أكثر من 15 ألف حضروا الملتقى والتنظيم كان محكما جدا الشعب الذي أخرج هذا الشباب من السجون لا يمكن أن يقابله إلا برد الجميل القيروان – ديما أونلاين بعد الملتقى الأول الذي انتظم بأريانة السنة الماضية انعقد بمدينة القيروان الأحد 20 ماي 2012 الدورة الثانية لملتقى أنصار الشريعة التي تضم منتسبي السلفية في كامل أنحاء الجمهورية، تحت شعار افحكم الجاهلية يبغون؟ حيث حج آلاف من هؤلاء الأنصار إلى هذا الملتقى الذي اتخذ مكانا له المُصلى الشمالي لجامع عقبة بن نافع أسفل الصومعة والذى امتلأ تماما والأنهج المحيطة به بهؤلاء الوافدين منذ الصباح الباكر حيث قدموا من كل فجّ عميق تلبية لدعوة شيخهم أبي عياض. اللقاء شهد تنظيما محكما، ولم يشهد أي حادث رغم الجموع الغفيرة التي قدرت ب 15 ألف مشارك، وقد تكفلت لجنة إعلامية باستقبال وسائل الإعلام المختلفة والتي لاحظنا تواجدها بكثافة خصوصا العالمية منها، كما أن توافد السياح في الفترة الصباحية تم بشكل طبيعي ودخلوا المسجد دون أن يعترض سبيلهم أحد. الملتقى افتتح رسميا بعد صلاة العصر بقليل وسط أهازيج وتكبير و شهد عروضا في فن الزمقتال بحضور شيخ هذه الطريقة القتالية على المنصة الشرفية كما تم تكريم مُفرّج عنه من غوانتنامو ووالد الشاب يسري الطريفي المطبق فيه حكم الإعدام بالعراق ومجاهد ليبي. الملتقى شهد حضور عديد الضيوف ومن أبرزهم السيد رضا بلحاج الناطق الرسمي باسم حزب التحرير والذي صرّح "للصحافة" أنّه أتى بدعوة رسمية من قبل أبي عياض وأن وجوده أمر طبيعي باعتبار الملتقى عمل كبير له بعد سياسي ويبشر بأن الصحوة الإسلامية في حالة وعي ونضج وأنّها غير قابلة للتوظيف ولا تقع في المطبات والزلات التي يعدها لها الأعداء، وقد أكّد بلحاج في كلمته التي ألقاها في الملتقى على وجوب اتخاذ الشريعة كمصدر للتشريع وأن الخلافة هي الحل لتشرذم الأمة. كلمة الشيخ مختار الجبالي جاءت توجيهية للشباب المتحمس ودعوة له للانضباط والابتعاد عن التباهي بالرايات في الطرقات والمساجد وأن لا يسقطوا في الاستفزازات وأن يعاملوا التونسيين برفق ورحمة وأن يكونوا مثالا يحتذى في حسن المواطنة مبينا أن الجهاد كأصل من أصول الدين هو موجه لأعداء الأمة لا للإخوة في الدين والوطن. كما مرر الملتقى كلمة مسجلة للشيخ المصري هاشم الرفاعي حيا فيها الملتقى داعيا إلى الصبر في الدعوة والمضي في الثورة محتجا على عدم قبول الشيخين المغربيين واصفا الأمر بالانتكاسة والخضوع إلى عبيد الفرنكوفونية. وأخذ الكلمة الشاب محمد البختي عن لجنة الدفاع عن المنقبات بمنوبة الذي تحدث خصوصا عن ما تعرضوا إليه من حملة منظمة وتزييف إعلامي ممنهج. الكلمة المنتظرة والختامية كانت للأبي عياض الذي حوصل البيان الختامي في عدة نقاط أو رسائل كما وصفها وكانت أولها موجهة إلى الشعب التونسي الذي أكد أن أنصار الشريعة لا يمكن أن يرسلوا إلا رسائل أخوة فلا ينجروا إلى الاستفزازات ولن يتلاعب بهم أعداء الدين، فهذا الشعب الذي أخرج هذا الشباب من السجون لا يمكن أن يقابلوه إلا برد الجميل مؤكدا أنهم من الشعب والشعب منهم لا يريدون له إلا العيش في ظل شرع الرحمان . الرسالة الثانية كانت للأطياف الإسلامية الأخرى التي قال عنها أنها تشترك معها في كلمة التوحيد طالبا إياها إلى عدم تشميت الأعداء فيهم فالمعركة حسب قوله معركة كفر وإيمان لا بين إسلام وإسلام، وأن الخلاف بينهم لا يجب أن يتجاوز الفكر الذي يُسوّى بالحوار ومقارعة الحجة بالحجة ولن يتطور إلى أكثر من ذلك ، وفي رده على ما نشرته الصحافة التي وصفها بالمأجورة حول توقعها الانفصال بين الحركات الإسلامية انطلاقا من ملتقى القيروان قال أن الخلاف لن يتطور إلى قطيعة أو تصادم بل سيبقى في المستوى الفكري. وأرسل ابو عياض رسالة للإعلام مشيرا إلى أنهم لم يستجيبوا للدعوة التي وجهوها له العام الماضي حين طالبوهم أن يسمعوا منهم ولا يسمعوا عنهم، واصفا الإعلام بأنّه يقبع بين براثن الوجوه النوفمبرية التي تشوهنا منذ سنة، طالبا إياه إلى مراجعة نفسه بنفسه ونقل الحقيقة المجردة بحيادية ومهنية، ناصحا بالابتعاد عن القدح في المقدسات وعن التشويه وعن الجر إلى المعارك والتقاتل مؤكدا أن دماء الشعب التونسي مصانة ومحرمة على السلفية فلن يقع جرهم إلى الفخاخ التي ينصبها له الإعلام "المأجور". ونصح أبو عياض في كلمته أنصار الشريعة بالتسامح وعدم رد الفعل ومقابلة السيئة بالحسنة حتى مع البوليس السياسي، كما دعا إلى إصلاح التعليم ومراجعة البرامج وبناءها على أساس الأخلاق وتدعيم التكنولوجيا فالسلفيون ليسوا ضد التطور بل مع التقدّم والتحضر ولكن دون انسلاخ عن مبادئ الاسلام وقيمه. وتحدث أبو عياض عن الفلاحة والتجارة وأزمة غلاء الأسعار مشيرا أن أسباب ذلك هو الربا الفاحش في القروض والمعاملات داعيا إلى تجربة الاقتصاد الإسلامي أمام اقتصاد ربوي أبرز فشله. وأكد أبو عياض أنه ليس في برنامجهم التدخل في السياحة رغم معارضتهم سياحة الدعارة – حسب وصفه – متحديا أن يأتوا له بأي حادثة اعتداء على نزل سياحي أو سائح، ولكنه دعا أيضا إلى ضرورة التفكير في الاتجاه نحو سياحة إسلامية وتجربة الأسواق السياحية الأخرى واستغلال مدن كالقيروان للترويج إليها. ومن أخطر ما دعا إليه أبو عياض وبيان الملتقى هو الدعوة إلى الانسلاخ من اتحادات العمال العلمانية في إشارة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يتهمه بعرقلة الاقتصاد، داعيا إلى ترك الاعتصامات وقطع الطرقات والانصراف إلى العمل والتفكير في بعث اتحاد عمال إسلامي. وأعلن ابو عياض في آخر كلمته على إنشاء مكتب وطني للدعوة مهمته التنسيق في هذا المجال وتسيير قوافل الإغاثة والإعانات والخيمات الدعوية داعيا الشباب إلى الانخراط في أعمال البر والدعوة وإعطاء المثال والقدوة الحسنة لباقي الشباب. والجدير بالذكر أن الملتقى نشط الحركة الإقتصادية للمدينة حيث نشطت محلات المقروض والمطاعم والمقاهي حتى أن أحد باعة المقروض الذي نفذت كامل كميته التي عرضها للبيع بأن يكون هناك لقاء كل أسبوع يحضره هذا الكم الهائل من الزوار. عادل النقاطي