منذ انبلاج فجر السابع الأبلق وانبثاق صبحه الأغر ونحن ننتظر، بسماحة أهل الريف من اتقياء القلوب ننتظر بصبر الرجال المرابطين على الأرض، ننتظر بالبشر الذي لا يفارق المحيّى، ننتظر بالأمل الأشقر الجسام الذي يدغدغ الخواطر، ننتظر... نعم، ننتظر ولن نكل ولن نمل ولن نيأس لأنّ مطلبنا ليس فيه مبالغة أو تعجيز أو شطط، ثلاث أمتار فقط، طريق توصلنا إلى الطريق، طريق تفك عزلتنا وتفرج كربتنا وتخرجنا على ظهر الدنيا نحن سكان عمادة سيدي مطير تاجروين في جزئها الجنوبي، نحن تفصيلها أكثر من 15 تجمّعا سكنيا »دوار«... مواطنون منهم الشيخ المريض الذي هو في حاجة إلى الدواء، ومنهم الطالب في المعاهد العليا شقّ عليه في المدينة الكراء، ومنهم التلميذ المتيقن ان ليس من مصعد اجتماعي إلاّ درسه ومدرّسيه، ومنهم الإبن البار العائد من حين إلى حين لتلاوة الفاتحة على روح أبيه، وكلّ من جرّاء الطريق معذب عذاب الهدهد. سيدي الوالي المحترم: في مثل هذه المناخات، هل نطمح إلى الماء الصالح للشراب، هل نتحدّث عن انتاج واستثمار، هل نحلم ببعض المرافق الأساسية لتليين تحمل الحياة؟ أكيد أنّهم لم يبلغوك بمثل هذه الأوضاع وهذه الحال وإلاّ لكانت مصالحكم تحرّكت وقسمت ظهر »واد الشمام« الملتف على القرية من كل الجهات يحكم بأحكامه ويأمر بأمره ويفعل ما يريد... أكيد أنّهم لم يبلغوك وإلاّ لتحرّكت مصالحكم للتو لتريحنا من وحل الشتاء وأتربة الصيف... أكيد أنّهم لم يبلغوك أنّنا كأبناء هذه القرية التي سقطت فيها رؤوسنا وقلوبنا أصبحنا نخجل من زيارة صديق على وجهه آثار النعمة وهو يعيرنا بهذه الثنية وينبزنا بهذا الواد المتغول وبهذا الصّمت المطبق الذي نحن عليه وبالغياب التام للسلط المحلية والجهوية وتخلّيها عن كلّ فعل أو ردّ فعل... سيدي الوالي المحترم: يقيني لما أعرف فيكم من خصال نبيلة أنّكم سوف تلتفتون إلى سكّان هذه القرية المناضلة وأنتم تمثّلون سيادة الرئيس في هذه الولاية التي سالت على أرضها الطيّبة دماء سيادته الزكية الطاهرة حين أُصيب وجرح في إحدى معارك الشرف في حرب »السدود« ضدّ فرنسا المحتلّة وهو يرابط ويحمي حمى هذه التخوم الأبية صونا للأرض والعرض، وهي حادثة لها تفاصيلها الكثيرة والتي ما كان لها أن تغيب عن الذكرى والإعتبار والتمثّل والإستحضار خاصّة عند احياء ذكرى أحداث الساقية حتى يعلم الشباب أنّ له في أبناء تونس أبطال وأنّ له في أبناء شعبه رماح... إننا نترّقب منكم بشارة ونحن نتطلّع إلى ذكرى التحوّل الذي صنعه هذا الرجل الذي كنت عنه أتحدّث... عثمان اليحياوي صحافي أول سابق ابن هذه القرية