اعتبرت جبهة الاصلاح في بيان صادر عنها يوم أمس الخميس 19 سبتمبر 2013، أنّ المبادرة المعدلة لتسوية الأزمة السياسية الراهنة التي أعلنتها المنظمات الراعية للحوار، "خطوة إلى الوراء تظهر رغبة هذه المنظمات في تزعم الساحة السياسية وخلق الأزمات بفرض وجهات نظر ومواقف ظلت متباعدة إلى حد الآن". ورأت جبهة الاصلاح أنّ الأزمة الراهنة قد تحولت من خلافات سياسية إلى أزمة حكم وأن هناك طرف يصارع ويفتعل الأزمات لبلوغ غايات سياسية فالشرط الأساسي الذي قامت عليه هذه المبادرة وجل المقترحات التي قدمها الاتحاد كانت تطالب بحل كل المؤسسات الشرعية. ودعت الجبهة في بيانها إلى الحفاظ على المؤسسات الشرعية التي انتخبها الشعب، معتبرة أنّ الذي يطالب بحل مؤسسات استمدت شرعيتها من صندوق الاقتراع فإما أنه يريد أن يسلم البلاد لأطراف قد لا تحظى بثقة الشعب التونسي أو أنه يريد أن يدخل البلاد إلى المجهول و"كلنا نعي خطورة هذه المرحلة وأن هناك أطراف عديدة تسعى إلى أن تجهض ما تبقى من المسيرة الانتقالية في أشواطها الأخيرة". وأكّدت جبهة الاصلاح أنها تعتبر الحوار الذي دعت إليه أطراف دون غيرها أنه حوار اقصائي في أوله وهو محاولة أكثر مكرا لحل المجلس الوطني التأسيسي والانقلاب الأبيض على كل المكتسبات والمطالب والأهداف التي قامت عليها الثورة ، بالتحايل على القانون المنظم للسلطات العمومية لتفصيل قانون يقتسم من خلاله الشركاء والمباركون" لخارطة الطريق "المناصب والغنائم السياسية دون رقابة دستورية أو قانونية أو شعبية. بيّنت الجبهة أنّ هذه المبادرة لم تراع تطورات الوضع في البلاد وهي تأكيد لفشل الدعوات الانقلابية، بعد أن أيقن أصحابها أنه لا حظ لهم في صناديق الاقتراع وقد جاءت لتعيد إنتاج فكرة "الانقلاب الآمن"، بالدعوة لحكومة مستقلة، لا يمكن سحب الثقة منها في المجلس التأسيسي إلا بأغلبية الثلثين، وهو خيار مستحيل ويعني عمليا حكومة بصلاحيات مطلقة، وغير خاضعة لأي نوع من الرقابة. وأكّدت جبهة الاصلاح أنّ المبادرة ليست سوى مخرجا من نفق الفشل الذي لقيته أطراف لا يدعمها الزخم الشعبي بقدر ما يدفعها الدعم الخارجي والأطراف المشبوهة والمتورطة إما بفسادها وجرمها مع النظام البائد أو بخدمتها لأجندة خفية ذات مساعي انقلابية على إرادة الشعب. وأشارت الجبهة إلى أنّ هذه المبادرة القديمة في مضمونها الجديدة في لونها وشكلها تؤسس إلى حكومة ذات صلاحيات مطلقة تقودها أقلية اثبتت فشلها في الانتخابات السابقة وتخشى اليوم العودة مجددا لصناديق الاقتراع بعد أن ايقنت فشلها في مساعيها لتعبئة الشارع ولحل التأسيسي بالقوة، وإسقاط الحكومة، ومعاقبة الشعب. ورأت جبهة الاصلاح أنّ المقصود بحكومة "كفاءات "، هو اقصاء الشعب وتشكيل حكومة املاءات، من وجوه عملت مع النظام السابق وهذا يعني ايقاف المسار الانتقالي الثوري والانقلاب على إرادة الشعب بتسليم السلطة لهؤلاء بعد فشلهم في الوصول إليها عبر الانتخابات؟ الذي سيقوم بتشكيل نظام قد لا يختلف كثيرا عن نظام بن علي في ممارساته الاستبدادية ومنهجه الإقصائي. ورفضت جبهة الاصلاح أن تكون الجهة الوحيدة التي تقرر وتتحكم بمستقبل البلاد هي اتحاد الشغل الذي احتفظ بحقه في الإضراب والاعتصام، وكل أشكال الاحتجاج التي تتيح له التغول على القطاعات الحيوية في البلاد والتضحية بأمن ومستقبل البلاد أن اقتضت مصالحه. وطالبت الجبهة بالعودة إلى طاولة الحوار الشامل كحل للخروج من الأزمات ويبقى الأمل قائما في مواصلة التشاور حول كل المقترحات، لتجاوز النقاط الخلافية، فالحل لن يأتي من الاتحاد وحده ولا من الأحزاب فقط ولا من الترويكا ولا المنظمات الراعية بل بتشريك جميع الأطراف وتسريع الاتفاق حول حوارات تمثل مختلف الحساسيات وتضم أبرز الكفاءات في مجالات اختصاصها وتكون مدعومة من كل القوى الوطنية وتقييد المجلس الوطني التأسيسي بمهام واضحة.