قال الخبير في القانون الدستوري قيس سعيد "لبناء نيوز" إن ما نعيشه اليوم عموما هو في المرحلة الانتقالية الثانية نتيجة لجملة من الاختبارات السياسية والقانونية التي تمت فيما عُرف بالمرحلة الانتقالية الأولى بسرعة تامة. وأضاف قيس سعيد أنه بعد 14 جانفي ترك الكثيرون المطالب الحقيقية للشعب وصرفوا الأنظار عنها نحو قضايا حسمها التاريخ قبل أن تحسمها النصوص القانونية، وقد جاءت الانتخابات في ظل الصراع وأدت إلى ما أدت إليه اليوم وهو الصراع الوجوبي على السلطة. وبين سعيد أن الأداء من كل الأطياف السياسية لم يكن في مستوى المرحلة بل كان معاكسا للتاريخ وهو ما يهيئ للسياسيين بأنهم بصدد التأسيس من جديد، ولكن هل أنهم يؤسسون بالفعل أم أنهم لم يكلفوا أنفسهم على التذكير بالأسباب التي أدت إلى الوضع الذي عرفته تونس على مستوى أكثر من 50 سنة. وأضاف "وضع دستور جديد أو مؤسسات دائمة لن يؤدي إلا إلى إعادة ما كان قائما، فإذا لم يكن هناك فكر سياسي ينطلق من المطالب الحقيقية للشعب ويقوم على آليات جديدة تمكنه من التعبير الكامل والصادق على ارادة الشعب فإنه لا يمكن أن يبني بناء جديدا، على حد تعبيره. وبخصوص توقعاته للفترة القادمة أكد قيس سعيد أنها ستتواصل فيها الصراعات ولكن قد تعرف فترات تأجج فيها بين المتصارعين وقد يعرف فترات تهدئة، مضيفا أنه في كل الأحوال الصراع سيكون على السلطة دون أن تتحقق فيه إعادة البناء المنشودة في ظل حقيقة جديدة. وقال سعيد إن الديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن تنجح على نفس الأسلوب بل تقتضي اليوم البناء من المحل إلى المركز، وذلك بإنشاء مجالس محلية يُنتخب أعضاؤها عن طريق الاقتراع في كل معتمدية ومنها تنبثق مجالس جهوية بكل ولاية من ثم يكون هناك مجلس وطني تشريعي يكون عدد أعضائه بحساب نائب عن كل معتمدية بقطع النظر عن الكثافة السكانية، إلى جانب عدد من الأعضاء ممثلين عن التونسيين المقيمين بالخارج. وقال سعيد إنه من بين الأسباب التي أدت إلى الخراب في هذا البلد على امتداد قرون هو أن النائب لا يشعر بالمسؤولية الكاملة بل يشعر أنه مسؤول عن الجهة التي يمثلها، مضيفا أن الحراك الذي عرفته تونس لم ينطلق من المركز. وشدد على أنه يجب على السياسيين أن يقرؤوا جيدا مسار الحراك الشعبي ومسار التاريخ وينظروا بصفة موضوعية إلى الأسباب التي أدت إلى الاستبداد وتغييب الإرادة الشعبية وبهذا يمكن التأسيس ووضع الدستور.