سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نشر بجريدة »الحرية« تحت عدد 35 في 25 ديسمبر 1948 إلى العمل ضد سياسة العبث
تتواصل الصرخات الشعبية ضد سياسة التجويع التي لم تنفك الحكومة تسلطها على الطبقات الشغيلة وعلى الجماهير العاملة.
وتعودت الادارات بالاحتجاجات المتنوعة فأصبحت تقابلها بالصمت والازدراء غير مكترثة بما تبديه المنظمات الشعبية التي تعبر عن استياء عموم السكان وسخطهم كلما اتحفتنا الحكومة بهديّة جديدة تثقل بها كواهلنا وتزيد بذلك في تعاسة حالنا. وهذا الصمت وهذا الازداراء قد عمدت اليه الحكومة لانها ظنت ان الشعب العامل سيقتصر على تكلم الاحتجاجات التي لا قيمة لها في نظرها وايقنت عن خطأ بأن العمال وكافة المستهلكين سيتمادون على تحمل نتائج سياستها الخرقاء التي كادت تؤدي بالجميع الى الفناء. تمادت في سياستها العدوانية ضد الجماهير الشعبية تحرمها قوتها بترقيع الاسعار بصفة لا طاقة لها بها وتسلط عليها الضرائب المتنوعة بمجرد قرارات تصدر من حين الى آخر وصار الشعب ألعوبة في أيديها تعبث به كيف تشاء ولا معارض لحكمها ولا مناقش لتصرفاتها وتعتبر الحكومة ان كمشة من الانتفاعيين الذين انتدبتهم للمصادقة على تدابيرها يمثلون الأمة ويتكلمون بلسانها مع علمها انهم هم الذين لا قيمة لهم في الاوساط الشعبية وهم الذين يأكلون حقوق الضعيف ويستثمرون مناصبهم للتحصيل على جميع الامتيازات ولو كانت تلك الامتيازات تضر بمصالح الشعب. نعم ان الادارة مستمرة في اعمالها الخبيثة لانها تعودت بكثرة الاقوال وقلة الاعمال الجدية الفعالة والا كيف تتجاسر على رفع اسعار الخبز والسكر والحليب واثمان النقل والكهرباء والماء وغيرها من الاشياء الضرورية للحياة دون ان تتوقع المظاهرات الشعبية وربما أمرالعصيان لمقرراتها المصوبة نحو صميم الشعب البائس؟ ان المنظمات الشعبية الديمقراطية قد تحركت قواها لمجابهة تلك الحالة وأعدت برنامجا لمقاومة سياسة التجويع وكونت من نفسها لجنة للعمل ضد غلو المعاش التي شرعت في تجهيز القوات الشعبية لتوقيف هذا التيار واحباط سياسة التعنت التي تسوقنا جميعا الى سوء العاقبة. لقد مللنا هاته الحالة المسلطة علينا من ادارة تعمل ضد مصلحتنا وشركات رأسمالية تستغل خيراتنا وحكومة واقفة الى جانبها مؤيدة لها ومعاضدة اياها ويجلس كبير يتصرف تحت حكمها في ميزانية الدولة حسب شهوات اناس لا يعرفون للصالح العامّ معنى ولا يريدون للبلاد خيرا. كفانا ما تحملناه من جور وارهاق فاليوم يوم عمل لا مجال فيه للجدال فقد تراكمت علينا المظالم من كل جانب وطغى الاستعمار على جميع نواحي حياتنا. فهل لنا ان نسير في طريق النهوض موحّدي الصفوف تاركين وراء ظهرنا شقشقة اللّسان وانواع الهذيان وهل لنا ان نفيق من غفلتنا ونتلافى الامر فقد أصحبنا نهيم في بلادنا تقذفنا الايادي والغايات والمطامع وخصومنا يزدادون في كل يوم قوة جديدة باكتسابهم الاراضي واحتلالهم للمصانع واستحواذهم على النفوذ وطبقاتنا الضعيفة تئن تحت الضغط وتتخبط في البؤس وصعوبة العيش وهل لنا ان نقف وقفة الجد فنعلن للحكومة اننا من اليوم فصاعدا سنشرع في المقاومة الفعلية لسياسة الافلاس فنطالب بل ونفتك حقوقنا في الاشراف على دواليب بلادنا الاقتصادية لنتمكن من معرفة الاسباب التي تجعلنا فقراء ونحن ننتسب للبلدان التي تنتج افخر المنتوجات وتصدر الى الخارج اثمن المواد وتطلع على الاسرار التي تجعل المحظوظين يملؤون خزائنهم اموالا والشركات تزدهر بصفة عجيبة بينما الشعب يتقهقر بسرعة مخيفة وهل لنا ان نقول كلمتنا فتسمع وتكون القاضية على المحتكرين وكل من يمد اليهم يد المساعدة مهما كانت درجتهم في السلم الاداري والاجتماعي وهل لنا ان نجعل حدا لهاته الحالة بالعمل لا بالقول. ان لجنة العمل لمقاومة غلو المعاش تنوي اعلان الحرب ضد سياسة التجويع وهي تتمتع بتأييد جميع الجماهير الشعبية العاملة من عمال وصغار تجار وصنائعية وصغار الفلاحين والعائلات الكثيرة الاولاد وتعاضديات الاستهلاك واتحادات النسوة وقد اخذت في تطبيق برنامجها بالاتصال بالجماهير قبل كل شيء ثم تدخل في طور الكفاح الذي لا نخاله الا مكللا بالنجاح. يجب ان تعلم الادارة انها موجودة في البلاد لخدمة مصالح الشعب وان أوامرها ومقرراتها ليست في نظرنا ذات قيمة الا متى كانت ترمي الى صالح الشعب ويجب ان تعلم الادارة انها وان كانت غير مسؤولة لدى الشعب فان الشعب لا يمكن له ان يتحمل اكثر مما تحمله من العبث وسوء التدبير وهو مستعد للدفاع عن نفسه بجميع الوسائل.