء عندما تخطئ أو تصيب و للأسف هناك من يعمل و يتحرك و كأنه فعلا في حرب فبعض الأطراف السياسية التى تعجز عن النظر أبعد من انتماءاتها الحزبية والايديولوجية تعتبر نجاح الحكومة في الوصول بالبلاد إلى شاطئ الأمان نجاحا للإسلاميين و بالتالى فشلا لها لذلك تعمل جاهدة على بث الفتنة وتوتير الأجواء من خلال استغلال طموحات العمال والعاطلين والمهمشين و الفقراء. حقد و كره هذه الأطراف للإسلاميين أعمى أبصارهم وقلوبهم حتى أنهم رغم النجاح النسبي للحكومة المنتخبة رفعوا شعار الهدنة في مهب الريح فعلى ما يبدو قرروا انهاء هذه الهدنة التى دعا إليها رئيس الجمهورية قبل موعد نهايتها بأكثر من خمسة أشهر فأعلنوا الإضرابات و أحرقوا الإطارات وأغلقوا الطرقات في عدد من معتمديات ولايات سليانة , قبلي و الكاف وحتى لا نتهم بالتشاؤم نتمنى أن يتم تجاوز الخلافات الفكرية و الإيديولوجية بسرعة بحيث تعمل جميع الأطراف على اختلاف ألوانها كجسد واحد في إطار المصلحة الوطنية .