من الشعارات المرفوعة في ثورة شباب تونس.. القطع مع الماضي فإذا كان البعض يرمز إلى الماضي ببعض العبارات من قبيل »العهد الجديد« و»التحوّل المبارك« والذي احتل من السلم الزمني 23 سنة، فإن الماضي في بعض المناطق ومنطقة »رزيق البرانية« احداها يتجاوز ذلك بكثير فهو يمتد لخمسٍ وخمسين سنةً. ففي سنة 1956 سلم البعض من مقاومي المنطقة اسلحتهم اثر الاوامر الصّادرة من القادة السياسيين واستبشروا خيرا فمستقبل تونس سيكون بين ايدي ابنائها وقد زادهم تاريخهم السياسي والنضالي المجيد حماسًا وايمانًا بدولة الاستقلال في سنة 1936 استضافت المنطقة نخبة من زعماء الحركة الوطنية وفي مقدّمتهم الزعيم صالح بن يوسف ومحمود الماطري وعلي البلهوان وساهمت في صلب الحزب الحرّ الدستوري الجديد في النضال الوطني. وسنة 1948 تطوع ثمانية من مناضلي المنطقة في حرب الصهاينة في فلسطين. كما ساهم عشرة من المناضلين في حرب الجلاء في معركة بنزرت، الا ان انضمامهم إلى جانب الزعيم الوطني صالح بن يوسف في الامانة العامة اصبحوا خصوما سياسيين للزعيم الحبيب بوقيبة وعاشوا طيلة حكمه الاقصاء والظلم والتهميش والفقر والبطالة والعزلة والركود مما جعل عديد العائلات تهاجر وتنامت ظاهرة النزوح. ومع اندلاع ثورة 14 جانفي سارعت المنطقة الى احتضانها فهم أولى بها فهي تحمل آمالهم واصبحوا حرّاسا لها بعد ان اسّسُوا لجنة لحمايتها فهي طريقهم للتخلص من الظلم والقهر والحرمان طيلة خمس وخمسين سنة عاشوها خارج دائرة التنمية.