في ظل واقع نقابي يبدو صعبا نسبيا من حيث الملفات والرهانات المطروحة على الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المرحلة وأهمها اصلاح نظام التقاعد والمفاوضات الاجتماعية والاستعدادات لإجتماع المجلس الوطني للاتحاد المنتظر انعقاده بداية شهر فيفري من السنة المقبلة. في ظل هذا الواقع الذي يتطلب الاستعدادات النضالية الجيدة والتعامل معه بروح عالية من المسؤولية والالتزام بالدفاع عن الحقوق الشرعية والمكتسبة للعمال شهدت الساحة النقابية على مدى الاسابيع الماضية حراكا نقابيا على مستوى الهياكل الجهوية والقطاعية تمثل بعقد ملتقيات دراسية واجتماعات اخبارية وندوات تكوينية وهيئات ادارية قطاعية وجهوية. وأحد مظاهر هذا الحراك في الاسبوع الماضي انعقاد الهيئة الادارية القطاعية للجامعة العامة للبناء والاخشاب التي اجتمعت الخميس قبل الماضي برئاسة الاخ بلقاسم العياري الامين العام المساعد للاتحاد المسؤول على القطاع الخاص، وتناغما مع الواقع المعروض وضعت الهيئة الادارية للبناء والاخشاب على جدول اعمالها تدارس الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالقطاع واستعراض النشاط النقابي بالقطاعين الخاص والعام والاعداد للجولة الراهنة من المفاوضات الاجتماعية ومسائل اخرى ذات صلة بالشأن النقابي العام. الديمقراطية هي المحدد والفيصل عند افتتاحه لأشغال الهيئة الادارية سجل الاخ بلقاسم العياري صعوبة الظرف الراهن الذي تجتازه المنظمة الشغيلة على المستوى الوطني حيث انه مطروح عليها الانكباب على تدارس عدة ملفات ابرزها على الاطلاق مشروع اصلاح أنظمة التقاعد وانجاز الجولة الراهنة من المفاوضات الاجتماعية وعلى المستوى الداخلي الاستعداد لعقد المجلس الوطني للاتحاد العام، وفي حديثه عن أهم مظاهر هذا الظرف أشار الاخ بلقاسم العياري ان المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد في اجتماع له قرر بعث لجان لإعداد مشاريع تقدم الى المجلس الوطني وهي لجنة اصلاح أنظمة التقاعد ولجنة الشغيل والمناولة ولجنة التربية والتعليم ولجنة الاعداد للمفاوضات ولجنة هيكلة الاتحاد وابرز الاخ بلقاسم العياري ان الاشغال داخل المجلس الوطني ستسير بشكل ديمقراطي وليس للاتحاد ممنوعات في الحديث ولا مجال لأي حديث عن الشأن النقابي الا داخل أطر الاتحاد القانونية والشرعية وبأن الديمقراطية هي المحدد والفيصل في كل اختلاف. ... صعبة... لكن بإمكاننا انجاحها وفي حديثه عن الجولة الراهنة من المفاوضات الاجتماعية قال ان الاجتماعات على مستوى اللجنة المركزية قد انطلقت لكن على وتيرة بطيئة وهذا ربما يساعد على المزيد من حبك استعداداتنا خاصة ونحن نسعى الى توحيد اكثر ما يمكن من المطالب لنترك الخصوصيات للقطاعات، وشدد في هذا السياق على الاندفاع النضالي للعمال والتعبئة الشاملة تحت شعار »لا تفاوض الا مع أصحاب العمل لا مع من ينوبهم من الموظفين«. نرفض الاصلاح الذي يمس من مكاسب العمال وفي تبيانه للموقف من مشروع اصلاح أنظمة التقاعد قال ان الاتحاد العام التونسي للشغل لا يتحمل نتائج خيارات اقتصادية واجتماعية لم يكن شريكا في رسم سياساتها وبالتالي فإنه يرفض اي اصلاح يمس من الحقوق المكتسبة للعمال ما لم يتمكن من الوقوف على الاسباب الرئيسية لاختلال توازنات أنظمة التقاعد، واعلن ان للاتحاد العام التونسي للشغل من المقترحات البناءة والدراسات المعمقة والتصورات المستقبلية ما يضمن اصلاحا هادئا وجذريا، وقال نأمل في معالجة صحيحة لهذا الملف بما يخدم الشعب لأن فرحات قال »أحبك يا شعب«. وفي ختام تدخله تحدث الاخ بلقاسم العياري بعض الشيء عن شرعية اضراب التعليم الثانوي وعن بعض التجمعات الجهوية الخاصة بالتقاعد وعن انتظارات النقابيين من اشغال المجلس الوطني، وتحدث كذلك عن الوضع في فلسطين والعراق وعن بعض المواقف الرسمية المتخاذلة. مواقف القطاع لا تقف على سطح أي ايديولوجيا أما الاخ حسن شبيل الكاتب العام لجامعة البناء والاخشاب فبعد استعراضه في بداية اشغال الهيئة الادارية للنشاط النقابي القطاعي وأهم خصائصه في هذه المرحلة منوّها بانضباط القطاع والالتزام بقضاياه المهنية ومتابعة تراكماتها عبر الاعداد الجيد للمفاوضات الاجتماعية الراهنة... ليتسنى له في خاتمة الاشغال الرد على بعض التساؤلات موضحا ان قطاع البناء ومن منطلقات نقابية لا تقف على سطح اية ايديولوجيا لا يقبل بالمزايدة على مواقف الاتحاد وعلى مكاسبه وانجازاته ولا يمكن ان يعثر للقطاع على موقف محدد في أية مسألة نقابية الا من داخل الاطر الشرعية والقانونية للاتحاد. أما في ما يتعلق بتصورات القطاع من بعض الملفات، فشدد الاخ حسن شبيل على رفض القطاع للزيادة في سن التقاعد وهو القطاع الذي كان يدعو الى التخفيض فيها من سن الستين الى سن الخامسة والخمسين اعتبارا لطبيعة العمل بالقطاع المضنية والشاقة أما بخصوص المناولة وإن رأى في القضاء عليها دورا للنقابة الاساسية فإنه أوضح ان القضية مطروحة حتى على مستوى المكتب الدولي للشغل وان رسم تصور وطني على مستوى كل الجهات والقطاعات أمر ضروري في هذه المرحلة. وتحدث الأخ حسن شبيل في بعض المسائل الداخلية مثل كيفية دعم الانتساب للاتحاد وتكثيف الاعلام النقابي وتحيينه في ظل تسارع الاحداث. من جانبه تحدث الاخ عزوز بن مبارك عن طبيعة المفاوضات داخل القطاع وأعلن استعدادات الجامعة بهياكلها الاساسية واطاراتها على انجاح هذه الجولة وتحقيق المزيد من المكاسب للعمال. مواقف على نار هادئة بعيدا عن اي ارهاص آنيّ أو ضغط مطلبي مهني او نقابي دار بين اعضاء الهيئة الادارية نقاش طبخت تفاعلاته على نار هادئة جسمت الى حد كبير واقعية القطاع حيث ابرز المناقشون التأكيد على التعبئة الشاملة للعمال من اجل انجاح المفاوضات الاجتماعية واعطاء الجانب الترتيبي الاولوية مع التمسك بزيادات محترمة تعكس طموحات العمال وتقف على قدم المعادلة بين حقيقة الاسعار والاجور، وأعلنوا ضرورة انجاز استراتيجية وطنية لمواجهة استفحال السمسرة باليد العاملة. وأكدت الهيئة الادارية رفضها لمشروع الحكومة حول اصلاح انظمة التقاعد ما لم يعق البحث والقضاء على الأسباب التي أدت الى اختلال التوازنات المالية بالصناديق الاجتماعية معلنة استعداد القطاع للنضال من اجل ذلك، وطالبت الهيئة الادارية ايضا بالتأهيل الفعلي لقطاع الصحة العمومية وارساء نظام جبائي عادل واعطاء الاتحاد العام التونسي للشغل حقه الشرعي في المساهمة في الملفات الاعلامية سواء بالتلفزة او الاذاعة. وطن في البال الى جانب كل ذلك خاضت الهيئة الادارية في عدة مسائل لها علاقة بالشأن النقابي الداخلي وأصدرت لائحة في الغرض دون ان تغفل على صعيد الوطن العربي التنديد بالحصار الجائر المضروب على غزة والاعتداءات الوحشية المتواصلة على الشعب في فلسطين وحيّت قافلة الحرية داعية الى مقاطعة الكيان الصهيوني والى تحرير الاراضي العراقية منوّهة بالروح القتالية للمقاومة العراقية، واستنكرت مشروع تجزئة السودان.