بلاغ من وزارة العدل للرأي العام نظرا لما تم تداوله بوسائل الإعلام من تصريحات و تعاليق حول الملف المنشور أمام القضاء على إثر اتهام ثلاثة أعوان أمن بارتكاب جرائم و سماع زاعمة الضرر للاشتباه في ارتكابها لفعل مخالف للقانون، يهم وزارة العدل أن تبين للرأي العام المسائل التالية : 1 – أن الملف هو من أنظار القضاء المختص الذي باشر التتبع و البحث بكل جدية منذ يوم حدوث الوقائع في 04-09-2012 حيث تم الاحتفاظ بالمتهمين و بمجرد إنهاء البحث الأولي أحيل الملف للسيد قاضي التحقيق الذي تعهد به منذ 07-09-2012 و باشر إجراء الأبحاث المخولة قانونا كسماع الشاكين و استنطاق المتهمين و الإذن بإجراء الاختبارات الضرورية دون أي تأخير كما أصدر البطاقات القضائية اللازمة، علما و أن السيد قاضي التحقيق يتعهد قانونا بمجموعة من الوقائع يبحث فيها جميعا و يتحرى البحث في أدلة البراءة و في أدلة الإدانة ، وهو لا ينطلق بموقف مسبق تجاه أي شخص و مآل الملف مرتبط فقط بما يثبت من وقائع و ما يتوفر من أركان لجرائم طبق القانون النافذ لا غير . و القضاء هو الجهة الوحيدة المؤهلة للبحث في الجرائم و البت في ملفاتها. 2 – أن اعتبار شخص ما متضررا من جريمة و تتبع من نسب لهم ارتكابها و إيقافهم على ذمة البحث ، لا يمنحه حصانة من المسائلة إذا اشتبه في ارتكابه لوقائع أخرى مجرمة قانونا. و إن من صلاحيات السيد قاضي التحقيق أن يطلب توجيه التهمة لأي شخص تبين له من الوقائع المعروضة أمامه أنه قد ارتكب ما يخالف القانون الجزائي طبق مقتضيات أحكام مجلة الإجراءات الجزائية. كما أن مباشرة التتبع من أجل الاشتباه في ارتكاب أفعال تقع تحت طائلة القانون لا يمثل ، خلافا لما يدعيه البعض ، أي شكل من أشكال الضغط على أي طرف حتى و إن كان متضررا أصليا فكلما تعددت الأفعال المجرمة في ملف معين تعددت التهم الموجهة إلى مرتكبيها. و إنه لمن صميم الدور الموكول للسيد قاضي التحقيق البحث عن بيان الحقيقة براءة أو إدانة في كل ما يعهد له من أعمال بناء على ما له أصل ثابت في أوراق الملف لا سلطان عليه في ذلك إلا للقانون طبقا لأحكام الفصل 50 و ما يليه من مجلة الإجراءات الجزائية تحت رقابة دائرة الاتهام و محاكم الأصل هذا علاوة على أن المشرع كفل لجميع الأطراف حق الطعن و التظلم . 3 – أن واجب التحفظ و سرية أعمال التحقيق كاحترام خصوصيات الأفراد يمنع من الخوض أكثر في تفاصيل الملف ، و إن قرينة البراءة وهي ضمانة رئيسية من ضمانات حقوق الإنسان تبقى قائمة في حق كل من يقع تتبعهم ما لم يصدر حكم بات بإدانتهم من القضاء في محاكمة عادلة طبق المعايير الدولية ، و أن الخوض في التفاصيل أمام العموم يقع تحت طائلة القانون علاوة على ما يسببه من أضرار لأطراف القضية و عائلاتهم . 4 – أن تسرع البعض في التعليق و إصدار الأحكام الجائرة على ملف قضائي دون التأني و التحقق في الحد الأدنى مما يحتويه الملف و إطلاق التصريحات التي تنال من هيبة القضاء و اعتباره و من سمعة البلاد و الحال أنها مجافية تماما للحقيقة يهدد بإرباك القضاء و منعه من القيام بواجبه المتمثل في حماية الحقوق و الحريات و احترام القانون و ضمان المساواة بين الجميع بترك النظر عن اللون و الدين و الجنس و وزارة العدل إذ تؤكد إرادتها الهادفة لبناء سلطة قضائية مستقلة و احترام استقلالية القضاء و حريتهم تجدد دعمها لكل القضاة الشرفاء و رفضها لكل المحاولات الهادفة للمس من مكانتهم و مصداقيتهم و التحريض ضدهم بأي وجه من الوجوه ، وهي تذكر أن مصلحة الجميع اليوم في النأي بالقضاء عن التجاذبات السياسية و الحزبية و عدم الزج به في معارك لا علاقة لها بمصلحة البلاد و أحكام القانون كما تؤكد أن المس بهيبة القضاء و بثقة الكافة فيه في الداخل و الخارج تهديد جدي لسمعة البلاد و لمرفق العدالة مع كل ما يعنيه ذلك من تهديد لاستمرارية الدولة الحاضنة لكل التونسيين مهما اختلفت بهم السبل و تعددت مواقفهم و لأرواح الناس و أعراضهم و أملاكهم وهو ما لا يرضاه أحد لوطنه و شعبه و أهله .