كنا نعتقد ونحن في عصر التسلط والقمع السياسي ان مسألة الحجاب هي مسألة غير مرغوب فيها من الناحية السياسية، وأقصد بذلك سياسة »الزعيم بن علي« وان النظرة الدونية للمرأة المحجبة في تونس هي مسألة وقت ونظام ومن الممكن تجاوزها. وأنا بهذا الموقف لا أرمي الى نشر الحجاب، لأنه في نظري يظل موقفا شخصيّا وقرارا ذاتيا بعيدا عن كل المعطيات الواردة. ولكننا ان كنا قد اطحنا بالظلم والاستبداد، وبالنظام الفاشل وتصورنا ان الوقت قد حان لا فقط للحرية السياسية وبالمساواة الاجتماعية وانما كذلك للتمتع بالاستقلالية والحريات الذاتية والفكرية، فإن ما هو وارد وما هو حاصل على عكس ما كنا نفكر به ونصبو إليه. ويعود ذلك الى التفكير الاجتماعي المنغلق بشأن الحجاب والمرأة المحجبة اصبح اكثر تعقيدا واصبحت النظرة الموجهة اليها أكثر تدينا وأشد تخوفا من ذي قبل. فكانما استطاع عهد بن علي ان يزرع في عقول البعض نزعة العنصرية تجاه المرأة المحجبة، طوال فترة استعماره لتونس، وان يرسخ داخلهم مبدأ رفض لها عنصرا فاعلا في المجتمع حتى بعد سقوط حكمه ونظامه. وهذه العقليات المترسخة. لا أظن انه من السهل تجاوزها ولكن لا بأس لو حاولنا التواصل وفرضنا الاحترام، وان نلتحم ونتحد من أجل انجاح الثورة لأن ثورة 14 جانفي إن تحققت فهي لم تنجح بعد ومن المفروض لو نحاول تجاوز هذه الخلفيات والعقلية البسيطة التي تحث على الفتنة والتأويل وذلك واجب من واجبات كل تونسي بعيدا عن التحزب وعن كل المذاهب والأفكار والمعتقدات.