للذين حملتهم أقدارهم وهمجية بوليس الدولة إلى بناية في شارع الحسين بوزيان وصعدوا السلم معصوبى العينين..للذين وصلوا للطابق الثالث حيث الضيافة وكرم الأخلاق وحسن التربية..للذين استقبلتهم جحافل الجلادين كل يمارس اختصاصه البهيمى في نزع الادباش وممارسة ذكورية يفتقدها في الشارع والبيت..للذين علقوا على وضع الدجاح وصاحوا من شدة الألم والغبن والوجع الوطنى.. للذين سمعوا افضع ما قيل بالعربية من نعوت وتجريح في الأم والأخت والزوجة..للذين مورس عليهم التعذيب الحكومى باسم الوحدة القومية في زمن بورقيبة و باسم التحول في زمن الطاغية المخلوع.. للذين ذاقوا الويلات دون رحمة أو شفقة أو إحساس بالذنب أو صحوة ضمير..للذين قبرتهم إدارة امن الحكومات المتعاقبة على الوطن في زنزانات سوداء في القبو السفلي لوزارة الداخلية لا يرون الشمس . الأيام تطول والأشهر لا تنتهى...للذين حملوا الى نعسان ليمارس عليهم جندرمة بورقيبة وبن علي فحولتهم الوهمية..للذين ضربوا وكمّموا وعنّفوا وشتموا وعلّقوا وأهينوا وعذبوا من اجل كلمة حق في حاكم الباطل والسرقة والقهر والعسف...لكل الرجال والنساء من اشرف ما ولدت أمهات تونس... لدليلة وعائشة وفوزية وراضية وليلى وعفاف وبهيجة...لنورالدين وجيلبار وكرعود وحمة والكيلانى وسمير ومحمد صالح والصادق وفتحي....لكل الرجال والنساء الذين مروا من هناك من الطابق الثالث تحية ثورية من الأعماق في هذا اليوم الرائع الذي أعلن فيه رسميا الانصياع لطلب ثوار 14 جانفى بإلغاء مديرية امن الرؤساء والطغاة والمستبدين والظالمين والقردة...