تحتفل الطبقة الشغيلة المغاربية يوم 7 ديسمبر 2012 بمرور ثلاثة وعشرين سنة على تأسيس منظمتهم النقابية المغاربية، الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي، وجاء ميلاد هذه المنظمة النقابية الاقليمية تجسيدا لحلم تاريخي طالما رواد جيل الأوائل من المناضلين في اقطارنا المغاربية. وتتزامن هذه المناسبة العزيزة مع الذكرى الستين لاغتيال الزعيم النقابي المغاربي الشهيد فرحات حشاد، وبهذه المناسبة، فان الامانة العامة تعرب عن مشاعر الوفاء والعرفان بالجميل لفقيد الحركة النقابية المغاربية، اعتبارا لما بذله من جليل التضحيات في سبيلا استقلال تونس والأقطار المغاربية ولدوره في اذكاء شعلة التضامن المغاربي وكسب التأييد العالمي لحركات التحرر بالمغرب العربي، ولتوقفه في جعل الكفاح الاجتماعي رافدا اساسيا من روافد مقاومة الاستعمار بشمال افريقيا. وفي غمرة احياء هذه الذكرى العظيمة، فان الامانة العامة تستحضر تلك المواجهات الدامية والمظاهرات العمالية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء فور الاعلان عن اغتيال الزعيم فرحات حشاد، وهي ترجمة صريحة ومعبرة عن التضامن المغاربي، وعن الترابط الثقافي والتاريخي بين شعوب المغرب العربي. ومنذ نشأته وضع الاتحاد النقابي المغاربي كامل ثقله للاسهام في انجاز المشروع المغاربي ونجح في توحيد الصف العمالي المغاربي من خلال ارساء أجواء طيبة بين الاشقاء النقابيين المغاربيين واقامة الندوات والمؤتمرات ومختلف التظاهرات المشتركة في مناخ من التعاون والتضامن الأخوي، فكان اتحادنا على مدى العقدين الماضيين مثالا للعمل الوحدوي الناجح، غير ان تعثر البناء المغاربي منذ أواسط التسعينات بسبب السياسات القطرية الضيقة والخلافات الجانبية وعدم جاهزية الحكومات للارتقاء الى مستوى الرهان الاقليمي أدى الى تراجع الحماس الشعبي وفتور النوايا الحسنة وانكماش المجتمع المدني بما أهدر فرصة تاريخية لتحقيق المشروع المغاربي. لقد تأسس الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي في السنة ذاتها التي شهدت بعث اتحاد دول المغرب العربي، وهو تزامن يؤكد تفاعل الحركة النقابية المغاربية مع الاهداف التي رسمتها الدول المغاربية في معاهدة مراكش الوحدوية كما يعكس التزامها بالخيار المغاربي وحرصها على تحويله الى واقع ملموس من خلال اسراعها بتوحيد النقابات المغاربية ايمانا منها بأن وحدة العمال المغاربيين هي رافد اساسي لوحدة الشعوب والاقطار المغاربية. ان الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي وهو يحيي الذكرى الثالثة والعشرين لتأسيسه يحمّل الحكومات المغاربية مسؤولية الاخفاق في انجاز مشروع الوحدة المغاربية كما يغتنم هذه المناسبة ليتوجه بنداء ملحّ الى كافة القوى الحية بالمنطقة المغاربية لانقاذ المشروع المغاربي من الانهيار والاسراع بإحياء مسيرة البناء المغاربي بما يعيد الامل الى عمالنا وشعوبنا وخاصة الى شبابنا المغاربي الذي تتقاذفه أمواج الهجرة السرية وإغراءات التطرف والانغلاق وهو في حاجة ماسة اليوم الى حلم كبير يستوعب طموحاته الواسعة ويوجه طاقاته الجامعة نحو بناء فضاء اقليمي يضمن له المواطنة ويوفر له امكانيات العيش الكريم في كنف الحرية والاستقرار الاجتماعي والرقي الحضاري. ووعيا منها بالكلفة الباهضة التي تتحملها شعوبنا بسبب تعطل مشروع الاندماج المغاربي فان الامانة العامة للاتحاد النقابي لعمال المغربي العربي تدعو الدول المغاربية الى الوعي العميق بجسامة التحديات المحدقة بمنطقتنا في ظل تسارع نسق العولمة والأزمة الاقتصادية العالمية وذلك بالاسراع بعقد مجلس رئاسة اتحاد المغرب العربي وتنشيط المؤسسات والهيئات الاقليمية والشروع في تنفيذ الاتفاقيات المشتركة وتحيينها ووضع رزنامة تكرّس الوحدة المغاربية في أقرب الآجال. ان الامانة العامة تجدد دعوتها الى احداث مجلس اقتصادي واجتماعي مغاربي بوصفه المنبر الملائك لخوض حوار اقليمي بين أطراف الانتاج حول مستقبل التنمية بالمغرب العربي، كما تطالب بضرورة تشريكها في مختلف الاجتماعات ذات العلاقة بالشأن الاجتماعي والاقتصادي بهياكل اتحاد دول المغرب العربي. وإذ تهنئ الامانة العامة عمال المغرب العربي وكافة النقابيين المغاربيين بذكرى تأسيس اتحادهم الاقليمي وتشيد بدورهم الحيوي في بناء التنمية وبنضالاتهم في سبيل ترسيخ الحقوق النقابية والحريات الديمقراطية، فانها تجدد تأكيدها على أن قيام المغرب العربي الكبير هو الرد على تحديات العولمة ومعضلات التنمية وهو الخيار الحضاري الأسلم لتعزيز قيم الحداثة وبناء هوية مغاربية متوازنة وحماية شبابنا وعمالنا من التهميش في اطار تجمع اقليمي مزدهر وديمقراطي. كما تدعو الامانة العامة كافة قوى التقدم والحرية في العالم وفي طليعتها الحركة النقابية العالمية الى تكثيف نضالها من اجل اقامة سلام عادل بمنطقة الشرق الاوسط يضمن حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وينهي احتلال أراضي سوريا ولبنان ويوفر الشروط الضرورية لدعم التنمية والبناء الديمقراطي بالمنطقة العربية، كما تتقدم الامانة العامة للشعب الفلسطيني بالتهنئة اثر التصويت لصالح فلسطين بمنحها صفة دولة مراقب بالأمم المتحدة وهي النتيجة الطبيعية لتراكم نضالات هذا الشعب الأبي. عاشت وحدة الحركة النقابية المغربية. عاش المغرب العربي مزدهرا ديمقراطيا وموحّدا.