نبهت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي إلى أن القرارات الصادرة عن وزارة العدل، وفضلا عما أدخلته من مراجعة للحركة القضائية المصادق عليها من الهيئة في 13 سبتمبر 2013 والتي لم يقع نشرها لحد الآن بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وما ينطوي عليه ذلك من سعي لتهميش الهيئة، فإنها طالت تركيبة الهيئة بإنهاء مهام عضوين منها واستبدالهما بغيرهما للتأثير على التوازنات داخلها وتسليط ضغوط على بقية الأعضاء. وأكدت الهيئة أن هذه القرارات قامت على سياسة فرض الأمر الواقع من خلال غصب اختصاص التعيين في الوظائف السامية وبالإدارة المركزية بوزارة العدل والمؤسسات الملحقة بها في مخالفة لأحكام الفصل 14 من القانون المحدث للهيئة والذي يقتضي أن تتم التسميات بناء على قرار ترشيح من الهيئة. ورفضت ما تنطوي عليه هذه القرارات من محاولة لإحياء آلية مذكرات العمل الموروثة عن المنظومة القضائية السابقة والملغاة بموجب الأحكام الواردة بالفصول 1 و2 و12 و14 و20 من القانون المحدث للهيئة، علاوة على مخالفتها لمقتضيات الفصلين 17 و22 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية. واعتبرت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي أن المذكرات المشار إليها فاقدة لكل سند قانوني ويشوبها خرق فادح لقواعد الاختصاص ينزلها منزلة القرارات المعدومة وتقرر عدم إجراء العمل بها، كما توجه قرارات فردية في عدم اعتماد هذه المذكرات إلى القضاة المشمولين بها وإلى وزير العدل، وتوجه مراسلة في الغرض إلى رئيس الحكومة. ودعت الهيئة إلى الكف عن كل الممارسات التي من شأنها إرباك عمل الهيئة وكل ما من شأنه تعطيل مسار إصلاح القضاء وتكريس استقلاله والتأسيس لسلطة قضائية مستقلة ونزيهة ومحايدة. وللتذكير فإن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي واجهت بعض الصعوبات نتيجة غياب الإرادة السياسية في تمكينها من المقومات الأساسية لوجودها الفعلي كمؤسسة دستورية يرجع لها الإشراف على القضاء العدلي والمساهمة في إصلاح منظومة العدالة، وخاصة من خلال التسويف في توفير مقر خاص بالهيئة وتمكينها من ميزانية وإطار إداري على غرار مؤسسات السلطتين التنفيذية والتشريعية في محاولة لتغييبها عن المشهد العام وتحجيم دورها في ضمان الحد الأدنى من استقلال القضاء.