بالتعاون بين الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي واتحاد النقابات النرويجية انعقدت في تونس العاصمة ندوة نقابية مغاربية لمناقشة »دور المرأة المغاربية ومشاركتها في العمل النقابي« جرت على هامشها عمليّة تجديد أعضاء لجنة المرأة العاملة المغاربية. وقد حضرت هذه الندوة مجموعة من النقابيات من تونسوالجزائر والمغرب وموريتانيا، وافتتح أشغالها الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي، كما حضرتها مجموعة من النقابيين والنقابيات من هياكل نقابية مختلفة وممثلات عن جمعيات نسائية. وبعد كلمات التّرحيب التي شدّد مجملها على ما يربط شعوب المنطقة المغاربية من روابط متنوعة تشمل مسارات العمل النقابي المشترك وتخدم تواصله، انطلقت الجلسة العلمية الأولى التي حضرتها الوفود النقابية المغاربية وواكبتها عديد الأخوات النقابيات التونسيات من قطاعات أخرى كالتعليم الثانوي والصحة والفلاحة والسكة الحديدة والتنشيط الثقافي والعدلية. أولى الجلسات العلمية لهذه الندوة كانت مع عرض قدّمته الأخت راضية بلحاج زكري رئيسة جمعيّة النساء التونسيات للبحث من أجل التنمية حول المرأة النقابية والعمل النقابي سعت من خلاله إلى جرد وضع المرأة المغاربية في العمل النقابي في إطار مقاربة مفهوم النّوع الاجتماعي وتغيير الأوضاع وطبيعة العمل واستشراء التمييز ضدّ النساء في المستويات المهنية المختلفة من طبيعة العمل ذاته إلى القوانين المنظمة له إلى سلم التأجير إلى ظروف العمل... وغير هذا ممّا يجعل نسبة انخراط النساء في الهياكل النقابية ضعيفة ونسبة تحمّلها المسؤولية بها ضعيفة أيضا، إذ لا تساعد العوامل الاجتماعية على دخول المرأة المجال النقابي كما لا تساعدها العوامل الثقافية ولا النقابية نفسها. المداخلة العلميّة الثانية قدّمتها الأخت سهام بوستة المناضلة في لجنة المرأة العاملة بالاتحاد العام التونسي للشغل حيث تناول سؤالها الرئيسي سبل تفعيل المرأة المغاربية في مواقع القرار في النقابات من أجل تجاوز العراقيل وبناء المستقبل لأنّ ضرورة تفعيل دور المرأة في النقابات قد تجاوز مبرّراته النسوية أو الجنسوية ليرتقي إلى المطلب النقابي الحقوقي الكوني في ظلّ استشراء عولمة لا تفرق بين النساء والرجال بل تجتاح الجميع... وفي المحيط المغاربي هناك ما يبرّر شموليّة تناول واقع المرأة النقابيّة فيه باعتبار المشتركات الكثيرة التي تجمع النقابيات بعضهنّ ببعض فالأرضية التشريعية متشابهة ومسار تبنّي هذه الدول للاتفاقيات الدولية وتحفظاتها حولها متقاربة، وانفتاح نقاباتها على فعاليات المجتمع المدني لا تنافر فيها، ولكن وجود المرأة المغاربية في الهياكل النقابية دون المأمول لذلك علينا توحيد الصف العمّالي وتبادل الخبرات والتجارب والقدرات والعمل من أجل التنسيق والتشبيك وإدراج مقاربة النوع الاجتماعي في كلّ البرامج والعمل من أجل نشر ثقافة المساواة واستغلال الوسائل الإعلاميّة الحديثة مع المطالبة بالكوتا (الحصص) حلاًّ مرحليًّا لتبلغ النساء عالم القرار النقابي. وقد أعقب المداخلتين نقاش ثري بين الحاضرات أكّد على أهميّة العمل من أجل إجراء دراسات علميّة ومحيّنة تكون مرجعا للباحثات والباحثين في المجال وأرضية علميّة للشروع في بناء استراتيجيا للنهوض بواقع المرأة المغاربية في النقابات وذلك بضبط جدول زمني وتحديد أغراض وأهداف واضحة. في الفقرة الثانية من هذه الندوة المغاربية نشطت الأخت نعيمة النايم من المغرب مائدة مستديرة حول المساواة بين الجنسين في البلدان المغاربية ونبذ أشكال التمييز ضد المرأة في النقابات، تطارحت خلالها الأخوات الحاضرات تجاربهنّ في العمل النقابي داخل بلدانهنّ وتصوراتهنّ للخروج من واقع الحال مع استعراض بعض النماذج الناجحة أو المشجعة على الاستقطاب خصوصا وأنّه لا وجود لتمييز صارخ في القوانين بين المرأة والرجل في العمل ولكن الظروف والعقليات هي التي تعوق تقدّم المرأة في النقابات. وقد سار نقاش الأخوات في اتجاه دعم الآليات الإجرائيّة المرحلية التي تميّز المرأة ايجابيا ومنها آلية الكوتا ولجان المرأة ومراصد الخروقات والجمع بين الترفيه والاستقطاب والعمل من أجل استعادة الثقافة لمكانتها في النقابة ودعم التكوين وتعميمه والتدرب على عمليات الحشد والمناصرة وإدارة الحملات وتحسيس الرأي العام والمشرّع وأصحاب القرار المركزي وذلك عبر استغلال ناجع للإعلام وعقد تحالفات مع مكونات المجتمع المدني في إطار عقود أهداف واستراتيجيات عمل. بل هناك من الأخوات من اقترحت إحداث جائزة مغاربية للاتحادات والروابط النقابية الأكثر تميّزا في مجال مقاربة مفهوم النّوع الاجتماعي. وقد تلت جلسة النقاش الثرية هذه عمليّة وتجديد مكتب المرأة العاملة المغاربية التي أسفرت عن فوز الأخوات نجاة سيمو منسقة عن المغرب على أن تختار للعمل معها عضوة قارة وعضوة مناوبة والأخت حبيبة شيمسات من الجزائر بنفس المقياس والأخت خديجة علي محمدي من موريتانيا والأخت تركية بن خذر من تونس التي ستكون المنسقة المغاربية. وانتهت الندوة بتعبير المشاركات عن عميق تضامنهنّ مع العاملات والعمّال في اتحاد العمّال الموريتانيين لما تعيشه الطبقة الشغيلة من ظروف صعبة وقاسية وخاصة واقع العنف الشامل الذي تعانيه المرأة الموريتانية العاملة. وقد شدّدت الأخوات المشاركات على جملة من التوصيات من أهمّها: توحيد العمل النسائي النقابي المغاربي. التنسيق بين اللجان المغاربية من أجل دعم العمل المشترك وتبادل الخبرات والتجارب. توحيد المواقف والدفع من أجل تطوير التشريعات والقوانين ذات الصلة بالمرأة العاملة. تعزيز التضامن لمساندة النضالات النسائية المغاربية. كما تمّ إلى جانب ذلك اقتراح مشاريع عمل تتمثّل في تفعيل وجود المرأة المغاربية في مراكز القرار والتسيير النقابي. تفعيل دور اللجان الوطنية للمرأة العاملة في منطقة المغرب العربي في استقطابها للمرأة العاملة وتعزيز انتسابها. بعث موقع إلكتروني يمكن من التواصل بين عضوات اللجنة المغاربية. إنجاز ندوات وحملات تكوينية وتحسيسية تلامس القضايا الفعلية للمرأة العاملة في منطقة المغرب العربي تمكّن من نشر عقليّة المساواة بين النساء والرجال داخل الاتحادات النقابية وبرمجة مواضيع تخصّ العلاقات الشغلية كموضوع »الخوصصة والعمل الهشّ« ودراسة الأمور التي تخص الحماية الاجتماعية كموضوع »التقاعد« ومواضيع تتعلّق بالحق النقابي. مواضيع تتعلّق بالنوع الاجتماعي والعمل النقابي العنف ضدّ المرأة. إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في تفعيل الميثاق العالمي مغاربيا من أجل الشغل اللائق وتكافؤ الفرص وتكثيف وجود المرأة في الهياكل النقابية ممّا يتطلّب وضع برامج حول النّوع الاجتماعي وايجاد تمويل خاص له إلى جانب إقرار استراتيجية عمل لتطبيقه على أرض الواقع. تبنّي آلية »الكوتا« مرحلةً انتقاليًّة وتعميمها على سائر الهياكل الأساسية والوسطى والعليا بشكل تدريجي في أفق المناصفة. تفعيل دور لجان المرأة وإعادة النظر في دورها الاستشاري.