تعيش تونس هذه الأيام على وقع حدث سياسي بارز يتمثل في الانتهاء من صياغة مسودة الدستور الجديد للبلاد. الذى كان ثمرة مخاض عسير مازال على أشدها بين الفاعلين على الساحة. جدل مازال متواصلا في الاوساط السياسية ولد الناشطين في الساحة سيما بعد أن قاطع عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي اجتماع اللجان التأسيسية التي تسلمت المشروع النهائي للدستور لإبداء الرأي فيه قبل بعث نسختين واحدة إلى رئاسة الجمهورية وأخرى الى رئاسة الحكومة. وتأتي هذه المقاطعة على اثر الاجتماع الذي انعقد مؤخرا لتوحيد صفوفهم للحيلولة دون مرور مشروع الدستور إلى الجلسة العامة، والذي صدرت عنه مجموعة من القرارات. ومن هنا يبقى السؤال المطروح حول اهم التحفظات العامة من مسودة الدستور الجديد للبلاد أحد الاستحقاقات الكبرى للمرحلة الانتقالية. اعتبر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أن هذا الجدل الدائر في الأوساط السياسية بعد إعلان رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر الانتهاء من مرحلة الإعداد ستكون له انعكاسات على مستوى اللجان الدستورية التي سوف تنظر مرة أخرى في المشروع قبل عرضه للنقاش على الجلسة العامة . وافاد أنّ التحفظات اعمق بكثير من المسائل القانونية اذ يتعلق بالاساس بوظيفة الدستور ذاتها وقال «حين يكون النص الدستوري اداة للحكم فقط واداة لإضفاء مشروعية عليه يصبح فاقدا لأي جدوى من وجوده» وأشار سعيد إلى أن القضية في أصلها أعمق من الإشكالات القانونية وتتصل بوظيفة الدستور وأضاف أنّ لبّ الخلاف تمركز حول شكل الحكم وسط تغييب للمسائل المتعلقة بتنظيم السلطة التشريعية قائلا انه حينما يكون الدستور أداة للحكم ولإضفاء مشروعية على الحكم فانه يفقد جدواه. وقال إن الشعب التونسي لم يجْنِ من كل الأحزاب السياسية سوى الوعود ولم يتلقّ أي مبادرة تستجيب لطموحاته.. واعتبر أنه للأسف أصبح الدستور اليوم أداة من أدوات الحكم عوض أن يكون لتحقيق المطالب الشعبية التي قامت عليها الثورة. كما أوضح سعيد أنه يفضل نصا قانونيا سيئا يعترف بالحرية عوض نص قانوني جيد هدفه إضفاء الشرعية على الحاكم. وشدد قيس سعيد على أن الدستور من المفروض أن يكون دستورا شعبيا يعبر عن قيم المجتمع مفيدا أنه كان الأجدر وضع ما خطّه شباب الثورة عوض التركيز على قضايا جانبية. وبين قيس سعيد في هذا الخصوص أنه لو كانت هناك استجابة حقيقية لمطالب الشعب لتم وضع تصور مغاير تماما لتنظيم السلطة التشريعية ينطلق من المحلي بإنشاء مجالس محلية في كل معتمدية يتم اختيار أعضائها بطريقة الاقتراع على الأفراد ومنها تنبثق مجالس جهوية من كل ولاية وعنهما تنبثق سلطة وطنية تشريعية لان أساس الديمقراطية على حد قوله الديمقراطية المحلية التي في إطارها تتحقق المصالحة بين الناخب والنائب وتعود من خلالها الثقة في المؤسسات النيابية . بسؤالنا عن التجاذب الحاصل في الساحة اكد سعيد ان الصراع السياسي يتخذ شكل صراع قانوني مشيرا الى أنه لا يمكن التوصل الى حل قانوني دون حل سياسي. واعتبر أنه عندما يتحول الصراع السياسي الى صراع وجودي فان الحلول القانونية ستصبح وهمية وقال ان عناوين الحراك الذي عرفته بلادنا هي عناوين اقتصادية و اجتماعية مشيرا الى ان القضايا التي تطرح داخل القصور بباردو قضايا لم يطرحها الا من اعتقد انه هو الوحيد القادر على وضع مشروع يستجيب لمطالب تونس وهذا الامر ينسحب على الاطراف كلها التي لم تتخلص من رواسب الماضي من اهم النقاط الواردة ببيان النواب المعارضين لمشروع الدستور 1 هذا المشروع مخالف لأحكام النظام الداخلي وخاصة الفصل 104 وهو موصوف خطأ بكونه مشروع دستور لصدوره عن غير الجهة المختصة به وذلك هروبا من آراء وخيارات اللجان التأسيسية والاتجاه الأغلبي داخلها وإفلاتا من آراء الخبراء الدستوريين الذين استقالوا ولم يعوضوا. 2 إن شروط دعوة انعقاد اللجان التأسيسية والحالة تلك غير متوفرة، حيث لم تسلم اللجان حتى قرارات إحالة رسمية عملا بالفصل 104 من النظام الداخلي ولا نسخة مطابقة للأصل ممّا وُصف خطأً بكونه مشروع الدستور. 3 نعلن رفضنا لهذا الإعلان المتسرع لما له من مساس بالوفاق الوطني، خاصة أن لجنة المتابعة للحوار الوطني مازالت متواصلة وكانت قد طالبت رسميا رئيس المجلس بتأخير إعلانه ب 72 ساعة للتوصل إلى توافقات نهائية يتم ادراجها في نص المشروع. 4 نحمّل السيد رئيس المجلس الوطني التأسيسي مسؤولياته على «الانقلاب» والتحايل الحاصل تحت غطاء التسريع والتقليص من الفترة الانتقالية، ونعتبره شريكا في تهميش اللجان والنواب وفرض دستور يتضمن بعض الأحكام ذات النفس الاستبدادي وخاصة تلك المتعلقة بالقيود على الحقوق والأحكام الانتقالية. 5 نعلن تجند كافة النواب الممضين على هذا البيان لاتخاذ كافة الاجراءات النضالية للتصدي لتمرير هذا المشروع إلى حين استكمال الحوار الوطني لاعتماد ما ينبثق عنه من توافقات. 6 ندعو رئيس الجمهورية المؤقت إلى تحمل مسؤولياته التاريخية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس. 7 ندعو الشعب التونسي للتجند من خلال جمعياته ومنظماته للدفاع عن دستوره، وهو دستور الأجيال القادمة، بعيدا عن كل توظيف حزبي وسياسي ضيق.