كلنا نعرف المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا، وكلنا على علم بما يجري هذه الايام في مختلف المدن والقرى وكلنا عشنا نهاية اسبوع رهيبة ومرعبة (الجمعة السبت والأحد 25 و 26 و 27 فيفري 2011). وكنت كتبت بتاريخ 2 فيفري 2011 مقالا مطوّلا جاء فيه: »ان الميليشيات المأجورة هي في انتظار الهدوء النسبي بالبلاد لممارسة غاية دنيئة، وهي زعزعة استقرار البلاد وامتصاص ما تبقى من دماء الشعب. انهم في انتظار ان تعود الحياة الى طبيعتها لنسف الثورة الشعبية النموذجية، فالحذر كل الحذر من هؤلاء...« وحدث ما توقعته فالحذر كل الحذر يا وزير الرياضة ويا وزير الثقافة... أنادي بأعلى صوتي وأناشدكما لا لكرة القدم... لا للمهرجانات ان هذه العصابات المأجورة وتلك الميليشيات في انتظار العودة... العودة الى الملاعب، والعودة الى المسارح، انهم ينتظرون على أحر من الجمر كل تجمع ليشعلوا النار، اذ يكفي ان يجدوا تجمعا مهما كان نوعه ومكانه ليندسوا فيه، ليعودوا الى ما قاموا به أخيرا وها انكما عشتما مع الناس ما وقع من تخريب وحرق ونهب وتقتيل وكل ذلك في الشارع ومع وجود رجال الأمن والحرس الوطني والجيش، فما بالك بتفطنهم الى العودة الى الملاعب والمسارح فان كنتما تريدان الخير لتونس يا وزيري الرياضة والثقافة الغيا مباريات بقية الموسم ولا للمهرجانات الرسمية أو الودية، ولا شك في انك علمت يا وزير الرياضة بما وقع اثر تتويج المنتخب الوطني في كأس »الشان« لقد غادروا المقاهي والبيوت لتنفلت القاطرة من جديد وتعود الاحداث الدامية والعنيفة وتعود حالة التدافع في اتجاه الفوضى بدعوى الاحتفال بالتتويج وغايتهم في ذلك دنيئة فلا يهم هؤلاء فوز المنتخب الوطني لكرة القدم، بل ان الذي يهمهم وهو همهم الوحيد هو الاحتقان والعنف... ان الحياة المدرسية لم تعد الى طبيعتها وكلنا نخاف وخوفنا في محله من ان تكون السنة الدراسية اannée blancheب للأولياء والمربّبن والتلاميذ والطلبة فما بالك بالموسم الرياضي لكرة القدم الذي لم نعش سوى العنف داخل الملاعب. كان ذلك قبل ثورة 14 جانفي فما بالك من بعد الثورة... انهم في الانتظار يا وزير الرياضة... وانت يا وزير الثقافة في الحكومة المؤقتة، أؤكد لك ان المسارح والفضاءات الثقافية ستتحول الى جحيم في صورة انطلاق المهرجانات. لقد بلغني يا ويز الثقافة ان وزارة الثقافة والمحافظة على التراث كذبت الأخبار الرائجة التي مفاهدا إلغاء المهرجانات... وها هو أحد الفنانين التونسيين، وهو فنان كبير معروف يصرح لإحدى الصحف قائلا: »إننا اليوم في حاجة الى بلدنا وبلدنا في حاجة إلينا... ولسنا في حاجة الى المهرجنات...« صرح بذلك هذا الفنان لأنه يعي ما يقول رغم انه سيكون من الخاسرين ماديا. ان المهرجانات والمباريات في صيغتها الحالية ليست معقولة وكل ذلك يتطلب دراسة عميقة، ذلك ان الثورة قامت ايضا على الثقافة والرياضة البائدتين فلابد اذن من القطع مع السلبيات واعادة النظر في المستقبل، فلا تتركا الشعب يدفع ضريبة ثورته النموذجية. ان العصابات والميليشيات المأجورة في انتظار فتح ابواب الملاعب والمسارح ليقولوا لنا : »عليّ وعلى أعدائي«. فالحذر كل الحذر ان نوفر لهؤلاء الفرصة يا وزيريْ الرياضة والثقافة في الحكومة المؤقتة.. ولكم سديد النظر.