الأخوة والأخوات، حضرات الضيوف الكرام، أشكركم جزيل الشكر لتلبيتكم دعوة الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي لحضور أشغال هذه الندوة التي ينظّمها اليوم إحياء للذكرى الثانية والعشرين لإعلان تأسيس اتحاد المغرب العربي. إنّ الاحتفال بهذه الذكرى يكتسي هذه السنة أبعادا خاصّة، لأنّ المغرب العربي يشهد تحوّلات جذرية نأمل أن تؤدي إلى انتقال فعلي نحو بناء المغرب العربي المزدهر والديمقراطي والعادل. ولا يسعني في البداية إلاّ أن أحيي ثورة شعب تونس المجيدة التي رسمت مسارا للشعوب المغاربية والعربية من أجل الانتقال الديمقراطي وفرض سيادة الشعب. ونقف في هذه اللحظة إجلالا لأرواح الشهداء البررة الذين استشهدوا من أجل الثورة دفاعًا عن العزّة والكرامة والحرية. الأخوة والأخوات، حضرات الضيوف الكرام، إنّ الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي الذي بعث بالتوازي مع انبعاث اتحاد دول المغرب العربي لم يكن بقرار فوقي وإنّما كان تتويجا لنضالات جيل الرواد من النقابيين في منطقة المغرب العربي ومن واصلوا تحمّل الأمانة من الأجيال المتعاقبة. لقد تأسّس اتحادنا ليكون رافدًا ومساهمًا فعّالاً في بناء مغربنا العربي، ولقد وضعنا في الاتحاد قضايا الاندماج المغاربي وتفعيل دور المجتمع المدني ضمن أولوياتنا ومن بين المحاور الأساسية لعملنا. وقد تقبّلت الحركة النقابية بكل اهتمام ميلاد المغرب العربي الكبير باعتباره تجسيما لطموحات شعوب المغرب في بناء منطقة موحدة. وظنّت شعوبنا على إثر ميلاد اتحاد المغرب العربي أنّ آفاقًا جديدة قد فتحت في وجه العلاقات المغاربية. إلاّ أنّه سرعان ما اصطدم الرأي العام المغاربي بخيبة أمل بعد أن أصيبت مؤسسات الاتحاد المغاربي بالشلل منذ أواسط التسعينات. الأخوة والأخوات، حضرات الضيوف الكرام، لقد أثبتت التجارب المريرة التي شهدتها منطقتنا المغاربية أنّ الاصلاحات الاقتصادية العميقة لا يمكن أن تتحقّق إلاّ بالصمود أمام الضغوطات الخارجية والمصاعب الداخلية. هذه الاصلاحات لا تتحقّق إلاّ بفرض التغيّرات الجذرية التي تقطع مع الدكتاتوريّة والانفراد بالرأي وقمع الحريّات وبإقرار الحريّات العامة كحريّة التعبير والصحافة والتنظم وبناء المؤسسات الديمقراطية والمستقلّة التي تيسّر المشاركة الشعبيّة. إنّ شعوب منطقة المغرب العربي تواجه اليوم لحظة تاريخيّة صعبة تتمثّل في النضال من أجل التحرّر والاستقلالية وكسب كل مقومات المواطنة الحقيقية عبر انتخابات نزيهة وبناء سلط جديدة قوامها القضاء المستقل والاعلام الحرّ ومؤسسات تشريعية ممثّلة تخدم مصالح الشعوب المغاربية. لذا لابدّ من التنسيق مع مختلف مكوّنات المجتمع المدني من أجل تعزيز التحولات الديمقراطية والدفاع عن الحريّات النقابية والمدنيّة واحترام حقوق الانسان وهو ما يستوجب تعزيز نقاط الالتقاء بين الأطراف المدنية لدفع الحوار الاجتماعي والمدني والسياسي وتعزيز قدرة مكونات المجتمع المدني على التأثير في مجمل مسارات التعاون بين مختلف مكونات الفضاء المغاربي. حضرات الأخوة والأخوات، هذه بعض الخواطر التي تفرض نفسها في مثل هذا اللقاء الذي دعونا إليه ثلّة من المحاضرين الذين واكبوا مسيرة اتحاد المغرب العربي كما نأمل أن المداخلات التي ستقدم ستكون نقطة انطلاق لحوار بناء يهدف إلى إنارة السبل للمضي نحو تحقيق فضاء مغاربي ديمقراطي يسوده العدل الاجتماعي والمساواة والرقي الاقتصادي.