وجهت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري هذا الأسبوع تنبيها إلى كل من القناة الوطنية الأولى بخصوص بث برنامج الرهينة و قناة نسمة حول بث برنامج براكاج و طالبتهما بتغيير توقيت البث إلى ما بعد الساعة العاشرة و النصف ليلا و كذلك تنبيه المشاهدين لوجود مشاهد عنف من شأنها التأثير على الفئات الحساسة و خاصة الأطفال منهم و لضرورة حمل البرنامج لشعار منع المشاهدة على منهم أقل من 12 سنة , إدارة التلفزة الوطنية امتثلت لملاحظات الهيئة العليا في ما يخص التنبيه على المشاهدين بوجود مشاهد العنف و ببثها لشعار منع المشاهدة على الأطفال أقل من 12 سنة طيلة الحلقة لكنها لم تغير توقيت بث البرنامج معللة ذلك بضرورة التزام المنافسين بتطبيق القرار برمته حتى تمتثل الوطنية الأولى لكامل حيثيات التنبيه , أما بالنسبة لقناة نسمة فإنها اكتفت ببث تنبيه لثواني معدودة قبل عرض برنامج البراكاج فيه أيضا تنويه بمنع المشاهدة على الأطفال الأقل من 12 سنة دون أن يصاحب شعار المنع عرض الحلقة , كما امتنعت إدارة قناة نسمة عن تغيير توقيت بث برنامج البراكاج مثل القناة الوطنية الأولى و يبدو جليا تأثير عامل الخوف من تراجع مداخيل الإستشهار في اتخاذ القناتين لقرار عدم الامتثال للتنبيه بتغيير توقيت البث . يجدر التذكير بأن الفصل 29 من المرسوم 116 الصادر في 2 نوفمبر 2011يمنح الأطراف المخالفة 15 يوما للامتثال للتنبيه وفي حالة الامتناع عن تنفيذ التنبيه وجب على الهيئة اتخاذ أحد الإجراءات اللازمة الواردة في نفس الفصل و التي تختلف حسب درجة المخالفة من توقيف الإنتاج أو البث للخدمة أو الخدمات المتعلقة ببرنامج أو بجزء من برنامج معين أو بومضة إشهارية لمدة أقصاها شهر إلى الإذن بالإيقاف المؤقت أو بالسحب النهائي للإجازة في حالة العود، إلى إحالة الأمر إلى السلطة القضائية أو المهنية المختصة إذا استوجب الأمر ذلك أو غيره من الإجراءات . هذا الأجل المقدر ب15 يوما يمنح الوقت الكافي إذن للقناتين للاستمرار في بث البرنامجين في توقيتهما و مخالفة التنبيه في ظل غطاء قانوني ,علما و أن الفصل 30 يذكر من جهة أخرى بأنه في حالة التأكد الشديد يمكن لرئيس الهيئة بمجرد حصول العلم له بالمخالفة أن يدعو المخالف للحضور في اليوم والساعة التي يحددها وذلك حتى في أيام العطل والأعياد الرسمية. وتتضمن الدعوة وجوبا المخالفة المنسوبة للمعني بالأمر. ويمكن لرئيس الهيئة، بعد الاستماع للمخالف وتمكينه من الدفاع عن نفسه، أن يأذن فورا بالإيقاف الوقتي للبرنامج موضوع المخالفة , و هو الإجراء الذي لم يقرره بعد رئيس الهيئة . هذا و قد وجه نقد كثير للهيئة بسبب عدم توجيه نفس التنبيه لقناة التونسية الأولى لصاحبها رجل الأعمال سليم الرياحي حول برنامجه الورطة و الذي يندرج في نفس الإطار من المخالفات و بالإضافة لعدم تسليطها للعقوبات اللازمة على المؤسسات التي تقوم بنشاطات بث دون الحصول على إجازة من تسليط مخالفات مالية و حتى حجز التجهيزات التي تستعمل للقيام بتلك النشاطات حسب الفصل 31 . خلاصة القول هي أن الهيئة مازالت تتلمس خطاها الأولى في أعمالها و خاصة في تطبيق حيثيات فصول المرسوم 116 , و يبدو منذ البداية أن الأمر لن يكون سهلا خاصة مع كم الإشكاليات والنقائص وحتى التناقضات التي يحتويها هذا المرسوم الصادر في نوفمبر 2011 و الذي صار حوله لغط و جدل كبيرين ورفضته عدد من الهياكل النقابية و المنظمات في قطاع الإعلام و القطاعات الأخرى و طالب البعض إلغاءه و البعض الآخر تنقيحه و إصلاحه لكن تمسك النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين و هيئة إصلاح الإعلام و الاتصال السابقة برئاسة السيد كمال لعبيدي بالمرسوم رغم الهنات التي يضمها فرض تطبيقه بالصيغة التي هو عليها الآن , في حين يبقى التحدي الأكبر الذي تواجهه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري في تطبيق أحكامها هو خطر إبطال أعمالها و نزع شرعية وجودها من قبل منتقديها والمتضررين من قراراتها الذين يعولون كثيرا على الظفر بحكم بطلان الإجراء القانوني المحدث لها وهو القرار الجمهوري 156 المؤرخ في 27 ماي 2013 عند رفع الأمر للقضاء نظرا لمخالفة هذا القرار الجمهوري للتنظيم المؤقت للسلط العمومية الساري المفعول منذ 16 ديسمبر 2011, هذا و يجدر العلم بأن إحدى الهياكل القطاعية قد رفعت منذ أسبوعين دعوى قضائية ضد الهيئة لدى المحكمة الإدارية و طالبت بإبطال هذا القرار و كل ما ينتج عنه وبالتالي إبطال الهيئة.