لقد دأبت وسائل الاعلام خلال المهد البائد الممتدة من بداية حكم بورقيبة الى نهاية حكم بن علي على تلجيم أفواهنا وحشرنا في صورة مخزية ولكنها مفتعلة »التونسي مسالم تاريخيا« ولسان حالهم يقصد انه جبان ولا حول ولا قوة له، وليس كغيره من الشعوب القادرة على الثورة... فكأن الشعب لم يزلزل الأرض من تحت أقدام طاغية العرش الحسيني الصادق باي سنة 1864، وكأنه لم يهب للدفاع عن أرضه سنة 1881، وكأنه لم يقاوم الاستعمار بعد ذلك، لا في ثورة المرازيق ولا في ثورة الفراشيش 1906 و خلال احداث الجلاز وأحداث الترامواي في بدايات القرن العشرين ولا خلال الثورة المسلحة الاولى 1952 1954 ولا خلال الثورة المسلحة الثانية 1954 1956 وكأنه لم يقدم ضحايا لطرد الفرنسيين خلال حرب بنزرت صائفة 1961... ولا ننسى شهداء الحركة النقابية في مختلف جهات البلاد وخاصة بصفاقس ومنزل بورقيبة ومناجم جهة قفصة ولا ننسى كذلك التونسيين الذين استشهدوا من اجل القضية الفلسطينية... لقد غرسوا في ذهنك يا شعبي العظيم انك قاصر ولابد لك من حاضن يسهر على شؤونك كالطفل اليتيم. لقد ربوا أجيالنا على عقلية »كول القوت واستنى الموت« وعقلية »السياسة اخطر المحرمات«... ولكن ورغم كل هذه الطلاسم ها قد اثبت ايها الشعب العظيم انك ككل شعوب الارض قادر على الثورة. نعم الثورة على الطغاة. ان شتاء تونس الساخن 2010 2011 قد جعل الفرائص ترتعد بالنسبة الى كافة طغاة الوطن العربي والأمل كل الأمل في ان يتمد لهيب ثورتنا ليلتهم هؤلاء جميعا. انك يا شعبي قد حققت الخطوة الاولى من ثورة لا تقل شأنا عما قام به الشعب الفرنسي في صائفة 1789. ولكن حاذر من ان تسمح لجلاديك بالالتفاف على ثورتك المجيدة ولا أعتقد ان الانتصار على أعداء الوطن وأعداء الديمقراطية ممكن الا بتوفر ثلاثة شروط: المحافظة على جذوة هذه الثورة المتمثلة في حماس الشباب وتجاوز خلافاتنا والعمل المنظم. وإنها لثورة حتى النصر مهدي الدالي: