شارك وفد عن الإتحاد العام التونسي للشغل في مؤتمر الإتحاد الدولي لنقابات العمّال العرب الذي التأم من 1 إلى 3 فيفري 2010 بالخرطوم. الوفد ترأسه الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للإتحاد الذي ألقى كلمة توجّه في مستهلها بخالص عبارات الشكر والمودّة إلى أشقائنا بالاتحاد العام لعمال السودان لاحتضانهم هذا الحدث النقابي المميّز المتمثل في انعقاد المؤتمر الثاني عشر للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، معربا لهم باسم عمال تونس ومناضلي ومناضلات الاتحاد العام التونسي للشغل عن تقديرنا لحركتكم النقابية المناضلة واعتزازنا بالالتقاء بهم وبإخواننا النقابيين العرب على أرض السودان الشقيقة وفي ضيافة شعبها العربي الأصيل وقيادته الوطنية، مؤكدين لهم تضامننا ووقوفنا إلى جانبهم في مواجهة التهديدات الخارجية. وجدّد الأخ الأمين العام خالص مشاعر الوفاء والإكبار للأجيال النقابية العربية المتعاقبة ومناضليها الأحرار الذين ساهموا بتضحياتهم في إعلاء راية هذا الصرح النقابي العربي العتيد ودعم مكانته وإشعاعه في الساحتين العربية والدولية، وفي هذا الإطار يطيب لي أن أتوجه بأصدق عبارات المحبة والتكريم إلى الأخ المناضل حسن جمّام الذي ظل على مدى العقدين الماضيين خير داعم لوحدة الحركة النقابية العربية ومدافعا صلبا عن حرمة الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ومكانته. وأضاف قوله: لقد انخرط اتحادنا منذ بداياته في مقاومة الاستعمار والتصدّي للعدوان الصهيوني وتعزيز مقوّمات التنمية بأقطارنا، كما ظلّ على مدى العقود الماضية صوتا للعمال العرب، ومحافظا على وحدته برغم كل الانقسامات العربية، ومثابرا في الدفاع عن الحقوق النقابية في وقت كانت فيه العديد من الأنظمة العربية تعادي العمل النقابي الحر أو تعتبره من قبيل المحرمات. لقد توفق اتحادنا في فرض ذاته كممثل للطبقة العاملة العربية من خلال التزامه بقضايا الحق النقابي والعدالة الاجتماعية ومبادئ الحوار الثلاثي، علاوة على مناصرته للقضايا العربية، انطلاقا من تصديه للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، مرورا بدعمه الثابت للقضية الفلسطينية، وصولا إلى وقفته النضالية لدحر الاحتلال عن العراق ودرء الأخطار عن سوريا ولبنان والدفاع عن وحدة السودان واستقراره. لقد قطع اتحادنا أشواطا هامة على درب النضال النقابي والتحرّري غير أنه ينبغي الاعتراف بأن حركتنا النقابية العربية لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها الإستراتيجية. إننا مطالبون بمزيد ترسيخ اتحادنا في الواقع العربي وتفعيل دوره كشريك اجتماعي إقليمي يحق له تمثيل العمال العرب في جميع الهياكل والمؤسسات القومية على غرار الدور الذي يضطلع به اتحاد النقابات الأوروبية في منظومة الاتحاد الأوروبي. غير أن المنظومة الراهنة للعمل العربي المشترك لا تفسح المجال أمام الحركة النقابية العربية للإسهام في صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العربي ممّا يستوجب تعبئة كافة القوى الحية العربية للمطالبة بإصلاح الجامعة العربية وتحديث أساليب عملها ومراجعة أنظمتها التي سنت منذ أكثر من 50 سنة ولم تعد تتلاءم مع معايير الاندماج الحديثة سيما وأن معظم مؤسسات العمل العربي المشترك لا توفر فرص المشاركة لأطراف الإنتاج وهيئات المجتمع المدني. إن ضعف المشاركة الشعبية وتغييب الحريات وتهميش حقوق العمال والشباب والمرأة وتعثر مسارات التنمية وغياب التكامل الإقليمي تمثل أرضية سانحة لتدخل القوى الأجنبية ممّا يقتضي تكثيف النضال لترسيخ الحقوق والحريات النقابية وتعزيز مقوّمات الحياة الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان إيمانا منا بأن الحرية هي الضامن للوحدة الوطنية والدرع الواقي ضدّ الأطماع الخارجية والحافز لشعوبنا للذود عن حرمة الأمة وتأمين نهضتها الحضارية. لقد طوى اتحادنا اليوم مرحلة هامة من مسيرته النضالية، وعلينا أن نستعد لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة بجرأة واقتدار. إنّ مهاما كثيرة ومعقدة تنتظرنا وفي مقدّمتها تعزيز دور الطبقة العاملة العربية في بناء التنمية والديمقراطية وحفز كافة القوى الحية العربية على النضال من أجل بناء تجمعات اقتصادية جهوية في المشرق والمغرب العربيين تمهد الطريق لإقامة اتحاد عربي موسّع علاوة على ربط الصلات الوثيقة بالنقابات وقوى التقدّم في العالم وتعزيز مكانة اتحادنا في الخارطة النقابية العالمية حتى نضمن لأنفسنا مواقع ثابتة للدفاع عن القضايا العربية ونعزّز جبهة السلام العالمية المناهضة للهيمنة والمناصرة للحرية والعدالة. وختم الأخ عبد السلام جراد كلمته بقوله: إن هذا التمشي المستوحى من مبادئ التضامن النقابي الدولي هو الضامن لخلق تآلف عالمي واسع يناضل من أجل عالم تسوده مبادئ الشرعية الدولية بما يمهدّ الطريق لعزل الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني وفرض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف وحق سوريا ولبنان في تحرير أراضيهما وتمكين الشعب العراقي من تقرير مصيره بحرية تامة ودون وصاية خارجية وتأمين وحدة السودان وسيادته الوطنية.