بقلم الأستاذ بولبابة سالم يتواصل استبلاه الناس بطريقة مضحكة وبمسرحية سخيفة , بعض الأصدقاء قالوا بأنّ مصطفى بن جعفر رفض تمرير قانون تحصين الثورة , وكأنّهم لايعلمون أنّ ما قام به هو نتيجة توافق سياسي مع حلفائه في الترويكا. أصدقائي الأعزّاء :المواقف السياسة الحقيقية تُتّخذ تحت الطاولة و في الغرف المغلقة . ومسكين من يصدّق ما يقوله السياسيون في اجتماعاتهم العامّة, فالقول في السرّ غير القول في العلن كما قال أحد الشعراء . ما قام به مكتب رئيس المجلس الوطني التأسيسي من رفض لمشروع قانون تحصين الثورة ليس موقفا شخصيا من مصطفى بن جعفر بل هو طبخة سياسية جديدة قد وُلدت بعد مخاض عسير , ورغم أنّي لست من مؤيّدي مشروع تحصين الثورة حيث كتبت فيه مقالا " تحصين الثورة أو تحصين الترويكا " لأنّ هذا المشروع كان ممكنا بعد تولّي الحكومة لمقاليد الحكم بعد الإنتخابات مباشرة أمّا اليوم و بعد كل هذا الوقت فهو يستهدف طرفا سياسيا و لا علاقة له بتحصين الثورة و كان الأولى بالحكومة أن تفتح ملفّات الفساد الثقيلة التي صرّح السيد محمد عبّو بأنّ السيد حمادي الجبالي كان يرفض ذلك . سبق هذا المشروع تصريحات عديدة من حركة نداء تونس تؤكّد على أنّ قانون تحصين الثورة لن يمرّ . ربّما يكون الأمر نتيجة صفقة سياسية داخلية و خارجية , و الأرجح أن تكون الضغوطات الخارجية الأقرب لذلك رغم أنّ الحوار الوطني قد ساهم في تلطيف الأجواء السياسية في الفترة الأخيرة . و لا أحد ينكر أنّه قد حصلت لقاءات بين مسؤولين في حركة النهضة و نداء تونس في الأشهر الماضية وهو ما صرّح به السيد منار الإسكندراني { أحد المقرّبين من الشيخ راشد الغنوشي } الذي التقى بالسيّدين فوزي اللومي و كمال اللطيف . لا يمكن للسيد مصطفى بن جعفر أنّ يتّخذ قرارا انفراديا خطيرا كهذا ليؤّلّب على نفسه حلفائه وهو الذي يطمح لكرسي الرئاسة في الإنتخابات القادمة خاصّة وهو صديق شخصي لفرانسوا هولاند و رئيس شرفي لمنظمة الإشتراكية الدولية و يدرك جيّدا أنّ الوصول إلى قصر قرطاج غير ممكن دون دعم قويّ من حركة النهضة . طبعا , انهالت السياط و الإتهامات الجاهزة و الحملات الفيسبوكية على بن جعفر من طرف أنصار حلفائه من النهضة و المؤتمر من أجل الجمهورية , من اتّهامات بالتطبيع مع الكيان الصهيوني إلى طلب التدخّل الجزائري ضدّ ارهابيي الشعانبي في زيارته الأخيرة إلى الجار الشقيق, إلى تنفيذ الأوامر الفرنسية و..... الغريب ألاّ أحد من هؤلاء انتقدوا قيادة أحزابهم بل يصدّقون أقوالهم و لا يحاسبوهم على ممارساتهم و تلك قمّة السطحية الفكرية و الغباء السياسي. رجائي الأخير, أطلب من النوّاب الذين ثاروا على بن جعفر أن يصارحوا الناس و يحترموا ذكاءهم .