تقتضي الحركة الثورية الظافرة للشعب التونسي دستورا جديدا تمام الجدة لأن الحالة الثورية التي تعيشها بلادنا هي حالة تأسيسية عميقة ليس فيها من الانتقالية سوى مجرد النعت على اعتبار أن الانتقال إلى الديمقراطية تم تكريسه بعدُ خيارًا إصلاحيًّا لبراليًّا محافظًا وتابعًا. فماذا يستلزم تأسيس الديمقراطية؟ يستلزم ذلك سلطة تأسيسية مطلقة تنبني على ديمقراطية مطلقة تكرس الانتخاب الحقيقي غير الصوري وتكرس مفهوم المشترك الثوري الديمقراطي بدلا عن مفهوم الوفاق العام النسبي الذي قد لا يفيد تماما من جهة إمكانية تكريسه مرة أخرى لنوع ما من الالتفاف السياسي والمدني والاجتماعي والنخبوي على عموم جماهير شعبنا. ما هو المجلس الوطني التأسيسي؟ المجلس الوطني التأسيسي هو السلطة التأسيسية المطلقة الأولى والأصلية والضرورية. وهو، بما هو سلطة ثورية، بمثابة سلطة الشعب المؤسِسة التأسيسية والتشريعية والتسييرية العليا. ولذلك تحديدا نقول انه يجسد الديمقراطية الأصلية الأولى أو الديمقراطية المطلقة بما هي كما قلنا أعلاه اقتدار وقوة مشترك فعلي وحقيقي وواقعي سياسي واجتماعي ومدني وحضاري جمهوري لعموم جماهير شعبنا. هو إذن من حيث المبدأ مبدأُ وأساسُ الشرعية والمشروعية والأمين الوحيد على وضع الدستور الجديد الجديد روحا ومادة وعليه أن يستمد كل هذا من الطاقات الفعالة والقوى الثورية الجديدة التي ولّدت هذا الوضع واستماتت وتستميت في فرضه حتى النهاية بكلّ ومنتهى التضحيات قطعا قاطعا مع الدكتاتورية واللاشرعيّة واللامشروعيّة الدستورية السابقة والقديمة. يُنتخب المجلس التأسيسي انتخابا شفافا وحرا ونزيهًا ومباشرًا على قاعدة قانون انتخابي استثنائي وجامع أقرب وأكثر ما يكون التزاما بحرية الترشح وحرية الانتخاب بلا إقصاء وبإشراف هيئة حكيمة من الشخصيات الوطنية الاعتبارية التي لا علاقة لها بأي استحقاق انتخابي لاحق وبمراقبة مشتركة بينها وبين لجنة أممية من الشخصيات المشهود لها دوليا وتاريخيا بالانحياز الكامل إلى سيادة الشعوب وحقها في المقاومة وفي تقرير مصيرها بنفسها. آلية انتخاب المجلس الوطني التأسيسي وتكوينه: يفضل أن يخضع انتخاب المجلس الوطني التأسيسي إلى: 1) تخصيص مقعد واحد لكل عائلة من عائلات الشهداء يتم اختيارهم من هؤلاء أنفسهم ولا يكون قابلا للنقاش على اعتبار انه لا حق فوق حق الشهداء ولا روح ولا مادة لأي دستور جديد دونهم وذلك على مستوى مصداقية النضال السياسي والاجتماعي. وعلى ذلك فإنّ قاعدة الثلاثة أرباع (4/3) لا بد أن تكون معتمدة في الاتفاق على كل فصل من فصول الدستور وعلى اعتبار أن عدد ممثلي الشهداء هي القاعدة النسبية الأصلية والضرورية لأي نوع من أنواع التمثيل النسبي وعلى اعتبار أن هذا الدستور الجديد هو دستور جماهير الشعب ومن أجل جماهيرالشعب وفاء لتضحيات هذه الجماهير من أجل الشهداء بالذات وتلك هي الضمانة الوحيدة على الرّضى الشعبي العام المأمول وعلى احترام الشعب والدستور الجديد والمجلس التأسيسي نفسه. 2) إخضاع قائمات الأحزاب إلى الانتخاب العام على أن لا يتجاوز عددهم خمس العدد الجملي لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي. 3) يخصص خمس عدد المقاعد للجمعيات والمنظمات على قاعدة الانتخابات القطاعية. 4) يخصص الخمس المتبقي لانتخاب ممثلي الولايات المستقلّين بنسبة أربعة (4) مقاعد لكل ولاية. الآليات العامة لإقرار الدستور الجديد: أولا: مبدأ الموافقة بالأغلبية المطلقة بالاستفتاء بنعم أو لا لتكريس مبدأ الوفاق الأوسع الأعم الأفقي والعَرْضي (من الأعلى إلى الأسفل ومن الأسفل إلى الأعلى بعبارات أقل دقة) ومن ثمة المرور مباشرة إلى الانتخابات الأولى مهما كان نوعها عملا بروح الدستور الجديد. ثانيا: مبدأ المصادقة البرلمانية (البرلمان الجديد طبعًا) بالأغلبية المطلقة عبر الاقتراع الحر والمباشر والسري مع التداول العلني والمباشر حول الفصول التي أفتت فيها نسبة من الشعب ب »لا« شرط أن تخضع إلى قاعدة التفاضل السلبي (عدد ال »لاّ« من الأكثر إلى الأقل) ويكون عدد الرافضين لتلك الفصول مساويا ل 500 صوت أو أكثر من عدد أعضاء المجلس التأسيسي. ثالثا: مبدأ إعادة الاستفتاء العام عبر عرض مقترح الدستور الجديد المعدل نسبيا وإخضاع إقراره النهائي إلى قاعدة الإجماع شبه الكامل أو الكامل عبر الإلزام النهائي أي قبول الناخب بالنتيجة الأولى لانتخاب المجلس التأسيسي وانتخاب ممثلي الشعب البرلمانيين عدا في صورة عودتنا إلى حالة ثالثة أخرى أو رابعة ثورية-ثورية يطالب فيها الشعب بإسقاط الرئيس إذا كان رئيسا أو بإسقاط الحكومة أو بإسقاط البرلمان إذا ثبت إقصاء تعسّفيّ لطرف ما أو طُعن طعنا واثقا في نتيجة أيّ من الانتخابات أو الاستفتاءات باعتبار انتخابات المجلس التأسيسي نفسه. رابعا: إذا تم رفض أكثر من نصف فصول الدستور الجديد بنسبة 500 صوت أو أكثر لكل فصل ففي هذه الحالة الرابعة يتم انتخاب حكومة شرعية (في حالة الاتجاه نحو النظام البرلماني التونسي طبعا) تتعهد بتفويض برلمان الظل لتعديل ما فشل فيه المجلس التأسيسي والبرلمان وذلك دون تعطيل عمل الحكومة أو عمل البرلمان وإعادة النظر في مدة زمنية محدودة ومحددة في الفصول التي لم تنل رضى أقلية من الشعب لا يمثلها أحد أو ترفض شكل التمثيل أو أن ينوبها أي كان وذلك بمعية المعنيين بهذا الأمر مباشرة. وفي أقصى حالات استمرار الشقاق وعدم القبول بمبدأ المشترك (في معنى الأغلبية وفي معنى الوفاق وفي معنى الإجماع) من البداية إلى النهاية ينْضمُّ هؤلاء إلى برلمان الظل مباشرة دون إخضاعهم إلى الانتخاب. ❊ أعقبنا هذا النص بنصين هما: »من يخاف من الشهداء«؟ و»ما المقصود بعائلات الشهداء«؟ يمكن قراءتهما على شبكة الانترنيت في الحوار المتمدن وعلى صفحة الفايسبوك« المجلس الوطني التأسيسي. ❊ وأمّا مسألة الشباب والنساء فإننا نعتقد أنّها شأن يخص المنظمات والأحزاب التي لا بدّ أن تكون لها تمثيلية محترمة ولائقة بتضحياتهما الكبيرة في النضال ضدّ الدكتاتورية. ❊ كما أنّه يمكن تخصيص نصف الخُمس المتعلّق بالمجتمع المدني للترشحات الفرديّة المستقلّة أو سدس خاص بهم.